يعود تاريخ المطارات العراقية الى ثلاثينيات القرن الماضي وتحديدا عام 1933 تاريخ أنشاء أول مطار مدني في العاصمة بغداد وكان من أروع ثلاث مطارات في العالم من حيث السعة والكفاءة والتجهيزات وكانت وزارة النقل والمواصلات هي الجهة القطاعية المسؤولة عن ادارة المطار لفترة من الزمن الى أن انتقلت عائديتها الى وزارة الدفاع , وبعد خمس سنوات على فتح هذا المطار والذي كان يسمى ” مطارغرب بغداد ” أنشأ مطار دولي اخر في مدينة البصرة الجنوبية ” مطار المعقل ” الذي كان يقدم خدماته للمسافرين العراقيين والعرب القادمين من الخليج , وتمر السنين وصولا الى ثمانينات القرن المنصرم حيث تم افتتاح مطار” بغداد الدولي ” الذي يعد من أكبر مطارات العراق حاليا من حيث السعة الاستيعابية للمسافرين والطائرات وصمم بقدرة استيعابية قدرها 7.5 مليون مسافر سنويا وذو استخدام مزدوج (مدني وعسكري ) بالاضافة الى فتح مطاري البصرة والموصل , أما المطارات الحديثة التي افتتحت بعد 2003 فهي مطارات أربيل والسليمانية في اقليم كردستان بالاضافة الى مطار النجف الذي افتتح عام 2008 علما أن هناك مطاريين استثماريين في طور التاهيل والتحضير للتشغيل خلال الاشهر القادمة وهما مطاري كركوك والناصرية .
لقد كانت أدارة المطارات العراقية قبل عام 2003 تتبع وزارة النقل كجهة قطاعية مخولة بادارة تشغيل هذه المطارات ولكن تحت أشراف ومراقبة المنشأة العامة للطيران المدني , واستمر هذا الحال لما بعد عام 2003 فيما يخص المطارات (بغداد , البصرة , الموصل ) في حين كانت المطارات في كردستان تعود عائديتها الى حكومة الاقليم فمطار السليمانية عائديته القطاعية تعود الى وزارة النقل فيها وكذا مطار اربيل , أما فيما يخص مطار النجف فهو يعود الى مجلس المحافظة , وبعد صدور قرار فصل سلطة الطيران المدني عن وزارة النقل عام 2018 اصبح موضوع الجهة القطاعية المسؤولة عن المطارات مبهم وتشوبه الكثير من الضبابية وعدم الوضوح في مرجعية هذا القطاع الحيوي ففي وقت تقول وزارة النقل من خلال كتبها الرسمية ان سلطة الطيران المدني هي الجهة القطاعية ( بمخالفة قانونية واضحة لقانون الطيران ) , ترد سلطة الطيران وتقول انها الجهة الرقابية على عمل المطار وليست جهة قطاعية للمطارات , وهو ماحاصل في مجمل المخاطبات الرسمية التي تخص المطار الاستثماري في كركوك الذي قاربت جميع اعمال التأهيل والبناء على الانتهاء بغياب واضح للسلطة وهي مخالفة واضحة لقانونها العام .
لقد ألزمت المنظمة الدولية للطيران المدني سلطات الطيران في الدول بقوانين ولوائح تخص صلاحيات وعمل سلطات الطيران في مطارات تلك الدولة فالملحق 14 من قانون الايكاو حدد مسؤولية السلطة بالاعمال الرقابية والاشرافية ومنح شهادات التشغيل لهذه المطارات بعد استيفائها للمتطلبات الواردة في نص الملحق وبما ان سلطة الطيران المدني العراقي ملتزمة بقوانين الايكاو فقد كان واضحا في قانونها العام 148 في 1974 اللائحة 12 منه الذي يحتوي على جميع تفاصيل الملحق أعلاه وبذلك تكون السلطة هي جهة رقابية وأشرافية فقط لجميع المطارات العاملة في العراق ولايصح أن تكون جهة قطاعية لاي منها .
أذن من هي الجهة القطاعية المسؤولة عن تنظيم اعمالها الادارية واللوجستية للمطارات في العراق ؟ خصوصا وان الفوضى التي حصلت بعد قرار الفصل جعلت المشهد يزداد ضبابية في هذا الموضوع , علما أن السبب الرئيسي هو تاخير تشكيل هيئة الطيران المدني العراقي أداريا وبقاءها كسلطة طيران تابعة الى مجلس الوزراء , في حين لو أن الهيئة تشكلت وفق سياق أداري صحيح سيتمكن من حل هذه الاشكالية باعتبارها الجهة المسؤولة عن تنظيم أعمال الطيران في العراق ومنها تشكيل شركة خاصة بالمطارات العراقية تكون تبعيتها الى وزارة النقل ( مبدئيا) وكما هو الحال في شركة الملاحة الجوية لحين تشكيل وزارة خاصة باعمال الطيران لتضم في تشكيلاتها اضافة الى سلطة الطيران شركات مساهمة للمطارات والملاحة الجوية والنقل الجوي بعيدا عن وزارة النقل التي اصبحت غير قادرة فنيا في ادارة خدمات الطيران العراقي والسبب عدم وجود المختصين في التشكيلة الادارية لوزارة النقل أضافة الى شبهات الفساد التي سادت جميع اعمال هذه الجهات الخدمية , مما زاد من مشاكل هذه الجهات سواء في النقل الجوي ومايعانية من حظر اوربي مستمر لاربع سنوات مضت , أو مايجري من مخاطبات رسمية تتنصل فيها الجهة الحكومية من تحمل المسؤولية في تنظيم عمل وأدارة المطارات الحكومية ومتابعة اعمال المطارات الاستثمارية الباقية ناهيك عن مشاكل عديدة تخص الخدمات الارضية ومكاتب حجز التذاكر وغيرها كل هذا يتحتم على الحكومة التي تسعى لتحقيق تنمية رصينة وناجحة أن تبدأ بانطلاقة كبيرة ورؤية مستقبلية تهدف الى التخطيط لانشاء وزارة طيران تضم فريق عمل كفوء ومتخصص باعمال الطيران تقوده شخصية قيادية وديناميكية خبيرة بهذا المجال الحيوي يعمل على أعادة تنظيم أعمال هذا القطاع فنيا وحسب اللوائح الدولية للوصول الى الريادة التي يطمح لها كل عراقي غيور على عراقيته.