فتاة صغيرة لم تتجاوز السنتين من عمرها لثلاثة أشقاء كبارا فقدت أبويها عند الصغر فتحت ذاكرتها على أخيها الأكبر وهو بمثابة الأب والأم والأخ لها كان قريبا لها لحنانه ورعايته واهتمامه لها وتعويضها عن فقدان الوالدين إنها ( وردة ) الطفلة المدللة عند أهلها كل شيء بمتناول يديها تعيش طفولتها مع أترابها في الحارة الصغيرة لقريتها البعيدة عن المدينة بريفها الجميل الرائع وأناسه الطيبين كان أقرب أترابها هو الطفل ( حسين ) الذي يكبرها بثلاث سنين وهو المميز لديها والقريب إلى نفسها من بين الآخرين كبرا معا والسنوات تجري بسرعة حتى دخلا المدرسة الابتدائية المختلطة مما زادها ارتباطا به أثناء الذهاب والعودة من المدرسة حتى افترقا في المرحلة الإعدادية أصبح لقائهما على حذر شديد ولقاءات متقطعة بين الحين والآخر على خوف من الأهل والأقرباء والجيران علما أن هذا الأمر تحت مرمى بصر أخيها الكبير الذي يراقبها عن كثب وبتوجيهاته السديدة والحنونة لها . إلا أن شاءت الأقدار أن يفترقا عن بعضهما للالتحاق بالكلية في أحدى جامعات المحافظات البعيدة عن قريته ( كلية التربية ) وأصبح ذهابه للقائه بوردة الحبيبة القديمة في العطل والمناسبات ليزداد الشوق ويتحول إلى أحساس بالحب من حيث لا يشعرون أمام هذه العاصفة من المشاعر الجميلة التي تربطهما . أن لأم ( حسين ) الدور في ترتيب اللقاءات بين الحبيبين عند مزرعتهما وبأشراف الأم وتحت أنظارها ورعايتها ليتسنى لأبنها الوحيد أن يقترب من حبيبته أكثر لأنها وجدت منها الفتاة المناسبة لأبنها ولها وزوجة له لحسبها ونسبها وأخلاقها وجمالها . أخذت ترتب الأمور شيئا فشيء لأنها قد اكتوت بنار الحب قديما مع والد حسين في شبابها الذي فقدته على غفلة من الزمن الغادر الذي خطف منها زوجها وهي شابة صغيرة في ريعان الشباب ووهج العشق والحب وأجواء الزواج السعيد حيث ألتحق زوجها بقافلة الشهداء في الحرب لتتولى تربيته في خضم صعاب الحياة القاسية لوحدها مع ذكرياتها وإدارة مزرعتها الصغيرة لكسب العيش . ودارت الأيام ومضت السنون وتغيرت الأحوال من حال إلى حال وفي السنة الدراسية التي سبقت التخرج يرى ( حسين ) قوة خارجية معاكسة لأرادته تميل لكفة فتاة جميلة من زميلاته في الكلية تتقرب إليه وتبدي إعجابها به وتقدمه إلى أهلها ذو المال والجاه والثروة وبتخطيط مبرمج استطاعت أن توقع ( حسين ) في شباكها وحبائلها ليصبح زوجا لها من حيث لا يدري أمام الواقع الذي أجبره على تناسي الأيام الخوالي والناس الذين تركهم في قلبه ومخيلته ودياره ( وردة ) الحبيبة والصديقة وزوجة المستقبل وقبل أن يلتقط أنفاسه كان قد دخل في شراك قفص الزوجية لكن هذا الزواج الذي أُسس على المصلحة ومن طرف واحد وهي زميلته التي وجدت فيه ضالتها المنشودة كونه الإنسان الذكي الطيب ذو الأخلاق العالية وبعد تحقيق حلمها في تأسيس أسرتها والوظيفة له كمعلم في أحدى المدارس إلا أن هذا القفص الزوجي لم يكن بالجمال الكافي الذي يشد إليه داخله وخارجه كان بعيدا عن السعادة لأنه خالي من الرابط العاطفي المتبادل والغالي من الذرية والحب الصادق والصافي .وبعد مرور سنين أفاق حسين من كابوسه الذي عاشه في كل لحظة وأرقه أستطاع بعدها أن يضع حدا لمعاناته في الحصول على الطلاق والهروب من جديد إلى حبه القديم الصافي منكسر الخاطر والنفس والمشاعر وهو يجد حبيبته قد أخذ منها الاشتياق مأخذا وبانت عليها مشاعر الحزن وتعب الليالي وسهدها ودموع العشق تملأ محاجرها كل ليلة باتت بعيدة عن حبيبها وهي تبلل أرضية وسادتها أستطاع ( حسين) أن يعيد عقارب الساعة إلى الاتجاه الصحيح وبشق الأنفس بإقناع أهل ( وردة ) ومع جمع من الخيرين من أهلها وأخوها الكبير أن يتوج حبهما من جديد بالزواج والسعادة