23 ديسمبر، 2024 7:10 ص

صفقات “الانتخابات الإيرانية” (3) .. التسوق السياسي يسقط بين الحزبية والشعبوية !

صفقات “الانتخابات الإيرانية” (3) .. التسوق السياسي يسقط بين الحزبية والشعبوية !

خاص : ترجمة – عبدالرحمن عبدالعظيم :

وبدأ الزخم الانتخابي داخل الواقع السياسي الإيراني يأخذ تفاعله المعهود من تصارعات وتفاهمات ومهادنات وصفقات بين القوتين الفاعلتين داخل المشهد الإيراني من إصلاحيون وأصوليون، عاقدين الآمال على دور أكثر تأثيرًا في المشهد الكلي عبر الظفر في الانتخابات المقبلة.. فحسب الاتفاق المبرم بين “مجلس صيانة الدستور” و”وزارة الداخلية”، فسوف تُعقد الانتخابات البرلمانية في دورتها الحادية عشر، والانتخابات النصفية لـ”مجلس خبراء القيادة”، بدورته الخامسة، يوم الجمعة الموافق 21 آذار/مارس 2020.

ونظرًا لما تضفيه الظروف الإقليمية والدولية الحالية، من اشتعال الصراع “الإيراني-الأميركي” وتصاعده بشكل شبه يومي وما تعكسه أحداثه من تبعات على دول المنطقة، على تلك الانتخابات الإيرانية المقبلة من أهمية؛ أرتأت (كتابات) رصد إرهاصاتها وتحليل قواها المحركة من داخل المشهد السياسي الإيراني…

آليات الشعوبية تختلف عن التحزب السياسي..

التحزب في أي مجتمع يتطلب تحويل مشاركة عامة الشعب إلى المشاركة الفعالة والمنظمة، وهذه مسألة حيوية في ضمان استمرار وتوزان النظام.

ويزداد الطلب على المشاركة السياسية نظرًا لأن الأجواء السياسية بالمجتمع تعاني عملية تحديث وتطوير متذبذبة، ومن البديهي أن تكون المشاركة السياسية مؤشرًا رئيسًا للتنمية السياسية. وبنظرة إجمالية على النظام السياسي للدولة الإيرانية سوف نلمس حقيقة أن الأحزاب لم تتبلور بالمعنى الحقيقي للكلمة؛ وإنما تنشط مؤقتًا بعض الفصائل السياسية تحت مسمى “الأحزاب” في فترات الانتخابات، ثم تنقطع الصلة الدقيقة والمعروفة بين نواب الأحزاب وهذه الأحزاب.

من ثم لو يٌقضى على عقبات التحزب وتشكلت الأحزاب بالمعني الصحيح للكلمة؛ فسوف ينعكس التأثير على تعبيد مسار التنمية السياسية والحد من الأخطاء الانتخابية. والمجتمع يحتاج الآن، أكثر من أي وقت مضى، إلى الحزبية، ويقولون إنهم يسعون بالتوازي مع قانون الدولة لدفع الفصائل السياسية إلى ذلك الإتجاه.

في غضون ذلك، فقد تابعنا بعض السلوكيات في الانتخابات السابقة التي تعوق مسار الدولة لتشكيل الأحزاب. والمثال الأبرز تلك الدعوات التي أطلقتها التيارات السياسية، خلال السنوات الماضية.

دعوة تطلب إلى عامة الشعب أن يضعوا أنفسهم موضع الاختيار بدون آليات حزبية والتهيئة التمهيدية. وبذلك سيطروا على الأجواء السياسية للدولة في ضوء إنعدام الأحزاب الواقعية، وأبعدوا الدولة عن مسار الحزبية. وفي هذا الصدد يقول، “كنعاني مقدم”، الناشط السياسي: “مثل هذه السلوكيات لم تساهم فقط في إقصاء الدولة عن المسار الحزبي؛ بل يمكن القول: هي سلوكيات مناهضة للحزبية والشعبوية”. بحسب صحيفة (المبادرة) الإيرانية الإصلاحية.

الدعاوى الانتخابية تتنافى والحزبية..

وللحديث عن شقي العملية الانتخابية؛ وهما الناخب والمنتخب، يضيف “كنعاني”: “مناقشة المشاركة الانتخابية يرتبط في الأساس؛ بإقبال الأغلبية الشعبية باعتبارهم، (ناخبين)، على صناديق الإقتراع.

من ثم عانينا دائمًا من مشكلة مع المنتخب. بعبارة أخرى عادةً ما يغلب الحديث، في المناقشات الانتخابية” عن المنتخب دون الناخب، وتحرص التيارات السياسية باستمرار على تحفيز الناخبين للمشاركة في الانتخابات.. وعادة ما تزداد دعوات المشاركة عندما لا يعتري أحد الرغبة في الترشح، وهو ما يعني أن عدد المرشحين قليل.

وفي هذا الصدد نعمل على تشجيع من يمتلكون القدرات والمقومات للترشح في الانتخابات. ونحن لا نواجه حاليًا مثل هذه المشكلة أو عجز في عدد المرشحين. لكن مؤخرًا يحرص عدد من السياسيين على تحفيز الشباب للترشح في الانتخابات، لهذا أطلقوا المواقع الإلكترونية وأصدروا البيانات ويدعون الشباب الطامح للترشح إلى تسجيل أسماءهم على هذه المواقع.

وهذا الأسلوب، في ذاته، لا يشوبه الخطأ، لكن في المقابل فإن كل الشروط المتوفرة حاليًا للترشح في الانتخابات تدور حول ما إذا كان الشاب يمتلك معايير الترشح أو ما إذا كنا نتطلع إلى برلمان كفء ؟.. وعليه فإن مجرد إقبال الشباب لا يمكن أن يعتبر معيار على البرلمان الكفء.

وتعليقًا على عدم طرح النشطاء والتيارات السياسية لآلية هكذا عملية، يقول “كنعاني مقدم”: “ثمة مرحلة؛ حيث نريد أن نمتلك في حديثنا عن الانتخابات تصورات عما لدينا. بمعنى أن نقوم بتقييم عناصرنا وما إذا كان بمقدورهم الترشح من عدمه. ثم تكون الدعوة وتقييمها، لكن إذا نريد إطلاق الدعوات للانتخابات فكأنما نتطلع إلى إجراء مسابقة نبحث خلالها عن الأكثر قوة وقدرة على الوصول أسرع لخطر النهاية”.

يتابع: “وهنا تجدر مراعاة المؤشرات، حيث يستطيع شخص قبل ثلاثين عامًا البطل الثاني المشاركة في هذه المسابقة باعتباره مخضرم، وربما لا يكون هكذا أمر مقبول في الأوساط الرياضية، لأننا نعلم أن هذا الشخص لا يمتلك المهارات التي تؤهله للوصول إلى خط النهاية قبل الآخرين. لكن الوضع مختلف بالنسبة للسياسة، لأن الخبرات والمسؤوليات المختلفة وكذلك الإلمام بالمسؤوليات التنفيذية من أهم الخصوصيات المطلوبة في المرشح الانتخابي. ولذلك من الخطأ أن نتصور أن مجرد الحداثة العمرية يكفي للترشح..”.

التربية الحزبية مختلفة..

موضحًا “كنعاني”: “ومن الطبيعي أن تساق التيارات السياسية إلى هذا الإتجاه؛ في ضوء عدم قيام النظام السياسي للدولة على النظام الحزبي. أي أن تركيز التيارات السياسية في المشهد السياسي ينصب على التسويق. لكن لو يكون النظام السياسي حزبي، حينها يمكن بناء الأفراد داخل الهيكل الحزبي وتمتد السنوات التي يطويها الشخص في المراحل الحزبية حتى يمتلك قابلية الترشح في الانتخابات ويدخل في مراحل متقدمة”.

وأضاف: “يوجد في البرلمان عدد من نشطاء التيارات الإصلاحية والأصولية، ترشحوا على القائمة بثقة، في حين لم تكن لهم أي سوابق سياسية. وهم بالحقيقة نتاج سلوكيات التسويق التي ذكرنا آنفًا. من ثم لابد من مراجعة هذه السلوكيات؛ بحيث لا يتم اختيار المرشحين من خلال المناقشات. وعليه لابد من طي المسار القانوني والهيكل في الترشيح للانتخابات. وهذه العملية تتناقض والحزبية في الدولة لأن التقييم يقوم في الغالب على الأوضاع؛ ولا يمكن تحديد المرشحين بهذه الطريقة. في رأيي نحن نحرص حاليًا على تحقيق أقصي حد من المشاركة الشعبية لا عن مرشحين. فإذا لم نتملك رغبة الترشح، يمكن تبرير هكذا مشكلة، لكن يبدو الطلب على عضوية البرلمان أكبر الطلب على الانتخابات”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة