19 ديسمبر، 2024 1:52 ص

وصف بغداد لعراقي من اصل امريكي

وصف بغداد لعراقي من اصل امريكي

اعمل الان بترجمة كتاب بعنوان struggle for baba gurgur (( الصراع من اجل بابا كركر)) للدكتور هنري استرجيان.لمؤسسة اعلامية .وسينشر بعد اكماله وهو لكاتب امريكي ضليع في شؤون العراق ومجتمعه سكن عائلته العراق بعد الاحتلال البريطاني في عشرينات القرن في مدينة كركوك وكان والده طبيبا .. وقد ولد الدكتور هنري في مدينة كركوك وعاش في العراق وحصل على الجنسية العراقية وغادر العراق في ستينات القرن الماضي الى الولايات المتحدة ويقول اولاده لحين موته كان يعتبر العراق وطنه احب العراق والعراقيين
وفي مؤلفه الذي اترجمه يصور المجتمع العراقي في ثلاثينات واربعينات القرن في ابهى صورته تكلم عن مجتمع بغداد ومستوى التطور في عقل وذهن العراقيين في تلك الفترة وتكلم عن جمالية ذوق العراقيين للفنون عندما تكلم عن معهد الفنون الجميلة وسأنزل الموضوعين على صفحتي بفصلين والموضوعين نبذة مختصرة اخترته من صفحات الكتاب الذي اقوم بترجمتها سابدا بها ببغداد وبعدها انزل الموضوع الذي يلي لاحقا ..
واراه هنا مناسبة لكي يقارن العراقيين الفرق بين امريكي ولد في العراق واحب العراق وشعبه وبين العراقيين الطائفيين الذين لاحدود وطنية عندهم هؤلاء الذين دمروا بغداد ولم يبقوا فيها معلم حضاري متمثل للرموز الحضارية في العراق ومآثره وحتى التماثيل التي تمثل المعالم الحضارية للعراق والتي لاعلاقة لها لابالاديان ولا بالمذاهب ازالوها لكونها تشير الى الحضارة العربية الاسلامية التي تنبذها ايران ولكون هذه الحضارة قضت على حضارتهم الزردشية الخسروية اضافة الى اعداد العدة من قبل عملاء ايران لتهجين الثقافة العراقية بالفارسية ..وليقارن هؤلاء انفسهم بهذا العراقي المسيحي الامريكي الاصل وبين الهجمة الطائفيين الكارهين لحضارة العراق ولكي لايشعر القارئ العزيز بالملل ابدا بكتابة الموضوع باقل من صفحة في كل مرة …………تحياتي

رغم الاضطرابات التي اثرت على جمالية العاصمة جاهد البغدايين لارجاع بغداد الى حالتها ونكتهتا القديمة ,,لقناعتهم ان احداث تموز كان انقلابا عسكرية وليست ثورة وان بغداد في رأيهم لم يتغير سوى رفع تمثال الملك فيصل الاول وتغيير النظام السياسي فبغداد يجب ان تبقى كما كانت ..وكأي مدينة كبيرة كان بغداد كموزائيك في تنوع المدن والقرى التابعة لها منتشرة على ضفاف دجلة والتي تحدد الجهة الشرقية منها حضارة بلاد ما بين النهرين (mesopotomia) التي اتت وذهبت وابقت بصماتها على ضفتي نهر دجلة ,,والجانب الشرقي من دجلة (الرصافة) كان اكثر تطورا ,,ويجب ان تكون كذلك لان اكثر المظاهر الحضارية البارزة للعباسيين بيت على هذا الجانب من بغداد القديمة ..من المساجد التاريخية القديمة واثار الدواوين ((المؤسسات )) التابعة للدولة في حضارتها العربية الاسلامية ففي جانب الكرخ نرى اطلال المستنصرية وبقايا اطلال تاريخية اخرى شاهدة على المجد والازدهار الحضاري لبغداد القديم قبل ان يدمرها هولاكو والسلاجقة الاتراك في القرن الثاني الميلادي …والتاريخ يحدثنا كيف قام هؤلاء الغزاة المتوحشون بتدير الجامعة المستنصرية ومكتبتها الضخمة ورموا مئات المخطوطات والكتب الثمينة في نهر دجلة وكانت هذه المخطوطات والكتب عصارة عقول لكبار العلماء الذين عرفهم التاريخ وبناة حضارة العرب في تلك القرون ..وكل هذه الكنوز العربية الثقافية اصبحت تطفوا على مياه نهر دجلة لايام وقد كان جرحا غائرا في جسم بغداد الحضارة لم يشفى ولم ترجع العلم والتطور كما كانت .
ان مناطق بغداد المكون لها تظهرها كبانوراما زاهية كالاعظمية والكاظمية والوزيرية وكوك نزر وعقد النصارى ومناطقها الاخرى وكل منطقة من هذه المناطق لها لونها ونكهتها وتقاليدها البغدادية تضفي على بغداد موزائيكا متنوعا لها جوانب فريدة من نوعها تعتبر موروثا لقيم وتراث لهذه المدينةالحضارية يراه الزائر من خلال حيث تبهره النقوش والكتابات في مساجدها وابنيتها القديمة الدالة على مستوى الذوق الفني لاهالي بغداد القدامى عبر التاريخ .

الجزء الثالث من مقتطفات ترجمتي لمؤلف الدكتور هنري ستراجيان العراقي الامريكي الاصل الذي ولد في العراق في عشرينات القرن الماضي وحصل على الجنسية العراقية احب العراق وشعبه… واولاده قالو لحين ما مات كان يعتبر العراق وطنه وهاجر الى امريكيا في ستينات القرن الماضي وقد تحدثت في الجزئين الاول والثاني ما كتبه المرحوم الدكتورهنري ستراجيان عن مجمع بغداد وكانه يتكلم عن مجتمع ينتمي اليهم
يقول الدكتور هنري :–
كانت التقاليد الاجتماعية للمناطق المكونة لبغداد عبر قرون لها حصوصيات نوعية وفريدة لثقافة اجتماعية تؤكد على قوة الرابطة الاسرية والالتزام بها وكانت هذه الصفة النواة لشيوع التقاليد والقيم البغدادية ذات النكهة الخاصة وعبر قرون وتشكل قوة الرابطة الاسرية البغدادية و الاساس في قوة الرابطة الاجتماعية للمنطقة والحارة ومثال على ذلك ان الشاب البغدادي يرى من واجبه الحفاظ على جيرانه ومنطقته من دخول الطفيليين والاغراب لغايات شريرة او لغرض مضايقة بنات الجيران والمنطقة حيث كان الشاب البغدادي يعتبرهن شرف وكرامة لكل المحلة والمنطقة والساكنين فيها… وكانت الروابط الاجتماعية من القوة في مجتمع بغداد بحيث كان البغدادي يرى الاهتمام بفقراء ومرضى منطقته من اولويات واجبه يستوجب القيام به ولايمكن ان يكون العوائل والافراد في المحلة والمنطقة ان يعيشوا منعزلين ..وكان الكل يساهمون في افراح واحزان الحارة وكأنهم عائلة واحدة ويحلون مصاعب ومعضلات ابناء الحارة وكانهم عائلة واحدة ..وكان اهل الحارة يحضرون حفلات الاعراس والخطوبة بدون ان يوجه اليهم دعوات ولم تكن هنالك دعوات رسمية في بغداد القديمة لانهم يعتبرون الحارة عائلة واحد لايستوجب ان يعاملوا بصيغ رسمية ..وفي حالات وفاة في المنطقة والحارة كان الحزن يعم الكل وينقلون المتوفي الى مثواه الاخير بشكل جماعي ويذكرون فضائله وحتى ان كانت قليلة متبعين وصايا النبي بعد ذكر سيئات الذين يواجهون الخالق ..يقومون بواجباتهم تجاه المتوفي ولا يهم ان كان محبوبا او غير محبوبا في حياته ولا يهم ان كان مسلما او مسيحيا ..سنيا او شيعيا فالكل يقولون(( ليرحمه الله)) وهذا اروع ما كان عليه اهل بغداد القديمة وكانوا قبهده الصفة كانو في اعلى مستوى في الالتزام بالدين …فعندما قتل مليشيات البعث اخي البالغ الثالثة والعشرون من العمر حضر مراسيم العزاء كل اهل المنطقة من المسلمين تقريبا ونحن عائلة مسيحية وقدموا لنا التعازي وقاموا بتلاوة ايات من القرآن فيها و بعض الاحاديث النبوية ليريحونا ويشعروننا بجدية مساهمتهم في حزننا ومصابنا ومن ناحية القيم العصرية ,,,كان بغداد مدينة عصرية تضاهي من المدن الغربية وخصوصا بعد دخول الثقافة والمدنية البريطانية ..ولاسف ان التغيير السياسي لم يبقى منها شيئا ,,فشارع الرشيد الشارع الرئيسي في بغداد لقرون عديدة والموازي لنهر دجلة الخالد تجري وتلتف لتجري وتمر من مختلف مناطق بغداد التي تشرف على هذا النهر التاريخي الذي هو الشاهد على حضارة العاصمة العتيقة ونمط الحياة الزاهية لمختلف العصور .
انني لااعرف طول شارع الرشيد ويحتمل ان يكون من خمسة الى سبعة اميال ولكنها كافية لتعطي صورة الحضارة والمدنية لقرون غابرة ففي النهاية الغربية منها كانت كلية الطب تاج الثقافة والتعليم في العراق ..وقد كانت سيارات الباص تنقلك الى ساحة باب المعظم المزدحة قبل ان تستمر ماشيا ال كلية القانون وكلية المعلمين والتجراة .

أحدث المقالات

أحدث المقالات