خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
نشرت صحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية؛ مقالًا تحليليًا للكاتب والمحلل الإسرائيلي، “يوسي بيلين”، تناول فيه التوتر القائم بين “طهران” و”واشنطن”؛ وموقف رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، الرافض للتفاوض مع “نظام الملالي” في “طهران”.
ويرى “بيلين” أن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، ربما سيتفاوض في النهاية مع “طهران”؛ وحينئذ سيتوجب على حكومة “تل أبيب” أن تتفاوض هي الأخرى معها.
إمكانية الحوار مع إيران بعد غياب “نتانياهو” عن المشهد !
يقول “بيلين”: قبل بضعة أيام نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) مقابلة نادرة مع الرئيس الإيراني السابق، “محمود أحمدي نجاد”، وعلَّق عليها رئيس الموساد الإسرائيلي السابق، “إفرايم هليفي”.
ومن بين الأسئلة التي وُجهت إلى “نجاد” – الذي كان يُعرف بخطاباته وتصريحاته التي تنم عن الكراهية الشديدة لـ”الولايات المتحدة الأميركية” و”إسرائيل” – سؤالًا عن المساعي المبذولة لإيجاد حل للنزاع “الإسرائيلي-الفلسطيني”، فأجاب بالقول دون أي تردد، إن أي اتفاق يتوصل إليه الطرفان سيلقى القبول من جانب “إيران”.
وبحسب المحلل الإسرائيلي؛ فإن هذا الرد يمثل في حقيقة الأمر موقف “إيران” التقليدي منذ سنوات عديدة، لكن الإدلاء بمثل هذا الرد، وبمثل تلك اللامبالاة، من جانب أحد ألدّ أعداء “إسرائيل”، لا يعني تصديقه لأول وهلة. ولكن في المقابل يجب على “إسرائيل” أن تأخذ في حُسبانها خيار الحوار مع “إيران”.
غير أن مثل ذلك الحوار لن يتم على يد رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، “بنيامين نتانياهو”، لكن إذا لم يتمكن من البقاء في السلطة، بعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، فمن المهم ألا يتمسك من سيخلفه في المنصب بالسياسة الرافضة للتفاوض مع “إيران”، بل ينبغي عليه بحث كل الخيارات المتاحة أمام “إسرائيل”.
قد تأتي المفاجأة من “ترامب” !
يوضح “بيلين”؛ أن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، يتبنى سياسة يمكن أن تؤدي في النهاية إما إلى استئناف الحوار مع “إيران” وإجراء مفاوضات جادة بين “واشنطن” و”طهران”، وإما إلى صدام عنيف قد يُخلِّف الكثير من الضحايا.
وحتى الآن فإن كل طرف يفحص مدى قوة أعصاب الطرف الآخر، وربما تأتي المفاجأة من جانب الرئيس الأميركي، “ترامب”، الذي أصبح مُغرمًا برئيس كوريا الشمالية، “كيم جونغ-أون”، رغم أنه شخص غريب الأطوار. وها هو الرئيس، “ترامب”، يدعو إلى إجراء مفاوضات مع الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، وربما سيجد نفسه بالفعل في خضم مثل هذا الحوار، إذا ما تم الاتفاق على شروط الشروع فيه. حينئذ سيكون من الخطأ أن تظل “إسرائيل” خارج إطار التفاوض.
بالنسبة لإسرائيل.. إيران مُختلفة عن الدول العربية !
يشير الكاتب الإسرائيلي إلى أن التعامل مع “إيران” يجب أن يكون مختلفًا عن التعامل مع الدول العربية، لأن “إسرائيل” كانت تربطها في الماضي علاقات جيدة وإيجابية مع الدولة الفارسية، إلى أن اندلعت “الثورة الإيرانية الإسلامية”، عام 1979، وجاء نظام “الخُميني”.
صحيح أن الشعب الإيراني الحالي ليس هو نفسه الذي كان موجودًا من قَبْل، لكن العلاقات الودية السابقة، تعني عدم استحالة عودة علاقات الصداقة من جديد. علمًا بأن إحراق الأعلام الأميركية والإسرائيلية، وما قيل من تصريحات إيرانية قاسية ونابية، لا يعني بالضرورة أن هناك إجماعًا شعبيًا إيرانيًا بشأن ذلك.
إن النظام الإيراني – بما يحمل من قسوة وتكميم للأفواه، إضافة إلى المفاهيم والمعايير المرفوضة التي يقوم عليها – حريّ أن يُنْتَقَد وأن يُطالب بتغيير سياساته، ولكن ليس هذا ذريعة لعدم التفاوض مع “إيران”، خاصة أن “إسرائيل” مُضطرة للتفاوض مع بُلدان تتبنى معايير أسوأ بكثير من المعايير التي يتبناها النظام الإيراني، طالما أن ذلك يخدم مصالح الأمن القومي الإسرائيلي.
لا يجب الإصرار على إلغاء الاتفاقية النووية..
وفيما يتعلق بتطوير الملف النووي، يؤكد “بيلين” أنه لا يجب على “إسرائيل” أن تواصل المطالبة بإلغاء “الاتفاقية النووية” مع “إيران”، لأن وجود الاتفاقية أفضل بكثير من أي وضع آخر لن تكون فيه مثل تلك الاتفاقية.
ومن الممكن أن يتمثل الموقف الإسرائيلي الجديد في طلب تعديل الاتفاقية والمطالبة بتمديد فترتها، إضافة إلى إدراج مسألة الصواريخ بعيدة المدى التي تمتلكها “طهران” للتفاوض. وإذا حدث ذلك فمن الواضح أن “إيران” ستتقدم هي الأخرى بمطالب لصالحها وسيكون من الواجب مناقشة ذلك.
إيران ستلتزم بالتطبيع مع إسرائيل..
كما شدد “بيلين” على أن الحوار بشأن تنظيم “حزب الله” اللبناني ليس أقل أهمية مما سبق. إذ أن ذلك التنظيم الشيعي المسلح يُشكل تهديدًا تقليديًا لـ”إسرائيل”، و”إيران” هي الراعية لهذ التنظيم الإسلامي.
وأن إزالة تهديد “حزب الله” كجزء من التسوية الشاملة مع “إيران” يُعد مصلحة حيوية لـ”إسرائيل”، وبقدر ما يبدو ذلك خيالًا جامحًا في الوقت الراهن، إلا أنه قد يُصبح واقعًا ملموسًا، إذا تم إدراجه ضمن سلسلة من الاتفاقيات. وما ينطبق على “حزب الله”، ينطبق أيضًا على تنظيم “الجهاد الإسلامي”، كما ينطبق إلى حد ما، على “حركة حماس”.
في الختام؛ يوضح المحلل الإسرائيلي أن كل ذلك يمكن أن يكون أكثر واقعية إذا ما تم في سياق اتفاق “إسرائيلي-فلسطيني”.
و”إيران”، باعتبارها عضو في “منظمة التعاون الإسلامي”، ستكون ملتزمة بالتطبيع مع “إسرائيل” إذا تم التوصل إلى حل مع الفلسطينيين. وعند إجراء المفاوضات الشاملة مع “إيران”، سيتعين على “إسرائيل” أن تضمن إمتثال “إيران” بمبدأ التطبيع.