لن يُكتب لها النجاح .. “بريطانيا” تحاول إنشاء قوة أوروبية لحماية الخليج من تهديدات إيران !

لن يُكتب لها النجاح .. “بريطانيا” تحاول إنشاء قوة أوروبية لحماية الخليج من تهديدات إيران !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة تريد بها إعادة السيطرة على الملاحة الدولية، بعدما تم كشف أمر ضعفها أمام العالم وعجزها عن تأمين سفنها وأي سفن لدول أخرى، أعلن وزير الخارجية البريطاني، “غيريمي هانت”، أمس الأول، أن بلاده تخطط لتشكيل قوة بقيادة أوروبية لحماية الشحن البحري في الخليج بعد أن احتجزت السلطات الإيرانية ناقلة ترفع العلم البريطاني.

وقال “هانت”، بعد اجتماع وزاري طاريء عُقد للرد على حادثة، الجمعة، أمام النواب البريطانيين: “سنسعى الآن لتشكيل مهمّة حماية بحرية أوروبية لضمان العبور الآمن للطواقم والشحنات في هذه المنطقة الحيوية”.

وأضاف: “سنسعى إلى تشكيل هذه القوة بالسرعة الممكنة، ولن تكون جزءًا من سياسة الضغوط القصوى الأميركية على إيران”.

كما أعلن “هانت” أن سفينة حربية أخرى أرسلتها “بريطانيا” إلى مياه الخليج ستصل، في 29 تموز/يوليو 2019.

وكان قد احتجز “الحرس الثوري” الإيراني، الجمعة، الناقلة (ستينا إيمبيرو)؛ التي تملكها شركة سويدية، وترفع علم “بريطانيا”، لأنها لم تحترم “قانون البحار الدولي”، وهي رواية يرفضها البريطانيون.

وتحتجز السفينة وأفراد طاقمها، البالغ عددهم 23 شخصًا، قبالة ميناء “بندر عباس”، جنوبي “إيران”.

وجاء احتجازها بعد ساعات من إعلان محكمة في “جبل طارق” تمديد احتجاز ناقلة النفط الإيرانية، (غريس 1)، لثلاثين يومًا.

وكان قد أجرى “هانت”، الأحد الماضي، محادثات مع نظيريه الفرنسي والألماني الذين اتفقا معه على أن: “أمن مرور السفن من مضيق هرمز أولوية مطلقة للدول الأوروبية”، وفق الخارجية البريطانية.

تجنب المرور من “مضيق هرمز”..

وطلبت الحكومة البريطانية من سفنها تجنب “مضيق هرمز”، الذي تمر منه نحن ثلث إمدادات العالم التي تشحن بحرًا.

وأكد “هانت”، أمس الأول، أنه سيتم الطلب من جميع السفن التي ترفع العلم البريطاني إخطار السلطات البريطانية بموعد عبورها المخطط في “مضيق هرمز”: “لتمكيننا من توفير أفضل حماية ممكنة”.

وأضاف: “بالطبع ليس من الممكن للبحرية الملكية مرافقة كل سفينة أو القضاء على جميع أخطار القرصنة”.

ومنذ وقوع الحادث تدور تساؤلات في “لندن” حول سبب عدم قيام الحكومة بخطوات استباقية لحماية السفن بعد احتجاز السفينة الإيرانية في “جبل طارق”، والذي أثار غضبًا وتهديدًا بالرد بالمثل.

سيزعزع الأمن في الخليج..

ردًا على الخطوة البريطانية، نقلت وكالة الأنباء والتليفزيون الإيرانية، أمس، عن “إسحق جهانغيري”، نائب الرئيس الإيراني، قوله إن تشكيل تحالف دولي لحماية الخليج سيزعزع الأمن.

وقال “جهانغيري” أنه: “لا حاجة لتشكيل تحالف؛ لأن مثل هذه التحالفات؛ بل ووجود أجانب في المنطقة في حد ذاته يتسبب في إنعدام الأمن … وبعيدًا عن مسألة إنعدام الأمن فإنه لن يحقق شيئًا”.

وكان الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، قد أشار إلى أن “طهران” ستبقى أكبر ضامن لأمن وحرية الملاحة في الخليج، و”مضيق هرمز”، و”خليج عُمان”.

رد بريطاني أحمق..

وانتقدت صحيفة (التليغراف) البريطانية؛ تعامل الحكومة البريطانية مع الأحداث التي أدت إلى مصادرة “إيران”، غير القانونية، لناقلة نفط بريطانية، وقالت إن: “وصف التعامل بالأحمق سيكون بمثابة تهوين”.

وقالت (التليغراف) إن إشارات التحذير بشأن محاولة قرصنة إيرانية ضد السفن البريطانية في الخليج؛ كانت واضحة منذ اعتراض كتيبة مشاة بالبحرية الملكية البريطانية ناقلة إيرانية، في وقت سابق من هذا الشهر، للاشتباه في أنها تنقل نفطًا لـ”سوريا”.

وأضافت الصحيفة البريطانية أن “إيران” ردت بالتهديد بالاستيلاء على سفينة بريطانية، وأن الفرقاطة (إتش. إم. إس. مونتروز) اضطرت إلى التدخل بعدما تعرضت السفينة البريطانية، (بريتيش هيريتدغ)، المملوكة لشركة “بي. بي” البريطانية، لمضايقات من “الحرس الثوري” الإيراني.

وترى الصحيفة أن الوزراء البريطانيين فشلوا في إتخاذ تدابير مناسبة لحماية سفن الشحن البريطانية، وأوضحت أن رئيسة الوزراء البريطانية، “تيريزا ماي”، اتُهمت برفض عرض من الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، بحماية “الولايات المتحدة”، السفن البريطانية، في الخليج.

وقالت الصحيفة البريطانية: “إن العرض الأميركي كان من الممكن أن يمنع وقوع ناقلة النفط البريطانية، (ستينا إمبيرو)، في أيدي الإيرانيين”.

وتعتقد (التليغراف)؛ أن أحد أسباب تردد الحكومة في إتخاذ إجراء؛ هو رغبتها في الحفاظ على “الاتفاق النووي” الإيراني، على الرغم من الإنتهاكات الإيرانية له، وأشارت إلى دعوة وزير الخارجية البريطاني، “غيريمي هانت”، إلى تشكيل قوة حماية بحرية أوروبية في الخليج للقيام بمهام الحراسة في “مضيق هرمز”، رغم تأييده لـ”الاتفاق النووي” الإيراني، في وقت سابق.

وأوضحت الصحيفة أن “هانت” يفضل الشراكة الأوروبية عن الأميركية، لأنه لا يرغب في إتخاذ إجراء ربما تعتبره “طهران” استفزازيًا، وقالت إن ذلك سيأتي بنتائج عكسية؛ لأن فشل قوة أوروبية في العمل مع “الولايات المتحدة” سيعتبره النظام الإيراني ضعفًا، وسيشجعه على إرتكاب المزيد من أعمال القرصنة.

تحذير مسبق بمواجهة تحذيرات..

وكان تقرير بريطاني مستقل، صدر العام الماضي، حذر أن “بريطانيا” ستواجه تهديدات في حال استمرت في تقليص القوة البحرية الخاصة بها.

وأقر نائب وزير الدفاع البريطاني، “توبياس إلوود”، في مقابلة مع صحيفة (التايمز)، أن سلاح البحرية البريطاني عبارة عن فرقاطة وأربع كاسحات ألغام تبحر في مياه الخليج؛ إلا أنه صغير بحيث لا يمكنه حماية كل المصالح البريطانية حلو العالم.

وأضاف: “أن التهديدات تتغير والعالم أصبح أكثر تعقيدًا، وإذا كنا نرغب في الاستمرار بلعب دور مؤثر على الساحة الدولية، فذلك يتطلب تمويلًا إضافيًا للقوات المسلحة، ولا سيما سلاح البحرية”.

وفي يوم من الأيام كانت “بريطانيا” تمتلك أقوى سلاح بحرية في العالم. غير أن حجم الأسطول تراجع بسرعة، في العقود الأخيرة، لأسباب على رأسها خفض الإنفاق.

مجرد مقترح لن يحظى بالقبول..

تعليقًا على الخطوة البريطانية؛ قال الكاتب الصحافي، “أحمد أصفهاني”، أن هذا مسعى بريطاني ربما لا يحظى بقبول أوروبي؛ وربما تستجيب “فرنسا” و”ألمانيا” فقط، فضلًا عن أن هناك مشكلة تخص الحكومة البريطانية؛ وهي أنها حكومة قيد التشكل بعد انتخاب “بوريس غونسون”، فهو لن يتعدى كونه مقترحًا فقط.

وأضاف؛ أن طلب “بريطانيا” تشكيل قوة من “الاتحاد الأوروبي”، لا يعني بالضرورة إعادة التفكير في البقاء داخل “الاتحاد الأوروبي”، وهذا يعتمد على طبيعة الاتفاق الذي سيبرمه رئيس الوزراء الجديد مع “بروكسل”.

وأشار “أصفهاني” إلى أن وجود قوة مثل هذه؛ قد يزيد التوتر في المنطقة الملتهبة أصلًا، لأنه سيزيد نقاط الإصطدام في “منطقة الخليج” و”مضيق هرمز”.

المطامع الأوروبية ستجعلها تميل أكثر للتهدئة..

فيما يرى الكاتب المعتمد لدى “الاتحاد الأوروبي”، “مالك العتامنة”، أن هناك استراتيجية أمنية أوروبية موحدة تضم الجميع، برغم خروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي”؛ قد يفهم في ضوئها مقترح مثل هذا، مشيرًا إلى أن تنفيذه ربما يحتاج أخذًا وردًا وحديثًا آخر قد يطول.

وأضاف “العتامنة”؛ قائلًا: لكن استراتيجية “أوروبا” في التعامل تختلف عن الاستراتيجية الأميركية، في عهد “ترامب”، فـ”أوروبا” تفضل الجزرة أكثر من العصا، ولا ننسى أن المطامع الأوروبية في الثروات الإيرانية، من “الغاز” و”البترول”؛ قد تجعل تعاطيها مع “إيران” مختلفًا كثيرًا يميل للتهدئة.

سيبوء بالفشل..

الدكتور “عماد أبشناس”، الباحث السياسي والأكاديمي الإيراني من “طهران”، رأى أن مقترحًا مثل هذا؛ ومقترحًا مثل ذلك الذي تريد “أميركا” تنفيذه، سيبوء بالفشل لا شك لأن هذه الأطراف غير قادرة على حماية الملاحة في “الخليج الفارسي” وفي “مضيق هرمز”، مشيرًا إلى أن الناقلة البريطانية المحتجزة من قِبل “إيران” كان بجانبها سفن وفرقاطات أميركية وبريطانية ولم تستطع الحيلولة دون احتجازها.

وأضاف “أبشناس” أن هذا المقترح، حتى لو تم تنفيذه أوروبيًا، غير ذي صلة بملف “الاتفاق النووي”، لأن “أوروبا” تبدو وكأنها تحافظ على “الاتفاق النووي”، لكنها في الواقع غير ذلك، مشيرًا إلى أن نشوب حرب في هذه المنطقة سيكون وبالًا على الأوروبيين والأميركيين؛ لأنهم سيبدأون الحرب لكنهم غير قادرين على إنهائها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة