النخلة يشكها الانسان في ارض ملائمة وفي مناخ ملائم ويرعاها ، وأن كانت فسيلته برحية لن تثمر نخلته الا البرحى (مدخلات ، ومخرجات ) فلا توجد عملية سياسية مدخلاتها مجلس حكم طائفي يرأسه الغازي بريمر عمليا ومخرجاتها دولة مواطنة ، وليس هناك دولة بنيت على الانقسام وحتى عشائرها صارت دول وتطمح لان تطرد داعش الى الابد بدون (مواطنة)
لا اريد الاطالة ،رغم اني اعرف اني مضطر لها فأقول لا بد لكل من يطرح مواجهة عليه ان يبرر احتمالاتها ، ولا يستكن لأن البغدادي ظهر وقال ان ساحة عملياته ستكون اوروبا فالحرب خدعة والكذب في الحرب حلال … ( بالمناسبة الكذب على الزوجة في موضوع الود والحب حلال في الاسلام ، واذا اضطر الى الحلف حلف دون مساءلة ربانية ولا تفرحوا كثيرا بهذه الفتوى فهي في الود والحب ومع الزوجة فقط ) وعندما ودون الخوض في كون داعش ايرانية ام امريكية ام خليجية فحديثي سيكون عسكريا قدر الامكان ، المهم ان داعش كأي ميليشيا لا بد لها من تمويل وبالتالي تحتاج الى خزينة دولة رغم اننا مولناها خلال هزيمتنا المنكرة في الموصل فنحن حاولنا في هزيمة 5 حزيران ان نقول انها نكبة ونكسة وخجلنا ان نقول انها هزيمة نكراء للنظام العربي برمته . وهكذا كانت هزيمة 10 حزيران هزيمة للنظام العراقي برمته والفرق بين الاثنتين ان جيوشنا في الاولى قاتلت وهزمت وفي الثانية كنا مهزومين من الداخل . ولم نقاتل.. والارض التي خسرناه بأيام حررناها بسنين
من الذي سنواجه؟ انه داعش ؟ وما هي الداعشية ؟ انها عقيدة وسلوك ، وليس بالضرورة انتماء ولدي مقولة (ان الكاولية سلوك وليس انتماء)… لماذا نواجهها ؟؟ لأنها لا تؤمن بالرأي الآخر ولا تؤمن بالحوار والوسائل السلمية باتجاه الاهداف ولا تؤمن بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.. فهل نحن نؤمن بالآخر؟؟ وهل ان قوانينا باتجاه الآخر ليست بنكهة داعشية بحتة ، أم نحن نؤمن بالحوار ، والتداول السلمي للسلطة (بالتقسيط المريح ودون كفالة ضامنة) ؟ فأن كان ما نقوم به هو تداول سلمي فكيف يكون التداول غير السلمي ، أو لو ان داعش حكمت جرف الصخر فماذا كانت ستفعل بأهالي جرف الصخر ؟؟هل كانت ستفعل اكثر من ان تهجرهم من ديارهم الى الأبد.
الحديث يطول فلننتقل للجانب العسكري ونتحدث عن المواجهة الاخيرة مع داعش لنستخلص منها الدروس والعبر كي نتمكن من التقييم والتقويم والاستعداد فعلا وليس قولا للمواجهة القادمة
1. التضحيات كانت تضحيات قواتنا المسلحة بحدود 8000 ، وضحايا المدنيين 40000 حسب احصائية قدمها سياسي على قناة الشرقية فهل سنعيد الكرة ؟؟ وهل درست القيادة العامة الاسباب
2. الاستخدام المفرط للقوة ( طائرات ، مدفعية) واتفاقيات جنيف تقول (( يمنع الهجوم قصفا بالقنابل على هدف عسكري يقع في ، او بالقرب من منطقة آهلة بالسكان المدنيين)) وهذا يعني في ارض العدو فكيف اذا كان المدنيين اهلنا ، ويحق لنا ان نسأل : هل ان كل مدينة تستعاد ينبغي ان نهدم 80% من مبانيها الآهلة، وهل في ذلك نصر نفخر به
3. قوات الطرفين .. داعش كانت 70 فردا حسب تقدير السيد القائد العام للقوات المسلحة حين دخولها ، وأنا اقدرها (كأكاديمي عسكري) وخضت من المعارك كأخوتي وأبنائي من الجيش السابق عددا من المعارك لم يخض قدرها الا جيش الاسكندر المقدوني .. ان قدمة القتال الاولى كانت (200) ليس اكثر .وكانت قواتنا في المحافظة (55000) جندي حسب تصريح قائد العمليات الفريق الركن مهدي الغراوي من على شاشة البغدادية الراحلة .. اي ان نسبة تفوق المدافع على المهاجم كانت 275 الى واحد فقط ، واذا اضفنا التفوق بالدروع والمدفعية والقوة الجوية بموجب نظريات حساب القدرة القتالية فتكون النسبة اعلى بكثير وقد تصل الى 1000 ضد واحد وهذا الواحد ليس (رجل بألف) أي انه ليس القعقاع ..مع العرض ان المهاجم (داعش) كان ينبغي لها لكي تحتل نينوى ان تحقق نسبة 3 اضعاف المدافع كما ينص العلم العسكري وبالتالي كان عليها ان تحشد 165 الف داعشي كحد ادنى وليس 200 فقط .. مع العرض ان صرفيات الاعتدة للمدفعية والقوة الجوية رغم كونها محرمة دوليا كانت مخيفة وخارج السياقات ، وقد سبق ان رجوت السيد وزير الداخلية السابق (بمقال منشور) ان يدقق صرفيات الاعتدة للشرطة الاتحادية في ايمن الموصل
4.تخصيص القطعات للأهداف ينبغي ان يكون حسب طبيعة الهدف واهميته وحسب نوعية قطعاتنا ودرجة ضبطها ومستوى تدريبها ، والذي حصل ان التخصيص كان حسب طلبات المستمعين فدخلت في الحسابات عوامل سياسية ورغبوية وعوامل كثيرة اخرى لا علاقة لها بمبادئ الحرب ، ومنها ان الارض الحيوية (ايمن الموصل) خصص لها الشرطة الاتحادية والتي سبق لها ان فشلت في احتلال الاهداف المخصصة لها في الصفحة الاولى للتحرير .
5. مدةالعمليات طالت اكثر من سنتين وفي هذا دليل واضح على نقص التدريب وانخفاض في مستوى الضبط العسكري وإرادة القتال ، وضعف التخطيط .
6. اجراءات ما بعد التحرير . انتزعت بريطانيا جزر الفوكلاند من الارجنتين بأيام معدودات ليعقد مؤتمر استراتيجي لكل الحكومة ليحللوا المعركة ويوضحوا الدروس المستنبطة ونحن كعادتنا انشغلنا بالاحتفالات ورفع الاعلام وكلمة (نحن) هنا غير مجزية واقعيا لأننا لسنا (نحن) ولأننا شيعة وسنة وكرد وتركمان ودول عميقة داخل الدولة بل ان فينا من كان لا يريد لداعش الهزيمة ، وفينا من انشغل في اثبات ان هزيمة حزيران بسبب (الحاضنة) متناسيا انه ان كانت هناك حاضنة فهي ليست وليدة القدر لحظة سقوط الموصل بل هي وليدة التعامل السلبي للقوات المسلحة مع الأهالي ونتيجة الفساد والمحاصصة وضعف الروح الوطنية كنتيجة للفساد والمحاصصة .. ونتيجة لحالة ذكرتها بكل جرأة في بحث القيته في الندوة العلمية لجامعة البكر 1987 كانت برعاية الرئيس صدام حسين ..قلت ان من اسباب التسرب شعور الجندي بغياب العدالة في توزيع التضحيات وعرفت الحالة (( انها الشعور الذي ينتاب الجندي عندما يتلفت في الموضع الدفاعي ولا يجد ابن المقاول او ابن صاحب معرض للسيارات معه في الموضع فيشعر بأنه ليس حلقة بين هؤلاء ويبدأ الشعور بالظلم يتنامى لديه فيهرب عند اول اطلاقة يرميها العدو)) .
يتصور البعض ان الاعدام او السجن (للهارب في مواجهة العدو) امر سيئ ولكنه موجود في كل القوانين العسكرية في العالم لسبب واحد بسيط وهو ان الجندي عندما يواجه الموت لا يخيفه شيء بقدر ما يخيفه العقاب الصارم .. وطبعا مع امور اخرى كثيرة ( الايمان بالله ، الايمان بعدالة المعركة ،العيب، المشاعرالوطنية ، الايمان بأهداف المعركة ، الايمان بالقائد، الايمان بالسلاح) وغيرها الكثير وبالتالي فأن العقاب واشاعة الوعي بأن (الهروب اثناء مواجهة العدو) وفي حالة مثل حالة الموصل حالة الاستسلام بدون قتال فهي ان مرت دون عقاب فنكون قد اخطأنا بحق شعبنا كثيرا فهي هزيمة ل110 فوج (55) الف مقاتل مدافع امام ربع فوج مهاجم وهي حالة تدعونا لأن نشق الجيوب ونلطم الخدود ..لا ان نبحث في نظرية المؤامرة ونقول مثلا بأن السيد المالكي اصدر امرا بالانسحاب او غير ذلك انه خلل بنيوي خطير جدا يتجاوز الجيش والحشد الى الطريقة التي بنيت بها الدولة برمتها والطريقة التي مسحت فيها الدولة السابقة برمتها ، وكيف بنيت القوات المسلحة الجديدة وأسس بنائها وآلية عمل منظومة انتقاء القادة والأفراد وأعدادهم وتأهيلهم وغير ذلك الكثير جدا … نعم ان ما حدث اتحدى من يعطيني مثلا واحدا في التأريخ القديم والوسيط والمعاصر يشابه ما حصل في 10 حزيران في العراق .كل ذلك والهاربين في المواجهة دون مبرر عوقبوا بالفصل فقط وها هم يتظاهرون وها هو مجلس النواب ومجلس الوزراء وشيوخ العشائر يطالبون بإعادتهم للخدمة مما سيشجع بشكل كبير على تكرار 10 حزيران
هل اريد ان اضع الحلول هنا ؟؟ ولجنة من عشرات النواب لم تتمكن من ذلك بأشهر طوال ؟؟ وهل ادعي اني ملم بجميع جوانب الخلل الستراتيجي الخطير؟؟ .. انا فقط استطيع القول أن داعش ستكون احد صفحات الصراع الامريكي الايراني وأن علينا ان نستعد لها ، وقد ((كتب عليكم القتال وهو كره لكم)) كما كتب القصاص وشعبنا طالما كتب عليه القتال بسبب فشل السياسة
استطيع القول ان ما حصل في حزيران قد يحصل بالطريقة التي حصل بها في أي وقت ولا تستغربوا من هذا القول أو تستغربوا من جرأتي لأنها متأتية من فهمي ان بلدي هذه المرة سيواجه داعش كورقة قد تلعبها اية جهة خلال الصراع الامريكي الايراني والبعض من ساسته مهتمون بالكثير من الامور كالدرجات الخاصة واقتسام المغانم فضلا عن اهتمام البعض منهم بمستقبل ايران في هذا الصراع اكثر من مستقبل العراق .رغم ان داعش لم تهدد ايران كدولة ولو لدقيقة واحدة ، وعندما هددتنا امريكا لم تتدخل ولو شعرة واحدة رغم اني اشهد بانها بعد ان حققت امريكا هدفها الستراتيجي جاهدت ضده بطريقة او بأخرى .
ماهي حجتي في ان 10 حزيران ان حصل سيحصل بنفس الطريقة ؟؟ باختصار شديد اقول اولا: لأننا لم نراجع ما حصل وثانيا ان علينا ان نسأل انفسنا ماهي الخطوات التي قمنا باتخاذها لرفع مستوى الاستعداد القتالي لقواتنا ؟؟ منذ 10حزيران لحد الآن ؟؟ ما الذي فعلناه لكي نجعل الجندي العراقي يواجه الموت برضا تام ؟؟ هل سنجعله هذه المرة يقاتل وهو لا يسمع بمهازل اقتسام المغانم ؟؟ هل سيقاتل الموصلي وجثامين الاهالي لا تزل تحت الانقاض وجثامين جريمة العبارة تحت الماء ؟؟ هل تسلحنا وتدربنا بطريقة هي غير الطريقة التي كنا عليها في 10 حزيران ؟؟ السؤال الحاسم رقم 1000 هو ما الذي اختلف لدينا منذ الهزيمة وبعد التحرير لحد الآن ؟؟ هل عاد النازحين والمهجرين؟؟هل تم اعمار المدن المدمرة ؟؟هل ان تنظيم وزارة الدفاع المترهل تم تقليصه؟؟ هل سيتمكن وزير الدفاع من التدخل في سير العمليات ؟؟ وهل ستخرج الداخلية وقواتها من الموضوع ونحقق المبدأ الازلي (وحدة القيادة) ؟؟ هل سينفذ الامر الديواني الأخير بخصوص الحشد الشعبي والعشائري لكي نحقق المبدأ الأزلي الآخر (التجانس) ؟؟ هل سيتم تخفيف حالة اللاتوازن في القوات المسلحة بموجب المادة التاسعة من الدستور؟؟
اقول لكم لا شيء تغير ولا شيء سيتغير وأن جاملت فأنا خائن لوطني لأن القادم مخيف فلنبدأ بالاستعداد لأننا لم نبدأ بعد ، وهذه الدعوة تشمل الملايين الثلاثين من شعب العراق من العاطل عن العمل الى القائد العام والكرة في ملعب مراكز الدراسات والبحوث اولا برأيي المتواضع على ان تترك التصفيق للحكومة وتعلمها بالحقائق المرة ، لأن الكل مشغولين هذه الايام وقبلها وهكذا سيكونون بعدها… مشغولون بأن هناك نصف مليون من مجرمي الجيش السابق والكيانات المنحلة يتقاضون معاشات تقاعدية ومستمرين بالعيش لحد الآن، ومشغولون بتغيير المناهج لتظهر جرائم البعث مرورا بالعدالة الانتقامية وصولا الى المصالحة الوطنية !!! وبناء المستقبل ..
قد تكون كل الظروف التي مرت تتقبل عدم مساهمة الجميع ، او تتقبل تهميش مجموعة معينة او ظلم اخرى ، او قطع ارزاق اخرى ، او تعملق مجموعة على اخرى.. الا هذا الظرف لأننا قد نواجه العالم كله كما واجهنا العالم كله في العدوان الامريكي الاول وربعه في العدوان الثاني وينبغي لنا السير بمسارات متعددة اولهما السعي للحياد الايجابي والتمسك به كمخرج للخلاص من شر مستطير في الصراع الامريكي الايراني ، والثاني ان نتهيأ لداعش ليس بتهيئة الاسلحة والاعتدة بل بثقافة الحب بيننا.. ثقافة المواطنة وليس ثقافة الشيعة والسنة وألا فسوف لن يبقى شيعة ولا سنة والبناء والاعمار والمصالحة والعدالة ، والفساد على اثر ذلك سيموت بلا جهد لأنه سيكون يتيما بلا اب ولا ام .. أي بلا محاصصة وطائفية وحقد اعمى .. كل ذلك ينبغي ان يحصل قبل وقوع الواقعة ، وما ادراك ما الواقعة . فلنبدأ.