17 نوفمبر، 2024 4:47 م
Search
Close this search box.

الوجه الآخر لثورة 14 تموز 1958 ..( الحلقة الرابعة ـ الأخيرةـ).قرارات فردية.. وأخرى غير ثورية

الوجه الآخر لثورة 14 تموز 1958 ..( الحلقة الرابعة ـ الأخيرةـ).قرارات فردية.. وأخرى غير ثورية

تسمية مكومة الثورة:
ـ عقد اجتماع خطير يوم 11 تموز 1958(أي قبل قيام الثورة في ثلاثة أيام).. بين قادة الثورة الثلاث.. وهم: عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف وعبد اللطيف الدراجي.. وانفردوا فيه بتشكيل مجلس السيادة وحكومة الثورة.. وقد تم تسمية أعضاء مجلس السيادة.. وهم: الفريق الركن نجيب الربيعي.. رئيساً.. وقد رشحه عبد الكريم قاسم.. لكونه من أصدقائه.. ومن الضباط الأحرار.. والعقيد الركن خالد النقشبندي عضواً.. وقد اختاره عبد السلام عارف.. وأتفق الثلاثة على ترشيح محمد مهدي كبه رئيس حزب الاستقلال عضواً لمجلس السيادة.
ويبدو إن هذا التشكيل قصد منه تفويت الفرصة على أعضاء اللجنة العليا لتنظيم لضباط الأحرار لتشكيل مجلس قيادة الثورة.. علماً إن رئيس هذه اللجنة كان عبد الكريم قاسم وكان رفيقه عبد السلام عارف عضواً فيها.

مجلس قيادة الثورة:
ـ وفي صبيحة يوم الثورة وما تبعها طالب أعضاء اللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار من قائدي الثورة عبد الكريم قاسم وعبد السلام محمد عارف بتشكيل مجلس قيادة الثورة.. وفق اتفاق اللجنة العليا في الاجتماعات السابقة.. الذي وافق عليه قائدي الثورة (قاسم وعارف).. لكنهما رفضا بشدة إقامة هذا التشكيل.. بل إن عارف كان يسخر من هذا الطلب ويردد بصوت عال: (لمن نشكل مجلس للذين كانوا نائمين مع أزواجهم).
أدى هذا الرفض الى حدوث شرخ كبير بين قائدي الثورة.. وأعضاء اللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار.. وامتد الخلافات والصراع ليشمل كل الضباط الأحرار في الجيش.. والبالغ عددهم أكثر من 300 ضابط بمختلف الرتب العسكرية والمواقع.. وهكذا أصبح الجيش حلبة صراع سياسي متطرف.

المنهاج الوزاري:
ـ لم يوضع منهاجاً وزارياً.. أو برامج محددة عن سياسة حكومة الثورة.. كما هو مألوف.. فكان كل وزير يسعى لوضع برنامجه السياسي ومبادئه المعلنة موضع التطبيق.. وما يترشح من قرارات في جلسات مجلس الوزراء.. مما أدى الى بروز خلافات بين رئيس الوزراء والوزراء.. بل وتناقض في كثير من الأحيان بين أعمال الوزراء.. وهذا أدى الى فوضى في العمل والسياسة.. مثلما أدى الى انسحاب الوزراء واستقالتهم لعدم تمكنهم من العمل.. خاصة مع تدخل رئيس الوزراء في شؤون الوزارات.
ولم يبقى أي وزير من وزراء الثورة في الوزارة منذ الأشهر الأولى للثورة.. وبدأت الاستقالات من الوزارة منذ الأشهر الأولى للثورة.. وبعد أقل من سنتين لم نجد وزيراً واحداً من وزارة الثورة باقياً فيها.

أحالة جميع كبار الضباط في الجيش:
ـ في صبيحة يوم الثورة تم إحالة كبار الضباط ممن كانت رتبهم أعلى من رتبة القائد العام للقوات المسلحة الزعيم الركن عبد الكريم قاسم.. وعددهم 42 بدرجة أمير لواء الى زعيم ركن كانوا من خيرة الضباط.. وهذا الرقم يشكل كل القيادات العسكرية تقريباً ذو الرتب العسكرية العالية في الجيش العراقي في تلك الفترة.. واستثنى منهم ستة من قيادة تنظيم الضباط الأحرار.. وعدد ضئيل حولهم الى وظائف مدنية.. وبذلك خلق أعداء للثورة دون مبرر.

تطبيق قانون الإصلاح الزراعي:
ـ تم تطبيق قانون الإصلاح الزراعي بلا تميز بين إقطاعي جشع.. وشيخ يعتبر الأب الروحي للعشيرة.. مما أدى الى فوضى اجتماعية.. وتفكك في النسيج الاجتماعي.. والى القتل والى أعمال انتقام بين أفراد العشيرة الواحدة.
ـ على الرغم من صدور قانون تطهير الجهاز الحكومي في بداية الثورة.. لكن الواقع يشير الى عدم تطبيق هذا القانون.. صحيح إن هناك عدد من الموظفين الكبار من أقرباء بعض المسؤولين شملهم التطهير.. لكن الحقيقة هؤلاء هم تركوا وظائفهم بعد قيام الثورة بل بعضهم ترك العراق.. ولم يجر تطهير أهم جهاز حكومي له علاقة مباشرة بالمواطنين.. وهو الجهاز الأمني.. (الأمن العامة) من العناصر الإجرامية في سلوكها الأمني.

الإعدام لرجالات الأمن:
ـ إن إعدام الأربعة الكبار لقيادة الأجهزة الأمنية: (سعيد قزاز ـ وزير الداخلية ـ .. وبهجت عطية ـ مدير الأمن العام ـ .. وعبد الجبار فهمي ـ متصرف لواء بغداد ـ .. وعبد الجبار أيوب ـ مدير السجون).. لم يؤدي الى تطهير وإعادة تنظيم الأجهزة الأمنية.. بما يعزز الدور الأمني لخدمة الثورة والشعب.. فأستمر عمل دوائر الأمن ضد المواطنين.. واستمرار التعذيب وانتزاع اعترافات وهمية في كثير من الأحيان من الموطنين تحت التعذيب والإرهاب.
طرد جميع سياسيي وتكنوقراط العهد الملكي:
ـ اعتبار كل كبار السياسيين وحتى التكنوقراط الكبار في النظام الملكي.. من أذناب العهد الملكي.. ولم تستفد الثورة من التكنوقراط على أقل تقدير.. وبالتالي اعتبروا أعداء للثورة.. فخسرت الثورة عناصر قيادية وتكنوقراط لا يمكن تعويضهم.
ـ شكلت مجالس عرفية.. لتحاكم ليس المتآمرين على الثورة.. بل محاكمة شباب أكثرهم بعمر الورد.. لأسباب تافهة.. خروج بتظاهرة.. تمزيق صورة الزعيم.. شتم الزعيم.. شتم رئيس محكمة الثورة.. خالف ممنوع التجول.. خط شعارات على الحائط..ومن كل القوى السياسية حتى محبي الزعيم عبد الكريم قاسم.

الفترة الاستثنائية والحكم العرفي:
ظل العراق حتى سقوط نظام عبد الكريم قاسم في ظل الأحكام العرفية.. وهكذا وصل أعداد المعتقلين والسجناء السياسيين أكثر من 25 ألف شاب غالبيتهم مع الثورة.. فأكثر من 14 ألف كردي محتجزة ليسوا ضد الثورة.. وأكثر من 6750 شيوعي وديمقراطي.. كلهم مع الثورة والزعيم قاسم.. و4250 قومي وبعثي وإسلامي.. وأؤكد معظمهم من الشباب ولقضايا تافهة.. وهذا عدد هائل جدا..ً فقد سقط النظام الملكي ولا يوجد سجين أو معتقل واحد.. (المصدر : ملفات مديرية ألأمن العامة).

سياسة (عفا الله عما سلف:
ـ مبدأ (عفا الله هما سلف).. الذي أطلقه قائد الثورة.. لكنه لم يطبق على كل السياسيين.. بل طبق على أقطاب النظام الملكي.. وعلى المتآمرين من المدنيين على نظامه.. وبالتالي اعدم عسكريون من الضباط الأحرار.. ولم تشفع لهم مساهماتهم في الثورة.. خاصة ممن اتهموا بالمشاركة في حركة عبد الوهاب الشواف في آذار 1959.

تخندق الأحزاب والصراع الدموي:
ـ تخندق الأحزاب السياسية بعد الثورة مباشرة بخندقين متقابلين.. الخندق الأول.. ضمً: الشيوعيون.. والديمقراطيون.. والبارزانيون.. أما الخندق الثاني.. ضم: القوميون.. والبعثيون.. والإسلاميون.. وكانت لغة الحوار بين الخندقين.. العنف.. والصراع حتى الدم.. وهكذا تحول العراق الى بركة دماء.. ولم تقدر قيادة الثورة الموقف.. والعمل على حله.. بما يعزز الوحدة الوطنية وخدمة العراق والثورة.
وهكذا خلقت الثورة أعداءً لها.. لم يكونوا أعداءً لها أصلاً.. وسارت الثورة في طريق مجهول..

أحدث المقالات