تدهورت العلاقات الإيرانية- الأمريكية، منذ انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع القوى الكبرى، في عام 2015، وقراره في مطلع أيار الماضي استخدام العقوبات لمحاولة وقف صادرات إيران النفطية بشكل كلي، ولكن التوترات الأخيرة بين البلدين ليست بالجديدة، فالعداوة بين الخصمين اللدودين مستمرة منذ عقود.
اليوم تضافرت عناصر الدبلوماسية الأمريكية باتخاذ خطوات فعلية تجاه إيران، حيث قررت ألا تفرض عقوبات على وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف” في المرحلة الراهنة ، في خطوة تطرح إمكانية توجه الإدارة الأمريكية إلى التفاوض بعد فشل سياستها العقابية في التعامل مع الأزمة الإيرانية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل منحته واشنطن أيضاً تأشيرة لحضور اجتماع لـ”الأمم المتحدة” في نيويورك، بشأن أهداف التنمية المستدامة، والذي يهدف للتصدي لقضايا منها الصراع والجوع والمساواة بين الجنسين والتغير المناخي بحلول 2030.
هذه الخطوة التي اتخذتها أمريكا تعزز المسعى لاستخدام الدبلوماسية لحل خلافاتها مع طهران بشأن برنامج إيران النووي واختباراتها الصاروخية وأنشطتها في المنطقة، وتترك الباب مفتوحا على مصرعيه أمام تكثيف الدبلوماسية والعمل بها، والتأكيد على ذلك ما قالته المتحدثة باسم وزارة الخزانة الأمريكية، “مورغان أورتاغوس”، إن “واشنطن تريد حللاً دبلوماسياً وكررت تعليق ترامب بأنه مستعد للقاء إيران دون شروط مسبقة “، وبالمقابل رحب وزير الخارجية الايرانية بأي جهد لإعادة الاتفاق النووي إلى مرحلته التنفيذية باعتباره منجزا دوليا، مشيرا إلى أنه “في حال وقف العقوبات الأمريكية أو تنفيذ الأوروبيين التزاماتهم فإن كل إجراءاتنا قابلة للعودة عنها”.
وعن الأسباب الحقيقية للعداء الأمريكي لإيران هو لجم إيران وتقويض نفوذها المنطقة وعرقلة برنامجها الصاروخي الباليستى الذي يهدد حلفاء واشنطن من أجل انصياع صانع القرار الإيراني لطاولة المفاوضات مجددا، كما يعبر عن موقف إسرائيل الإرهابية ضد إيران، وهو مدفوع من قبل دول غربية والتي تتمنى من أمريكا ليس فرض العقوبات الاقتصادية على إيران فحسب، وإنما تتمنى منها مهاجمة وضرب طهران، لأن إيران دعمت المقاومة في المنطقة ضد العدوان الأمريكي وضد الاحتلال الإسرائيلي الإرهابي للأراضي العربية و وقفت إلى جانب الجيش العربي السوري التي تحارب التنظيمات المتطرفة على كافة الأرض السورية.
مجملاً….إن كل من واشنطن وطهران لديهما الرغبة في التوصل إلى تسوية شاملة بشأن الملف النووي إلا أن هذه الرغبة تتعثر بصعوبات داخلية لدى كل منهما، وخصوصاً في الولايات المتحدة إذ يعرب الكونغرس عن معارضته لإتفاق متعجل مع إيران لا يضمن وقف برنامجها النووي، ويدعو إلى تشديد العقوبات لإجبار طهران على الانصياع للإرادة الدولية، أما في إيران فتجد الحكومة صعوبة في التراجع عن التخصيب الذي رسمه مرشد الجمهورية علي خامنئي خطاً أحمر لا يستطيع أحد تجاوزه، فالتخلي عن الحق في التخصيب قد يعطي الإنطباع بأن طهران يمكن أن تتراجع في ملفات أخرى بينها الملف السوري.