في ظل الردود التي تواجهها طهران على تصعيدها والتي تترواح مابين الصادمة والفاترة وغير المتوقعة، يبدو إن الکرة مازالت في الملعب الايراني وإن کل التهديدات التي أطلقها المسٶولون الايرانيون وفي طليعتهم الرئيس الايراني روحاني بنفسه لم تتمکن من جعل الکرة تنتقل الى الملعب المقابل بل وحتى إنها إرتدت عليهم سلبا، ولاشك من إن طهران تدرك بأن ذلك ليس لصالحها وإذا لم تبادر الى إتخاذ خطوات أخرى لکي تتدارك الامر بالصورة التي يطالب بها الاوربيون وروسيا والصين”على أقل تقدير”، فإنه ديکون هناك مالايسر طهران في الداخل والخارج على حد سواء.
تخصيب اليورانيوم وبنسب أکبر من المسموح بها بموجب إتفاق تموز عام 2015، أمر لن يمر بسلام على النظام في إيران، بل ولن يکون من دون ردود فعل أخرى، خصوصا إذا مامضى القادة الايرانيون في ترجمة تهديداتهم على أرض الواقع، ولاريب من إن طهران تدرك جيدا بأن الصبر والتسامح الدولي عموما والامريکي له حدود وإن تجاوز هذه الحدود يعني إن النظام الايراني يقوم بنفسه بتوحيد المجتمع الدولي ضده ويحفزهم على مواجهته، غير إن طهران تعي جيدا وفي نفس الوقت بأن ترك الامور على حالها فإن ذلك أشبه من يرى عاصفة هوجاء في الافق قادمة بإتجاهه ولايحرك ساکنا وهذا مايعني بأن الاوضاع الصعبة والخطرة تنتظر النظام الايراني سواءا قاموا بالتصعيد أو بقوا على حالهم، ففي الحالتين التهديد قائم!
طريق واسلوب التصعيد الذي يتبعه النظام الايراني، والذي کانت طهران تسعى من خلالها الى إلقاء بذور الانقسام والاختلاف بين الدول الکبرى، ومع إن الانقسام والاختلاف في المواقف بين البلدان الغربية نفسها قائم وکذلك بين الدول الکبرى ذاتها، ولکن ذلك له مقوماته وخطوطه التي تراعي المصالح الخاصة لکل منها بدقة متناهية، ولايمکن لروسيا أو الصين”ولانقول بلدان الاتحاد الاوربي” أن تندفع وراء مغامرة أو مجازفة إيرانية غير مضمونة العواقب إذ إنها بذلك تجعل مصالحها في خطر وهذا مالايمکن أن تسمح به أبدا لا روسيا ولا الصين.
بلدان الاتحاد الاوربي وروسيا والصين وقبل هٶلاء الولايات المتحدة الامريکية ذاتها، يلاحظون الاوضاع الداخلية الصعبة والمتردية جدا في إيران ويعلمون جميعا بأن طهران تعمل من أجل إيجاد مخرج ومتنفس لکي تعالج بها أوضاعها الداخلية وتمنع من المزيد من تدهورها، خصوصا وإن هناك حرکة رفض ومقاومة ضد النظام من جانب الشعب الايراني في سائر أرجاء إيران کما إن هناك أيضا تحرکات رافضة قوية جدا ضد النظام من جانب الآلاف من الايرانيين المتواجدين في البلدان المختلفة في العالم، والاکثر من ذلك إن هناك جهة سياسية معارضة تقف وراء تصعيد الاوضاع في الداخل والخارج وهي المقاومة الايرانية، ويدرون بأن طهران تريد قطع الطريق على ذلك بأية صورة کانت. غير إنه لابد من الاإدراك بأن للتصعيد الايراني أيضا من حدود سوف تدفع الثمن باهضا جدا فيما لو تجاوزته ولعل أبسط ثمن سيکون إنفتاح المجتمع الدولي بصورة أکثر قوة وإتساعا على الاحتجاجات القائمة وتبنيها وفتح حوار مع المقاومة الايرانية، کما تلمح أوساطا سياسية في بروکسل وفينا الى ذلك!