في عام 1991 أرسل نورمان شوارتزكوف، القائد العام لقوات التحالفالدولي الذي أخرج الجيش العراقي من الكويت، برقية إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب بعد خروج القوات العراقية من الكويت يخبره فيها بأن الطريق إلى بغداد أصبحت سالكة و أنه مستعد لإحتلالها، و لكن الرئيس الأمريكي أجابه بأن مهمته إنتهت و عليه الرجوع إلى مقره، و الجواب عن سبب عدم إحتلال بغداد في ذلك الوقت نجده في جواب مادلين أولبرايت، سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة، بعد ذلك بسنوات عندما ردت على سؤال عن كيف يمكن تبرير وفاة نصف مليون طفل عراقي نتيجة الحصارالإقتصادي المفروض على العراق بقولها: أعتقد أن الثمار تستحق هذا الثمن.
في عام 2003 إحتلت القوات الأمريكية العراق بعد إطلاق الوعود بأن الشعب العراقي سيشهد التغيير نحو الأفضل، ففرح العديد من العراقيين بقدومها و وصل الأمر برمي الورود عليها، و لكنها حال دخولها البلد كسرت أبواب مؤسسات الدولة و تركتها عرضة للفرهود لمن يرغب بذلك، و بالفعل لم يكذب ذلك البعض من العراقيين وسط سكوت الغالبية من الشعب على هذا الفرهود لمؤسسات دولتهم، و هذه الحالة كشفت طبيعة الشعب العراقي عندما يشترك في الإنتخابات البرلمانية قلة من الشعب و هم ينتخبون من يرتشيهم بالبطانيات وسط سكوت الغالبية من الشعب على هذا الفرهود لمقدرات دولتهم.
في عام 2003 أصدر بول بريمر الحاكم المدني للعراق أمر سلطة الإئتلاف المؤقتة رقم 35-18/أيلول/2003 (إعادة تشكيل مجلس القضاء)، حيث بهذا الأمر قام بفصل مجلس القضاء (المحاكم بأنواعها) و الإدعاء العام (المسؤول التنفيذي للحكومة لتطبيق القانون و إقامة العدل) و هيئة الإشراف القضائي(المسؤولة عن الرقابة و الإشراف على حسن الأداء في المحاكم و الإدعاء العام) من وزارة العدل بعد أن كان كل منها كيان مستقل يمارس دوره وفق قانونه الخاص به، و جعل الإدعاء العام و هيئة الإشراف القضائي تابعانلمجلس القضاء و بذلك فقدا دورهما الوظيفي الفعلي، و كان الهدف من ذلكتشكيل قضاء يقاد من قبل شخص واحد هو رئيس مجلس القضاء الأعلىليسهل السيطرة عليه من قبل الطبقة السياسية لغرض أن يداري المتنفذينالذين يستبيحون مقدرات البلاد، و هذا ما نراه واضحا ً في إعترافات السياسيين بإحالة آلاف ملفات الفساد على القضاء دون أي نتيجة إيجابيةملموسة على أرض الواقع، مما جعل غالبية الشعب العراقي يضيقون ذرعا ً بالوضع العام للبلد و يستبشرون خيرا ً بجولة القائد في الجيش الامريكي اوستن رينفورث و جنوده في شارع المتنبي في بغداد يوم 4 كانون الثاني2019 على أمل التغيير نحو الأفضل كما كان الأمل بالتغيير نحو الأفضل يوم 9 نيسان 2003 و الذي لم يحدث و سوف لن يحدث. و أن هذه الإجراءات هي بعض منها و ليس جميعها و ما خفي كان أعظم و هي تأتي أكلها ما دام الشعب يستمرئ الفساد مصداقا ً لقوله تعالى “وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ” (هود 117).