في ذكرى ثورة ١٤ تموز التي غيرت النظام الملكي وأخرجت العراق من حلف بغداد وما أعقبها من احداث داخلية دامية بسبب التناقضات بين رجال الثورة وتناحر القوى السياسية الداعمة لها، وما تخللها من إعدامات لعناصر مهمة من المشاركين فيها، تلك الاحداث التي يتذكرها بأسى الكثير ممن عاصرها من العراقيين .. ولكن بعد مرور سنين من عمر الثورة فقد تعرضت الى كثير من الشبهات من قبل العديد من المتابعين والمؤرخين وقد عجت دور النشر والمواقع الاعلامية بكم هائل من المقالات والمذكرات التي اشارت الى الكثير من الأسرار التي يصعب فرز الصحيح منها الا ان البعض منها كانت موثقة من قبل صناع الحدث او من المشاركين فيه كما هو الحال مذكرات نذير فنصة المهمة التي نشرت في باريس .. ونذير فنصة كان لاجئ سوري في ايران وهو مقرب من الشاه محمد رضا بهلوي وتولى رئاسة تحرير النسخة العربية من جريدة اطلاعات الواسعة الانتشار التابعة للمخابرات انذاك التي وضفها الشاة لتمرير اجندته السياسية في المنطقة، وطبقاً الى ما ذكر في تلك المذكرات انه قبيل الثورة في العراق بأيام تم استدعاء فنصة من قبل الجنرال تيمور بختيار رئيس المخابرات وابلغة بضرورة السفر غداً الى إسطنبول في مهمة سرية جداً للقاء الأمير عبد الاله خال الملك فيصل الذي كان وصياً على العرش وسيكون في استقبالك في سلم الطائرة احد كبار موظفينا وسينقلك الى المكان الذي يتواجد فيه الأمير عبدالاله – في يخت في البحر قرب الميناء – وفعلاً تحقق اللقاء وابلغ الأمير عبد الاله بانه مرسل من قبل الجنرال بختيار ليحذره من معلومات توفرت لديه بان تحركاً عسكرياً سيجري في العراق في الايام القريبة القادمة ويجب اخراج ابن أختك من بغداد فوراً تحاشياً لمقتله (وهنا لابد من الإشارة الى ان بختيار الذي كان رئيس لجهاز السافاك في عهد الشاه والذي انشق عنه فيما بعد والتجأ الى اوربا ومن ثم الى العراق وقد أغتيل في منطقة مندلي على الحدود العراقية الايرانية من قبل رجال مخابرات الشاة في ١٢ آب من عام ١٩٧٠ بسبب نشاطاته ضد نظام الشاة بالتعاون مع النظام العراقي) وكان رد فعل الأمير عبد الاله سلبياً اتجاه ما نقل له، الا ان تأكيدات فنصة بان الجيش فعلاً سيقوم بانقلاب في العراق ادت الى استعجال عودة الأمير الى بغداًد الذي كان مقرر العودة الى تركيا لإنهاء إجراءات عقد قران الملك من الأميرة فاضلة الا ان الأقدار لم تسمح بذلك حيث تحرك الجيش العراقي وانهى النظام الملكي بشكل مأساوي بعد ان اودت الثورة بحياة الملك والأمير عبد الاله وعدد من أفراد العائلة المالكة وآخرين من اقطاب النظام وفي مقدمتهم نوري السعيد كما هو معروف … وقبلها اشارت بعض الجهات الموثوقة ايضاً الى تحذيرات مدير الامن العام بهجت العطية الذي كتب تقريراً رفع الى نوري السعيد يشير الى ان هناك تحركات لبعض العسكرين لقلب نظام الحكم وقد وردت بعض الاسماء في القرير منها عبد الكريم قاسم وقد قام نوري سعيد باستدعاء العطية وأسطحبه الى القصر الملكي لإبلاغ الامير عبد الاله بذلك الذي سخر من تلك المعلومات وطلب في الحال السفير البريطاني هاتفياً وابلغة بمعلومات الجهات الامنية العراقية وكان رد السفير انها اشاعات لا اساس لها من الصحة .. وفي خضم هذة المعلومات عن نشاط كبار ضباط الجيش العراقي كان الملك حسين قد أرسل رسالة الى ابن عمة الملك فيصل الثاني يطلب منه القدوم الى عمان لامر هام الا ان الملك قرر ارسال وفيق عارف رئيس اركان الجيش العراقي الذي كان في نفس الوقت القائد العام لقوات الاتحاد الهاشمي وقد اجتمع وفيق عارف فور وصولة عمان بالملك حسين بحضور القيادات الامنية الاردنية وقد أبلغوه بان لديهم معلومات مؤكدة طبقاً لمصادر عديدة عن تحرك الجيش ضد النظام وان الملك حسين قلق جداً من ذلك واحتمال وقوع انقلاب عسكري لكن وفيق عارف ايضاً سخر من ما سمع وقال للملك حسين نحن من يقلق عليكم لانة ليس لدينا شكوك من ولاء الجيش العراقي للملك فيصل .. هكذا كانت الامور تجري بين اخذ ورد لدى الاجهزة الاستخبارية في المنطقة حول الثورة في العراق مما حدى بالكثير من التشكيك بوطنية تلك الثورة ورجالها ..