19 ديسمبر، 2024 2:14 ص

بوادر ازمةٍ جديدةٍ مع الإقليم ” كردستان ” !

بوادر ازمةٍ جديدةٍ مع الإقليم ” كردستان ” !

تقتضي المقتضيات أن نسجل اولاً بأن لا يمكن الجزم بعزمٍ وحسم أنّ هذه الأزمة ستطلّ وتحدث في القريب العاجل وعلى عجلٍ , لكنّه في الواقع فأنّ الوقائع الجارية تكشف أنّ قَسَماتِ وملامح الأوضاع المتأزمة قد غدت بائنة في الأفق الأرضي , وانها تستند وترتكز على اعتباراتٍ محسوسة وملموسة .

إحدى المرتكزات الرئيسية في ذلك هي هي عائدات النفط التي تجنيها حكومة الأقليم دون تسليمها الى الحكومة المركزية في بغداد وفق الدستور الذي وقّعت على الإلتزام به كلّ الأطراف ذات العلاقة , إنّما ودونما براغماتية فمن غير المتوقع أنْ تقوم حكومة الأقليم بتسليم دينارٍ او دولارٍ واحد الى بغداد من دونِ حلٍّ شبه وسطيّ يرضي قادة كستان اكثر ممّا يرضي الحكومة المركزية في بغداد , وهو حلٌّ افتراضيّ لم يُدوّن على ورقة .!

هنالك ايضاً اتهاماتٌ شديدة من احزابٍ وكتلٍ برلمانيةٍ لرئيس الوزراء بمنحه امتيازاتٍ ماليةٍ كبيرة الى الإقليم بما يفوق ما تحصل عليه ايّ محافظةٍ عراقية او عموم العراق , وخارج مفهوم الدستور , بل أنّ بعض الأطراف السياسية الفاعلة تتهمه بالأنحياز الى حكومة الأقليم بأكثر من ولائه للعراق , كما أنّ توجهاً من كتلٍ برلمانيةٍ لمساءلة رئيس الوزراء وبمعية وزير النفط حول هذا الشأن , ولا نقول استجوابه .!

ومع وجودِ نقاط الخلاف بين بغداد والأقليم في مسائلٍ شتى ” تحرص الحكومة العراقية على عدم إبرازها في الإعلام ” , لكنّ مسألة محافظة كركوك هي النقطة الستراتيجية والمحورية بين قيادة الأقليم وبين اية حكومة عراقية , وكركوك النفطية الثرية هذه يسموها الأخوة الكرد بقدس كردستان .! بل هي تمثّل اكثر من ذلك في رؤى الأقليم , ويتفجّر الوضع اليوم في هذه المدينة < التي جرى الغاء تسميتها ” بمحافظة التأميم ” > بأختيار كلا الحزبين الكرديين الرئيسيين ” الأتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني ” لمرشّح كردي ليتولى منصب محافظ كركوك , ممّا ادى الى اندلاع تظاهراتٍ مشتركة من التركمان والعرب فيها بالضد من انتخاب المحافظ الجديد , ومن التخوف والخشية على مصائر هذه المكونات . !

من جانبٍ آخرٍ او من زاويةٍ أخرى ذاتَ صلة ما في جوهر الموضوع , فقد سبق للسيد عادل عبد المهدي منذ شهورٍ خلت , أنْ سحبَ قوات مكافحة الأرهاب من كركوك واستبدلها بأحدى الفرق العسكرة الكردية التابعة لرئاسة الجمهورية , وكان يصعب استيعاب وادراك ماهية هذا الأمر ” اعلامياً ” ولدى الرأي العام العراقي .!

ومن الجوانب الأخرى اللائي كانت وما برحت كعاملٍ مساعدٍ لبلوغ هذه المرحلة الصعبة بين بغداد والأقليم , هي الضُعف والتشظّي السياسي للأحزاب الكردية الأخرى لحكومة الأقليم وتشكيلاتها , وافتقادها للقدرة على توحيد مواقفها في هذا الشأن .

في استقراءٍ للمجمل العام في هذه الأزمة وما قبلها وما بعدها , فأنّ حكومة الأقليم المتشكّلة من العشيرة البرزانية العريقة والمحترمة , فكلّ ذلك وغيره يشكّل قنبلةً موقوتةً وموجّهةً بوجه ايّ حكومةٍ عراقية مهما كانت , ومهما كانت ولاءاتها .! , وإذ الشعب العراقي مستبعد كليّاً في إبداء رأيه والأخذ به لطبيعة العلاقة مع الأقليم , فأنّ الأمريكان اصلاً هم السبب الستراتيجي او التراجيدي في وجود الكيان السياسي للأقليم , ومن ثمّ فأنّ الأطراف والقوى السياسية الحاكمة هي المسبب الآخر لما يجري في الأقليم , وذلك اثناء تفاهماتها مع السيد مسعود البرزاني والرئيس الراحل جلال الطالباني خلال وجودهم في المعارضة واثناء عقدهم لمؤتمر لندن الذي سبق احتلال العراق , وهم الآن يفرضون على الشعب العراقي قسراً دفع هذا الثمن .! 

أحدث المقالات

أحدث المقالات