زرع الأدمغة البشرية .. حقيقة أم خيال ؟

زرع الأدمغة البشرية .. حقيقة أم خيال ؟

خاص : ترجمة – آية حسين علي :

ساهم تطور العلم في إتاحة الفرصة لزرع كل أعضاء الجسم في جسم آخر، لكن حتى الآن لم يكتشف العلماء إمكانية إجراء عملية زرع للدماغ، ويرجع السبب إلى أن “العقل” يرتكز به، لذا فإنه لا يعد جزءًا من السهل تبديله، وإنما يعتبر عضوًا خاصًا لكل شخص، ومن الواضح أن الحفاظ على الدماغ بعد الموت أو نسخه عملية تتخللها الكثير من علامات الاستفهام والجدل.

وعندما يتعلق الأمر بالعضو الذي يعتبره البعض الشيء الأكثر تعقيدًا في العالم، فإن التحديات التكنولوجية تكون متعددة، وتدفع بعض النجاحات العلمية الحقيقية إلى الإعتقاد بأن إمكانية الحفاظ على أدمغة الإنسان، بعد الموت، لم يعد مجرد مزيجًا بين ما يعرف بــ”ما بعد الإنسانية” و”الخيال العلمي”؛ وإنما هو علم سوف يأتي خلال القرن الحادي والعشرون.

وعرض عالم الأعصاب بجامعة “يال” الأميركية، “نيناد سستان”، خلال مؤتمر للمعاهد القومية للصحة في “الولايات المتحدة”، في آذار/مارس الماضي، تقنية تعرف بــ”براين إكس-BrainEx”؛ سمحت بالحفاظ على أدمغة الخنازير طيلة 36 ساعة بعد إخراجها من الجسد.

ويفضل “سيستان” عدم التعليق على الدراسة، إذ أن مجلة (إم. آي. تي. تكنولوجي ريفيو) بصدد نشرها، إلا أنه أوضح أن التقنية تعتمد على نظام لضخ الدم وبديل للدم، (دم إصطناعي)، للحفاظ على تغذية المخ وإمداده بالأكسجين، ووصف النتائج بأنها غير متوقعة ومذهلة، ورغم عدم وجود إشارات على أن أدمغة الخنازير كانت في حالة وعي – قد تكون في حالة تشبه الغيبوبة – أكد الباحث أنه يمكن تطبيق نفس الطريقة على أنواع أخرى بما فيها الحيوانات الرئيسيات.

وبعد إعلان “سيستان”، نشر مع 16 عالم أعصاب وبيولوجيا، في نيسان/أبريل الماضي، تقريرًا في مجلة (ناتشر) العلمية؛ عرضوا فيه تأثيرات تطبيق تجارب على أنسجة المخ البشري، وأتفق الخبراء على أن بعض الأقاويل المتادولة في وسائل الإعلام مجرد خيال، يبرز من بينها مشروع جراح الأعصاب الإيطالي، “سيرخيو كانافيرو”، لزرع أدمغة بشرية، وعلق طبيب النفس والأعصاب، “ستيفين هيمان”، بشأنه لمجلة (إم. آي. تي) قائلًا إنه: “أمرًا ليس ممكنًا حتى على المدى البعيد”.

جهود رقمنة الأدمغة البشرية..

خرجت إلى السطح الكثير من الاقتراحات الجريئة في هذا الشأن، تعطي دفعة جديدة، على الأقل بين جزء من العلماء، وفي مؤسسة “غانيليا”، التابعة لـ”معهد هوارد هيوز الطبي” البحثي، بـ”الولايات المتحدة”، تحاول الباحثة، “كينيث هايوراث”، التوصل إلى طريقة يمكن من خلالها الحفاظ على الدماغ بعد الموت، وتسجيل كل الرسائل التي يستقبلها أو يرسلها من أجل تخزينها في شكل رقمي، ما يعني نقل ما يحتويه العقل إلى الحاسوب.

وكانت مؤسسة “براين بريسيرفيشن”، التي تديرها “هايوراث”، قد منحت جائزة لشركة “نتكوم” التي تعتزم حفظ أدمغة بشرية في محلول تزجيج تمهيدًا لرقمنة محتوياتها في المستقبل، بما في ذلك ذكريات الشخص، تمهيدًا لزرعها، ومن يعلم، ربما يستعيد الشخص المستقبل للدماغ الجديد وعيه بعد العملية.

أثارت جهود “نتكوم” و”هايوراث” الشك والرفض بين علماء الأعصاب، وبعدما أُعلِن عن تعاون بين مدير مجموعة الأبحاث البيولوجية العصبية الإصطناعية، التابعة لمؤسسة “إم. آي. تي. ميديا لاب”، قرر الأخير قطع العلاقات، وكان السبب وراء ذلك هو أن “نتكوم” كانت تعتزم محاولة حفظ أدمغة مرضى لا يزالون على قيد الحياة، بالإضافة إلى أن علم الأعصاب لم يتطور لدرجة تسمح بإمكانية اعتبار أي طريقة للحفاظ على الدماغ البشري تمهيدًا لنقله كافية لحماية الجزيئات الحيوية المرتبطة بالذاكرة والعقل، كما أنه من غير المعلوم احتمالية أن يستعيد الشخص وعيه بعد عملية الزرع.

وصرح عالم الأعصاب بجامعة “بنسلفانيا”، “هونغجون سونغ”، لمجلة (أوبن مايند-OpenMind)، بأن: “وجهة نظري الحالية هي أن معرفة عتاد الدماغ، (hardware)، أي دراسة كل الرسائل التي يرسلها ويستقبلها، ليس كافيًا، نحتاج إلى التعرف على برمجياته، (software)، وكيف يتعامل المخ مع المعلومات”.

“الأدمغة المصغرة”..

على هامش هذه المشروعات المثيرة للجدل، هناك خط بحثي آخر يحقق نتائج مذهلة، مثل ما يعرف بـ”الأدمغة المصغرة”، ويتعلق الأمر بالتركيز على استخدام “الخلايا الجذعية” من أجل إنتاج خلايا عصبية يمكنها التواصل فيما بينها في إطار بنية لا يزيد حجمها عن حجم حبة الأرز، لكنها قادرة على العمل كما لو كانت أدمغة مصغرة، وتمكن العلماء مؤخرًا من زرع أدمغة بشرية صغيرة تنشيء أوعية دموية خاصة بها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة