17 نوفمبر، 2024 2:53 م
Search
Close this search box.

في العراق معارضة للابتزاز!

في العراق معارضة للابتزاز!

عُرفت المعارضة السياسية في معظم الدول الديمقراطية على إنها خيار وطني تنتهجه مجموعة أو أفراد داخل قبة البرلمان لمراقبة وتقويم عمل المؤسسات الحكومية. لتكون صوت من لا صوت لهم في تلك المؤسسات، وغالبا ما تتحلى بالفطنة واليقظة في معارضتها للحكومات.
لكن الأمر في العراق مختلف تماما عن هذه المبادئ والقيم، حيث تصّر القوى السياسية على أن تتحف العراقيين وبشكل غير مسبوق في أي دولة بالعالم، بقلب هذه المفاهيم إلى ابتزاز جهوي واستخفاف بالمواطن.

ومثال ذلك، تيار “الحكمة” بزعامة “عمار الحكيم” الذي أعلن مؤخرا انتقاله إلى المعارضة داخل البرلمان، لكنه في الوقت ذاته ما زال يفاوض للحصول على حصته من الدرجات والمناصب الخاصة في الحكومة كوكلاء الوزراء، والمديرين العامّين والمستشارين والسفراء، وهذه الدرجات إلى الآن محلّ خلاف وتنافس بين مختلف القوى السياسية.
هذا ما كشف عنه القيادي في التيار “حميد المعلة” قائلا: “إن قياديين بالتيار يتفاوضون مع القوى الأخرى بشأن الدرجات الخاصة وإنهم سيدافعون بشراسة عن حصتهم من هذه الدرجات.
وتوقع “المعلة” أن تنضم كتل أخرى إلى المعارضة في حال لم تحصل على حصتها من المناصب.

عمليا، يبدو إعلان “عمار الحكيم” انتقال تياره للمعارضة وهو جزء من منظومة الحكم في العراق، وأحد الذين أسسوا لمفاهيم الحالة العراقية القائمة الشاذة، إنه يتمحور في اتجاهين، الأول هو استباق للتظاهرات الكبيرة المتوقعة في المحافظات الجنوبية على خلفية تراجع الخدمات الحكومية، وبذلك يحاول الحكيم إظهار نفسه أنه خارج إطار المنظومة الحاكمة التي تواجه انتقادات واسعة على الصعيدين الشعبي والسياسي.
أما الاتجاه الثاني يأتي في إطار صراع النفوذ على السلطة بين أطراف الحكم وتحديدا أحزاب الإسلام السياسي “الشيعي”، مع تلكؤ الحكومة في أداء واجباتها، لذا يحاول الحكيم استغلال هذا الوضع من أجل استمالة الشارع العراقي الناقم، لما يمتلكه من قدرة على “الخطابة” واللعب على وتر “الوطنية” في ظل تردي الأوضاع الخدمية والإنسانية.

هذه الشعارات ذات الطابع “الإصلاحي” التي ينادي بها عرابو المعارضة، مستغلين ضعف أداء الحكومة وعدم اكتمال كابينتها الوزارية، تبين أنها محاولة لتعويض خساراتهم على على الصعيدين السياسي والشعبي.
ويبدو هذا واضحا من خلال ما توقعه القيادي في تيار “الحكمة” حميد المعلة بانضمام كتل أخرى إلى المعارضة في حال لم تحصل على حصتها من المناصب.
لذلك بدأ تيار “الحكيم” العمل عل. إعادة تحالفاته السياسية وتمتينها مع “النصر” بزعامة حيدر العبادي، و”الوطنية” بزعامة إياد علّاوي، و”القرار” بقيادة أسامة النجيفي، إلى جانب الأكراد وكل هؤلاء لديهم خلافات مع حكومة بغداد، للعمل على رصد “أخطاء الحكومة” وبالتالي يأمل أن يكون له -تيار الحكمة- تأثير في الحراك المرتقب في اللحظة السياسية المناسبة، ما يعني ابتزاز مع سبق الإصرار والترصد.

هذا النهج دأب عليه ساسة العراق منذ الاحتلال عام ٢٠٠٣ وحتى الآن، كنوع من أنواع المعارضة “إذا أخذ سكت وإذا حُرم نطق”، بالنتيجة الحكيم يريد ساقا داخل الحكومة وأخرى خارجها، موهما الناس بأنه معارضة والحقيقة أنه شريك غير معلن.
ليس مستغربا على سياسيين تعاونوا على احتلال البلاد وامتهنوا سرقته واستخفوا بالعباد أن يفعلوا كل ذلك، لكن المستغرب هو استكانة ورضوخ شعب تاريخه ضارب في القِدَم، لدرجة أن يعيد انتخابهم ثلاث مرات، ويخرج بتظاهرات للمطالبة بالخدمات دون سواها من الكبائر التي تعصف بالبلاد.

أحدث المقالات