سماء الوطن مكتضة بغيوم المصائب، امطارها احزان حصدت بقايا الفرح الذي اصبح نادراً في حياة العراقيين، كل يوم تحصد مناجل الارهاب اغصان جديدة من مزرعة الحياة، والارهاب اصبح ضيفاً ثقيل الظل وغير مرحب به فهو لايملك حياء ولا ضميرا، لم ينكسر قلبه على أم تذرف سنين عمرها خلف الراحلين، ولم يتأثر بصراخ طفل يبحث عن جثة ابيه بين اكوام الخراب، ولم يندى جبينه لشيبة أب بللتها دموع الوقار من فرط المصاب، الارهاب هاجس مخيف يسعى الى ان تتوقف حركة الحياة في ربوع الوطن، وبين هذا وذاك تتعالى بعض الاصوات تدعوا إلى الحوار ودرء الفتنة عن هذا الشعب ووقف نزيف الدم من ابنائه وتسعى إلى إيجاد المشروع الوطني الذي يحفظ وحدة العراق ملبين بذلك نداء الواجب الشرعي والوطني والاخلاقي تجاه شعبهم الذي يذبح كل يوم حتى اصبح الانسان العراقي ارخص بضاعة لتجار الحروب والارهاب والطائفية الذين خلعوا الرداء الإنساني وتجلببوا برداء النفعية المقيت. وقد يتبادر الى الذهن السؤال المهم الذي صدرناه مقالنا (تبادل القُبل بين المالكي والنجيفي هل هو الحل ) وهل ان الاجتماعات واللقاءات والحوارات كافية لوقف نزيف الدم العراقي، ام اننا نحتاج الى وقفة حقيقية مجردة من كل النوازع النفسية والارادات السياسية والرواسب الطائفية التي لازالت عالقة في ذهن الكثير ممن يتصدون للعمل السياسي ويتحكمون بمصير البلاد واهلها؟ لقد تابع الجميع يوم امس الاجتماع الذي دعا لهُ سماحة السيد عمار الحكيم وهو بالطبع خطوة جيدة ومرحب بها من قبل كل الاطياف مادامت الغاية منها هو تقريب وجهات النظر والخروج من عنق الزجاجة الذي وضع السياسيون انفسهم فيه بسبب الحملات الاعلامية والتراشق بالتهم والتطرف بالمواقف مما انعكس سلباً على الواقع السياسي والامني، ولكن ليس من الحصافة والكياسة ان يتم التركيز في هذا اللقاء على تبادل القُبل بين المالكي والنجيفي فذلك امر غاية بالسذاجة اذ ليس من المعقول اوالمنطق ان يربط مصير العراق ودماء شعبه بمثل هذه اللقاءات الرمزية ويبقى رهين لكرنفالات التقبيل بين السياسيين، واغلبها قُبل كاذبة صفراء الغاية منها التسويف وكسب المزيد من الوقت للهروب من السخط الشعبي الناقم من الحكومة التي باتت عاجزة تماماً عن توفير كل مستلزمات الحياة الحرة الكريمة لهذا الشعب. ولكن ماذا لو توقفت العمليات الارهابية حقاً بعد حفلة القُبلات؟!! وما علاقة هذه بتلك؟ وهل يوجد تنسيق بين المجاميع الارهابية وهؤلاء القادة السياسيين؟ ألا يحق لهذا الشعب ان يرفع دعوى قضائية ضدهم باعتبارهم متهمين بسفك الدماء البريئة لهذا الشعب المظلوم؟ ثم اذا كانت هذه القبل هي طريق الخلاص ونهاية مآسي هذا الشعب المظلوم فلماذا تأخرتم بها؟ وهل نحن بهذه الغفلة والسذاجة؟ الا تخجلون من انفسكم أليس فيكم حكيم رشيد يدلكم على جادة الصواب التي زلت عنها اقدامكم بسبب التعنت والتسلط والتكبر والغرور الذي اصابكم من فرط نشوة السلطة وامتيازات الكرسي التي لم تكونوا تتصورها حتى في احلامكم؟ ومع شكرنا لصاحب الدعوة لهذا الاجتماع نتمنى من القادة جميعاً ان يحترموا مشاعر هذا الشعب وان لاسيتفزوه بنزقهم ومراهقتهم السياسية التي لاينتظر منها إلا اضافة اسماء جديدة لقوائم الشهداء والارامل واليتامى. الا لعنة الله على كل حاكم لايفكر بدماء شعبه وتضحياته.