لا يطيق العراقيون تذكر الأحداث المأساوية التي عاشوها في سنوات العنف الطائفي بين عامي 2006 و2008 عندما كان سكان مناطق واسعة من البلاد يعيشون في أجواء مرعبة وخاصة العاصمة بغداد لكن مخاوف سكان العاصمة بدأت تتعاظم مؤخراً بعد تواتر الأنباء عن جثث ملقاة في الشوارع تحمل دلالات تصفيات طائفية ونصب نقاط تفتيش وهمية لتوقيف الناس على أساس هويتهم الطائفية وتصفيتهم فيما بعد.وتتزامن هذه الأحداث مع تصاعد حدة التفجيرات بصورة لافتة في بغداد ومحافظات أخرى حيث يشن مسلحون يُعتقد بارتباطهم بتنظيم القاعدة هجمات منسقة عبر سيارات ملغومة وقنابل خلفت مئات القتلى والجرحى في الأسابيع الأخيرة.لكن يبدو أن التفجيرات التي تخف وتيرتها حينا وترتفع مرات أخرى لا تشكل هاجسا كبيرا لدى العراقيين مثلما تثيره عودة الميليشات الطائفية.وردا على تلك الأنباء يقول احد الأهالي حيث يقطن العاصمة بغداد ، “نعم. هناك سيطرات وهمية تظهر في بغداد والعلاسة (الواشون الذين يعملون لصالح الميليشيات) عادت مع الميليشيات وقد اختطفت العديد من المدنيين في بغداد”.وقسم العنف الطائفي في ذلك الوقت أوصال مدينة بغداد بين ملييشيات شيعية وسنية مارست التهجير بحق السكان والقتل على الهوية.وخلفت الأحداث التي انطلقت شرارتها الأولى من سامراء عندما فجر مسلحون مرقدا دينيا في 2005 عشرات آلاف القتلى وأحدث شرخاً واضحاً في بنية المجتمع، ونفذت القوات الأمريكية والعراقية حملة أمنية واسعة النطاق تمكنت من استعادة السيطرة على الأوضاع بعد معارك شرسة لكن زعماء الحرب الطائفية فر معظمهم إلى إيران ولم يحاكموا، ونفت وزارة الداخلية انتشار ميليشيات في العاصمة بغداد وقتلها لأشخاص على خلفيات طائفية، وقالت إن جرائم القتل المرصودة خلال هذه الأيام هي ذات طابع جنائي،وكانت أجهزة الأمن قد شنت بالفعل قبل أيام حملة واسعة النطاق بمشاركة 20 ألف عنصر باسم “عملية الشبح” لملاحقة ما قالت الحكومة إنهم “إرهابيون يتبعون تنظيم القاعدة” في محافظة الانبار الغربية التي تشهد إلى جانب محافظات أخرى ذات غالبية سنية احتجاجات مناوئة لسياسات المالكي منذ كانون الأول الماضي.وجاءت العملية في خضم توترات أمنية شهدتها المحافظة وتهديد مسلحين من أبناء عشائر لقوات الجيش باستهدافها إن لم تغادر الانبار.وأكد المالكي ضرورة “ملاحقة جميع أنواع الميلشيات والعصابات المسلحة الخارجة عن القانون والتي تريد أن تثير موجة من الاقتتال المجتمعي”، مبينا أن “هذا الأمر هو بالنسبة للحكومة خط احمر”.وغذت التوترات الطائفية انقسامات سياسية تعود إلى 2010 عند تشكيل الحكومة العراقية لكنها تعمقت بصورة غير مسبوقة منذ رحيل القوات الأمريكية في أواخر 2011.وأبدت منظمات دولية وأمريكا ودول غربية وحتى إيران مخاوفها من انزلاق العراق إلى هاوية نزاع طائفي بعد أن تأثرت البلاد بشدة بالحرب الأهلية الدائرة في سوريا منذ أكثر من سنتين، واتهم النائب عن كتلة الأحرار جواد الحسناوي الحكومة العراقية بأنها هي من تحرك المليشيات المسلحة في العراق موضحا ان المليشيات الموجودة ألان التي تمارس القتل تتحرك بأسلحة الدولة وكواتم الدولة وتتحرك بهويات تابعة للأمانة العامة لرئاسة الوزراء.وقال جواد الحسناوي في تصريح صحفي يوم 1 حزيران 2013 : ”ان هذه المليشيات كانت تحرك من قبل رئاسة الوزراء وكانت تحرك من قبل الأجهزة الأمنية وهي مدعومة لوجستيا وماليا من هذه المؤسسات وكانت تمارس عملية القتل والخطف وحتى في بعض الأحيان تتجه إلى التفخيخ في سبيل إشاعة الفوضى والرعب بين المواطنين ،موضحا ان هذه الميلشيا نفسها استدرجت عامي 2006/2007 إلى حرب طائفية وإنها نفسها تعود بوجهها المكشوف بعد ان كانت ترمى ذلك لكتلة ما او تيار معين” على حد تعبيره،وأضاف “ان هذه المليشيات كشفت النقاب عن وجهها البشع وألان أصبحت هي أصلا تتحرك بأسلحة الدولة نافيا الاتهام الذي وجهه رئيس الحكومة لبعض النواب بأنهم من يمارس القتل والتفخيخ “،ونبه الحسناوي الى ان المليشيات الموجودة ألان التي تمارس القتل تتحرك بأسلحة الدولة وكواتم الدولة وتتحرك بهويات تابعة للأمانة العامة لرئاسة الوزراء وهذا حسب الاطلاع الاستخباري الموجود والتقارير التي كانت ترفع ونطلع على بعضها من قبل بعض الضباط الذين وصفهم بالشرفاء وليس على جميعها.ونقل النائب عن كتلة الأحرار المنضوية بالتحالف الوطني ان بعض المليشيات تمتلك هويات تابعة إلى مجلس الوزراء ويتحركون بكل يسر وسهولة بين السيطرات الموجودة وينصبون السيطرات الوهمية وألان يمارسون مع شديد الأسف القتل على الهوية وليس فقط للناس بل يستهدفون الشخصيات السياسية والشخصيات العشائرية الاجتماعية بحيث تشاع فوضى معينة يراد منها الكسب السياسي والضغط السياسي وهذا كله يدفع ثمنه المواطن العراقي، وان بقاء المالكي في السلطة يعني مزيدا من النزيف العراقي ومزيدا من الأزمات ،وعلى النخب السياسية والمثقفة ان تقرأ كل الخيارات بما فيها الوضع الإقليمي وانعكاساته على الوضع العراقي ،وهناك إجماع في مراكز الدراسات والبحوث الأمريكية ان بقاء المالكي في السلطة أصبح عبء كبير على العراق وعلى التحالف الوطني والكتل السياسية الأخرى الاتفاق بضرورة اختيار بديل يجمع كل العراقيين من خلال انتخابات مبكرة لإنقاذ ما تبقى إنقاذه ،هذا ونددت أوساط دولية عديدة بأعمال العنف المتصاعدة في العراق والتي خلفت مئات القتلى والجرحى، مبدية تخوفها من مرحلة “مجهولة” في إشارة إلى تنامي الانقسامات الطائفية في البلاد وتحولها إلى حرب مفتوحة في حالة عدم الذهاب إلى خيار البديل .