26 نوفمبر، 2024 11:18 م
Search
Close this search box.

تصريحات هامّة للصحفي روبرت فيسك

تصريحات هامّة للصحفي روبرت فيسك

حظِيَت المنتديات والمحافل السياسية والإعلامية مؤخرا بتصريحاتٍ وافكارٍ ورؤى ادلى بها الصحفي البريطاني الشهير د . روبرت فيسك مراسل صحيفة الأنديبيندنت البريطانية في الشرق الأوسط , والذي   اتّخذ من بيروت مقرّاً لإقامته , وقد سبقَ للسيد فيسك بتغطية العديد من الحروب والمعارك والأحداث التي جرت في البلان العربية وغيرها ” منذ اواسط السبعينات ولغاية الآن ” فضلاً عن انه ضليع في شؤون الساحة اللبنانية ومداخلاتها . وفي مقابلةٍ خاصّه اجرتها مؤخّرا شبكة تلفزيون ” أي . بي . سي ” الامريكيه مع السيد فيسك , فقد وجّه له مراسل الشبكه سؤالاً محدداً كانت فحواه : ” متى سينتهي أمر هذا الغبار الذي يسود ويكتسح الثورات او الإنتفاضات العربية وبما لها من تسميات اخرى , كما اجدني في اندهاشٍ – والكلام للمراسل – عن ( كم ) من الديمقراطية المُصَيَّره سوف نراها هناك ؟ ” , وكان جواب فيسك : – عندما سيزول هذا الغبار الذي اجده يلفّ ويغطي اليقظة العربية فسأكون انا وانت قد فارقنا الحياة ومنذ زمنٍ طويل . !!!  وقد لايكون هذا متفقاً تماماً مع ما ترتأيه  شبكة – أي . بي . سي – او  صحيفة الأنديبيندنت في لندن كموعد لتلاشي ذلك الغبار , وقد لا يبقى ذلك الى مدى العمر ايضا , أن يذهب التأريخ فنَعم , وأن تذهب الديمقراطية كطراز او طبيعة او كيفية فنَعم ايضا , لكنّ ما تبحث عنه الشعوب في تلك المنطقة العربية فهو ليس الديمقراطية رغم توقهم لبعضٍ منها , كما انهم لا يبحثون ايضا عن ” حقوق الإنسان ” بالرغم من حاجتهم للكثير منها  , إنَّ ما تبحث عنه الشعوب العربية هو : العدااالة والكرااامه , وهما ليسا ذات الشيئ ويختلفان عن بعضهما , وإنَّ السؤال هو : > هل نحن في الغرب لدينا النيّه لمنح العرب هذه العداله ؟؟ < ولأنّ ذلك معناه انّ علينا التعامل بسواء وبعدلٍ وحق مع الفلسطينيين , مع كشمير , ومع لبنان , وانني لست واثقا مما نريد أن نقوم به او بما سنفعله . !! وهذا هو بالضبط السؤال الذي ينبغي طرحه : هل اننا نريد ديمقراطيةً ان تحل في الشرق الأوسط ؟ أمْ نريد صيغة مخففه من الديكتاتوريين الذين تكرّمنا بتنصيبهم سابقا في المنطقة كحسني مبارك والقذافي  والذين اعتدنا ان نحبهم . . ! , وعلى صعيدٍ متّصل ومنفصل ! فجرعةٌ من الأمل اعطاها فيسك للّبنانيين > في هذه الاجواء وهذه الأيام التي تشهد توتّرا  سياسيا ومسلحا في مناطقٍ ومدنٍ عدّه من لبنان < إذ بدا واثقا من نفسه وهو يقول ” لا حرب اهليه جديدة في لبنان ” , رغم اعتقاده انّ التوتّر سيبقى سمة هذا البلد طالما انَّ شعبه غير قادر على نزع الطابع الطائفي  عن النظام السياسي …   وبعبارة : > مأساتنا ترجع الىى تأريخنا < ينظر فيسك الى ازمات المنطقة في كتابه ” الحرب الكبرى تحت ذريعة الحضارة ” ليخلص الى القول “” كيف نصحح التأريخ .. تلك هي المسأله “”  واذا ما اضيفت عبارة ” تصحيح التأريخ ” الى ما قاله الكاتب الفرنسي ” البير كامو ” بأننا : – لا نستطيع الهروب من التأريخ  طالما اننا نعيش فيه – فيكون السؤال عن العلاقة بين تصحيح التأريخ والهروب منه , ودور الصحفي في هذه الدينامية , وهذا ما كان محور جلسة النقاش التي نظّمتها جامعة ” السيدة لويزه ” مع د. روبرت فيسك مؤخرا . وبما انّ الحديث يدور حول التأريخ وارتباطه بالحاضر , فقد اختار فيسك ان ينطلق في مقاربته من الحرب العالمية الاولى ” التي شارك والده فيها على الجبهة الفرنسية , والتي علِم فيسك عنها في طفولته وشبابه الكثير ” وتلك الحرب وتداعياتها السياسية ربما كانت اول ما فكّر به فيسك حين وطأت قدماه بيروت في منتصف السبعينات , ولعلّ السبب في ذلك  انَّ تلك الحرب قد حدّدت وقائعاً سياسية ما برحت ترسم شكل العلاقات سواءً في الوطن العربي ” الذي اضحى فيسك واحداً من اهم المتخصصين بشؤونه ” او في مناطق اخرى عملَ فيها مراسلاً على غرار جمهوريّتَي البوسنه وصربيا السابقتين , وهكذا فإنَّ كل ما تعيشه المنطقة العربية مرتبط بشكل او بآخر بمداخلات وتداعيات تلك الحرب الكونية الأولى بدءاً  ب > الحدود المصطنعه < التي رُسِمت في اتفاقية ” سايكس – بيكو – , وصولاً الى وعد بلفور الذي مهّدَ لقيام دولة اسرائيل على ارض فلسطين . وبالطبع فإنَّ اختيار فيسك لبيروت كمقر له في الشرق الأوسط دون سواها كان قلب عاصفة التحوّلات التي افرزتها الحرب العالمية الأولى , ولعلّ الظاهرة الأبرز  لهذه الإفرازات تتمثّل في تكريس   الفرنسيين للطائفية في نظام الحكم اللبناني , فلبنان يُنظر اليه كدولة حديثة إنما ليغدو هكذا فعلاً فمن الضرورة نزع الطابع  الطائفي عنه , ويضيف مخاطباً مستمعيه بتشاؤم : – لا اعتقد أن بوسعكم نزع الطائفية من لبنان طالما انها باتت مرتبطة بهوية هذا البلد , رغم الطمأنه بأن لا حرب اهلية جديدة في لبنان , ورغم ما يواجهه من ازمةٍ هي من اضخم  الأزمات , ويستند فيسك في نظرته المطَمئنه الى انَّ الشعب اللبناني  وخصوصا جيله الجديد قد بات اكثر نضجا  مقارنةً مع بما كان عليه عام”1975″ وكذلك اكثر مناعة تجاه الأنجرار نحو الحرب , علاوةً لما لمسه من السياسيين من عدم الرغبة في دفع البلاد نحو الهاوية …. وربما يكون فيسك مفرطاً في تفاؤله فقرار الحرب قد لا يكون بأيدي اللبنانيين ….. ومن جانبٍ آخرٍ , فقد اُثير مرّةً اخرى موضوع الرسوم المسيئة للرسول ” ص ” في الصحف البريطانية خلال الاسبوعين الماضيين والى حد أن نشرت بعض الصحف رأيين متعارضين في الموضوع في مكانٍ واحد .!! ويُعلّق فيسك على ذلك بالقول ” إنها صبيانية الحضارات ” ويضيف ايضا : إنّ الأمر لا يتعلّق بمواجهة بين الأسلام والعلمانية , لأنّ المسلمين وبكل بساطة ينظرون الى نبيّهم على انه الرجل الذي اصطفاه الله لتلقّي الوحي بينما ننظر نحن في الغرب الى انبيائنا على انهم جزء  من العهود التأريخية السحيقة بما لا يتلاءم مع حقوق الأنسان الحديثة , ويضيف ايضا : إنَّ المسلمين وخلافاً لنا نحن , يعيشون ديانتهم   على الوجه الأكمل وقد تمكّنوا من الحفاظ على عقيدتهم رغم مطبّات الدهر , ويقول : إنّ الحل لا يكمن في أن نهاجم ديانات الدول الأخرى , ثمّ يهاجم فيسك ايضا القادة السياسيين الذين تذرّعوا ” حسب رأيه ” بالقول ان ليس بوسعهم التدخّل في السياسة  التحريرية للصحف , ويضيف : لو كانت تلك الصور تحملُ رسماً لحاخام يهودي  يرتدي قبّعه في شكل قنبلة لقامت الدنيا ولم تقعد ولصكّت آذاننا من كثرة الحديث عن السامية , ويسترسل فيسك : انّ تشريعات بعض الدول ومن بينها المانيا وفرنسا والنمسا تمنع نفي وقوع المحرقة اليهودية والأرمينية , ويتابع  حديثه قائلا : إنَّ الوقتَ غير مناسبٍ لتسخين ” وجبة ” صموئيل هننجتون حول صراع الحضارات , فأيران يحكمها رجال دين وكذلك الشأن في العراق الذي فوجئ الجميع ان تؤدي الأنتخابات الديمقراطيه الى صعود حكومة رجال دين ايضا , وفي مصر فازت حركة الأخوان المسلمين , ولدينا الآن حركة حماس في فلسطين , إذن : اليس في كلِّ هذا رسالة معيّنه فحواها أنَّ السياسات الامريكية بتغيير الانظمة في الشرق الأوسط لا تُؤتي أكلها . ! ثُمَّ أن تأتي قضية الرسوم وتصبُّ زيتها على هذه النار المشتعلة .! فالأمر في غاية الخطورة , ويضيف فيسك : إنَّ المسألةَ ليست هي تصوير النبي محمّد لأنَّ القرآن لمْ يُحرّمْ  ذلك – على حدِّ تعبيره – بل أنَّ ملايين المسلمين هم الذين يحرّمونه , وإنَّ اخطر ما في الأمر هو أنَّ تلك الرسوم صوَّرَت النبي محمّد بصور’ العنف على الشكل الذي يُصَوَّر به بن لادن واعطت صورة عن الأسلام بأنه دين عنف , لكنَّ الأمر غير ذلك بتاتاً , إلاّ اذا كُنّا نريد ان نجعله كذلك ….. وإذ تنتهي هنا المقاطع المنتخبة التي اختيرت لتصريحات و احاديث د. روبرت فيسك في الآونة الأخيرة , إلاّ أنّهُ ومن خلال معرفتي وعلاقتي الشخصية بفيسك منذ اكثر من ربع قرن , فارى انه من المؤسف أن لم تشرع وتبادر العديد من الفضائيات والصحف العربية والوطنية والمحلية لإستضافة ومحاورة د. فيسك  – والإستزادة مما يطرحه من رؤى وافكار تتعلّق بعموم الشأن العربي ولِما يشكّله من مادّةٍ إعلامية في غاية الثراء .
[email protected]

أحدث المقالات