خاص : ترجمة – لميس السيد :
يتوقع خبراء القرصنة الإليكترونية أن الحرب العسكرية لو لم تندلع بين “إيران” و”الولايات المتحدة”، فإن “الحرب الإليكترونية” ستكون حتمية بالضرورة.. ورد ذلك في مقال نشرته مجلة (فورين بوليسي) الأميركية مؤخرًا، ناقش احتمالات الحرب المقبلة بين “طهران” و”واشنطن”.
وسط تصاعد المواجهة بين “واشنطن” و”طهران”، كثف القراصنة، الموالون لـ”إيران”، في الأسابيع الأخيرة، عملياتهم في الفضاء الإلكتروني فيما يبدو أنه استعدادات لشن هجمات محتملة على الشركات الأميركية، وفقًا لشركات الأمن الأميركية والمسؤولين الحكوميين.
هجمات متبادلة في الفضاء الإلكتروني..
تقول المجلة الأميركية أن النشاط الإيراني المتزايد في الفضاء الإلكتروني؛ يأتي في الوقت الذي أعلنت فيه “طهران”، يوم الإثنين، أن مخزوناتها من (اليورانيوم)، منخفض التخصيب، تجاوزت الحدود الموضوعة في الاتفاقية النووية لعام 2015؛ التي وقعتها “إيران” والقوى العالمية.
يمهد هذا الإعلان الساحة لتجديد المواجهة بين “إيران” و”الولايات المتحدة”، والتي قد تنجح على “الإنترنت”، حيث تحاول “واشنطن” و”طهران” إلحاق الأذى ببعضهما البعض.
بالنسبة إلى مراقبي “الصراع السيبراني”، فإن استعدادات “إيران” للهجوم تمثل بداية محتملة لمرحلة جديدة من “الحرب الإلكترونية”، حيث تتاجر البلدان بالهجمات المتبادلة في الفضاء الإلكتروني.
ويتصاعد الصراع بين “الولايات المتحدة” و”إيران” بشكل غير مسبوق، حيث صرح الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، في أواخر الشهر الماضي، أنه ألغى ضربة قوية ضد “إيران” قبل توجيهها بدقائق؛ بهدف الرد على ضرب طائرة أميركية بدون طيار بالقرب من المجال الجوي الإيراني، وهو ما كان سينتج عنه مقتل 150 إيرانيًا، وهو “خيارًا دمويًا” إلى حد كبير، بحسب “ترامب”.
لذلك؛ وجد “ترامب” برنامجًا أقل دموية لتوجيه الرد ضد “إيران” في الفضاء الإلكتروني، حيث تفيد التقارير بأنه سيكون من شأنه توجيه هجمات ستستهدف وحدات الاستخبارات الإيرانية التي تقف وراء هجمات الناقلات النفطية في مياه الخليج وضرب أنظمة القيادة والسيطرة لأنظمة الصواريخ في البلاد دون اتصال بـ”الإنترنت”.
نشهد فجر الحرب الإلكترونية..
من وجهة نظره؛ يرى “سيرغيو كالتاغيرون”، نائب رئيس الاستخبارات الاستخباراتية في شركة الأمن السيبراني “دراغوس” وخبير مخضرم في وكالة الأمن القومي الأميركية، (NSA)، أن الضربات الأميركية لا تنطوي أبدًا على مناورات، ولكنها تكون في الغالب بلدًا يضرب بلدًا آخر، حيث قال: “لم نر أبدًا معركة إليكترونية ذهابًا وإيابًا بين بلدين”.
وأضاف إنه؛ إذا قامت “إيران” بالرد على “الولايات المتحدة”؛ “إننا نشهد فجر الحرب الإلكترونية”.
لقد قامت “إيران” بالانتقام من “الولايات المتحدة” في الفضاء الإلكتروني من قبل، وضربت شركة النفط العملاقة “أرامكو”، السعودية، في عام 2012، في ردًا واضح على قيام شركة إنترنت أميركية باستهداف تدمير البنية التحتية النووية لـ”إيران”.
لكن الاستعدادات الإيرانية الأخيرة تثير احتمال حدوث مزيد من التبادلات الفورية السريعة، وقد راقبت شركات الأمن السيبراني الأميركية، في الأسابيع الأخيرة، النشاط الإيراني المتصاعد، بقلق شديد.
القوة الغاشمة الإلكترونية..
إبتداءً من يوم 11 حزيران/يونيو 2019، وهو نفس توقيت أول هجوم على السفن في “خليج عُمان”، والذي ألقى المسؤولون الأميركيون باللوم فيه على “إيران”، بدأ المتسللون المرتبطون بـ”إيران” في استهداف شركات الطاقة والمالية في محاولة لإتاحة الوصول إلى شبكاتهم.
أعتمدت الهجمات على طريقة “الخداع الإليكتروني”، من خلال استخدام رسالة بريد إلكتروني مستهدفة تجبر المستخدم على النقر فوق رابط لتنزيل البرامج الضارة أو التخلي عن بيانات إعتماده أو إعادة طلب كلمة مرور، وهو نوع من أنواع القوة الغاشمة التي يحاول فيها المتسلل استخدام رقم كلمات المرور المختلفة للوصول إلى حساب المستخدم.
وقال “بن ريد”، كبير مديري تحليل التجسس الإلكتروني في شركة “FireEye” الأمنية؛ عن الهجمات الإيرانية من هذا القبيل: “كانت واسعة وصاخبة وضد الولايات المتحدة، والتي لم نراها قبل عام 2019”.
لفتت المحاولات الإيرانية، للوصول إلى أنظمة الكمبيوتر الخاصة بالشركات الأميركية الرئيسة، اهتمام الحكومة الأميركية. يقول “كريستوفر كريبس”، رئيس الأمن السيبراني والبنية التحتية لـ”وزارة الأمن الداخلي” للولايات المتحدة، في تصريح خاص لـ (فورين بوليسي): “عندما تتبع هذه الزيادة والهجمات المدمرة السابقة التي شنها ممثلون مرتبطون بإيران، فإننا نشعر بالقلق الكافي بشأن احتمال استمرار الهجمات المدمرة الجديدة في دق نواقيس الخطر”.
صراع غير مسبوق..
يقول باحث إن العلاقات بين “الولايات المتحدة” و”إيران” تسير على حافة سكين، حيث يقوم العملاء الإيرانيون بالأعمال اللازمة لتتمكن من ضرب “الولايات المتحدة” رقميًا بشكل مباغت. في الشهرين أو الثلاثة أشهر الماضية، لاحظت شركة الأمن السيبراني، “ريكورديد فيوتشر”، تسجيل أكثر من 1200 من وحدة تحكم النطاق على الإنترنت المرتبطة بـ”إيران”، وأكد الباحث على أن أكثر من 700 منها نشط.
وقال “بريسيلا موريوتشي”، أحد المحاربين القدامى في “وكالة الأمن القومي” ومدير تطوير التهديدات الإستراتيجية في “ريكورديد فيوتشر”؛ ما نراه اليوم هو إعداد البيئة الملائمة لشن الهجمات الإليكترونية.
كما يحذر المحللون من أن هذه الاستعدادات لا تعني أن “إيران” تخطط لشن هجمات إلكترونية مدمرة ضد “الولايات المتحدة”، ويمكن أن يكون الأمر تحضيرًا لشن عمليات تجسس، ربما تكون الشركات قد تم خرقها بالفعل، ولكنها قد لا تكون على دراية بهذا حتى الآن.
يقول باحثو الأمن السيبراني؛ إن أحدث هجوم مدمر مرتبط بـ”إيران” وقع في كانون أول/ديسمبر 2018، عندما قام عملاء البلاد بضرب شركة “سايبيم” للبتروكيماويات الإيطالية. وشل هذا الهجوم ما بين 300 و400 شركة كمبيوتر؛ وتم تنفيذه باستخدام مجموعة متنوعة من البرامج الخبيثة التي تعرف باسم، “شمعون”، والتي استخدمت في هجوم 2012 على شركة “أرامكو” السعودية.
رأى “كالتاغيرون” أن “إيران” تمتلك “الكرة في ملعبها الآن”، ولكن إلى أن ستأخذ تلك العمليات التحضيرية “إيران”؛ فهو أمرًا غير واضح بعد، حيث يصف “كالتاغيرون” ما يحدث الآن بأنه؛ محاولة للحاق بالقدرات الأميركية ضد “إيران”.