ربما لم يعد سرا القول ..أن عالما غاطسا في الواقع السياسي العراقي , يمور ليظهر في شكل وممارسات عنفيّة , هي ليست بسيطة في تأثيراتها , تتخذ من (الإستقصاء المستعجل , وتنفيذ عمليات القتل بدم بارد ), تجسيدا لأفكار مختلفة الرؤى والأهداف والوسائل , ولكنها تصب في نتيجة واحدة , تكمن في الإمعان بتدمير وحدة الشعب العراقي, وإضعاف كيانه السياسي القلق , منذ جريمة الإحتلال الأمريكي الغاشم عام 2003.
وإذا كانت ذاكرة العراقيين, لم ولن تنسى تلك الجرائم المرتكبة بحق الأبرياء , من شتى أطياف الشعب في عامي 2005 و2006 عندما جرت أعمال القتل على الهوية , في عديد المناطق من بغداد , راح ضحيتها المئات من الناس, نتيجة لتفشي مشاعر الحقد الأعمى واقصاء وعداء الأخر, تلبية لنوازع عرقية ومذهبية ومناطقية , مما سهل لأعداء وحدة العراق رؤيته على درجة خطيرة من التشظي والإنسياق وراء الكثير من الشعارات , والدواعي الباطلة التي تخضع متطلبات الحق والحقيقة الى سوق المساومات السياسية , التي أثبتت السنوات العشر الأخيرة خطلها في معالجة ضرورات أساسية , تتعلق بالخدمات والأمن الداخلي وصيانة وحدة البلاد والتأسيس لمستقبل معافى .
وإذ كان جبل المعضلات العراقية قد تعالى , وتعقيدات الحراك السياسي بقيت من دون حلول موضوعية , وان مستقبلا غامضا علينا الإعتراف أنه يحيط بأيام العراق القريبة القادمة, مما يمكن من اضافة أخطار جديدة , لاتطفو على السطح اية معلومات تفصيلية معترف بها عن تمويلها وهيكليتها التنظيمية ودوافعها ,الا اننا سوف نفاجأ بكونها تفوق ما عاناه بسطاء الناس وابرياءهم في سنوات مظلمة سابقة , صار فيها القتل هواية , والكراهية , سلما للوصل الى السلطة والنفوذ ,معبرة عن أسوء أوجه السياسة المعاصرة .
وفي حالة منحنا العنان لأفكارنا وتوقعاتنا , ربما نتوقع لهذه التنظيمات ارتباطا او تخطيطا او توجيها بشخصيات نافذة , تمتلك السلطة والتأثير في تسخير امكانيات كبيرة لهذه التنظيمات , لممارسة فعاليتها الجرمية ..من هنا فان قلقا عميقا ينتابنا أزاء ماوقفنا عليه من استعدادات خطيرة تجري في العالم السفلي من السياسية العراقية .وربما يحمل الزمن القريب القادم , الفرصة كي نعرف المزيد عن هذه التنظيمات, حيث (يشحذ) الآن كثيرون سكاكينهم ,من أجل تحقيق أهدافهم المشكوك في كونها تلبي مصالح الشعب العراقي .
كما قلنا في عديد المقالات السابقة .. لن يهم الشعب العراقي من يكون رئيس وزراءه او رئيس مجلس نوابه او رئيس جمهوريته , من أي مكون انحدر , ولكن المهم عنده بناء البلاد وتصريف امور الحياة الاقتصادية والاجتماعية بروح العدل والأنصاف , والقانون الوضعي الحقيقي ,والشريعة الإسلامية الحاضّة على العدل والحق وتكافوء الفرص .
الذي عشناه , ونعيشه اليوم لايترك لنا مجالا للثقة , اننا في سبيل الخلاص مما نحن فيه , خاصة اذا تذكرنا ان دول محيطنا عربية واسلامية طامعة في العراق , من خلال مد نفوذ سياسي او اقتصادي لايمكن اعتباره وليد اليوم والمرحلة , فهذه (ايران) الفارسية و(تركيا) العثمانية , وسوريا (الأموية العدوة المنقلبة بارادة ايرانية الى صديقة) و(دولة الكويت) المستغلة ظروفا استثنائية يمر بها العراق ,, السعودية (الوهابية) و(قطيرة) , وكل منها لايمكن لذاكرتها الجمعية نسيان الصراعات التأريخية , التي تعود في بعض أوجهها الى 1300 عام مضت , بغض النظر فيما اذا كان مؤججوها على حق او من دون حق !
الذي نحذر منه اليوم .. حراك جرمي يجري في الخفاء, لممارسة فعاليات عنفية تطال قطاعات واسعة من الشعب العراقي, بدعوى مكافحة الارهاب , واذا كانت دوافع هذه التنظيمات خيّرة , تستهدف تحجيم الارهاب , فاننا على اشد القلق من ان تمتد نشاطات هذه التنظيمات الى ظلم الابرياء , نتيجة وشايات او استقصاءات ربما تماثل الدور المدان للمخبر السري ,لاتتوفر لها المصداقية المناسبة , كما أن الإعلانات المتكررة المترادفة عن (جيوش مذهبية وعشائرية ومناطقية ), وشعارات تدعو الى (الأقلمة) , في ظل ظروف صراع طائفي وعرقي مؤجج , بدأت تعلن عن نفسها , بالإضافة الى صراعات مكشوفة, بين فصائل تحمل السلاح تحت شتى التسميات , وجدنا تيجتها اغتيالات بكواتم الصوت , او من دونه تفجيرا وقصفا صاروخيا ..كل ذلك يضع البلاد في اوضاع خطيرة , تعكس آثارها السلبية المعيقة لحياة حرة كريمة لشعبنا المكلوم .
ليس لأحد منا ان يقترح أو يتمنى ..فالأمر ليس بيد احد , بعد أن اصبح العراق فريسة لتصرفات ليس له فيها شأن.. أبطالها سياسيون جاءوا بالصدفة والغفلة , يفتقدون معايير ومقاييس السياسيين الحكماء ذوي العقل والحنكة , الذين يمكن ان يعوّل عليهم الشعب في رد مظالمه, وتطوير حياته , ومعالجة مشكلاته وأهمها توفر الأمن والطمأنينة !
خلاص العراق , في تغيير شامل للوجوه السياسية الحالية , ومحاكمتهم على اخفاقهم او ارتكاباتهم بحق الشعب العراقي , ابتداء من فشلهم في ادارة الدولة ومرورا بحماية النافذين منهم للفاسدين والمفسدين وسراق المال العام , وانتهاء بالتسويف الذي قابلوا به مطالب الجماهير بالإصلاح والمعالجة , منزوعا عنها الشعارات الجوفاء التي لم يجن منها العراقيون غير الدماء والخيبة , وفقدان اواصر المواطنة المؤسس لجميع النتائج الايجابية لبناء العراق .
أما اولئك الحالمون بتدمير وحد العراقيين , فعلينا من اي مكون اجتماعي كنّا , الوقوف ضد محاولاتهم اشعال نيران الفتنة والتقاتل , وهي لن تخدم سوى ذوي المصالح الذاتية ,التي لن تزدهر في مواجهة شعب غيور على ذاته يبدأ الفرد فيه من نفسه اولا ..فهل نعيش لنرى ذلك !!
ورود الكلام ..
حديقتي الصغيرة
في حديقة بيتي الصغيرة ..اورقت شجيرات يشدها الأمل ..ورود تسحبني لإطالة النظر , وتدلت من (كرزتي) عناقيد خضراء صغيرة تعانقت حبات كرزها الوليدة .أما تفاحتي المانحة وعليكم بالبسملة, فهي بارتفاع متر ,ولكنها (تنعثلت) ب40 تفاحة بحجم حبة حمص مصيرها التلوّن , فيما (فرفحت) ورود (الارجوان البنفسجي) لتنثر عطرها ألأخاذ ..شجيرة مزهرة زهورها بلون (لؤلؤ رقيق) , الا ان ( أجاصتي) العصيّة على الثمر, منحتني أملا في عام مضى, وهي تنظر لي ساخرة من تهديدي الألف لها (ان لم تأت بثمر سأقطعك) , أعترف أنها مهمة قاسية ربما لن أجروء عليها , (كرماتي) الثلاث , بارك الله فيهن وقد اعتزمت تجريدهن من كثير العناقيد , ليبق القليل اللذيذ..حبيباتي (روزاتي) يمنحنني الوانا وبهاء , ولكنها زهور من غير عطر كعطر (جوري البساتين ) !