من الامثال الشعبية الدراجة ( اللي ياخد امي اكولة عمي ) ، والذي يرضع من أمي اقول له اخوية بالرضاعة ،اما الذي يرضع ايا كان من الام الكبرى ( الوطن ) نقول له …. اخي في الوطن ، تلك الصلة الاسمى في العلاقات الاجتماعية التى تجمع ابناء الوطن الواحد بتشكيلاته البشرية المحكومة بمقولة الفعل وادواته الإعرابية ، ومادمنا كذلك يجب ان لا نسمح لعلامات الكسرة او الفتحة او الجر التلاعب بنا كي لا ندخل في صيغة المفعول به مادامت مرضعتنا واحدة .
أم انجبت عدة بنات خلال حياتها الزوجية إلا انها لم تحتفظ ولو بواحدة حيث كانت الرضيعة ترحل عنها وتموت خلال شهورالرضاعة الاولى حتى اعتادت ام البنات لحكم الله واستسلمت للامر الواقع وهي تفقد الواحدة تلو الاخرى الى درجة اصبحت لا تفرح بحملها إلا في فترة شهورالحمل ، في اخرحمل لها انجبت ولدا اسمته ( محرم ) ولانها لا تريد قتل وليدها أقسمت ان لا ترضعه بحليبها بينما شأت القدرة الالهية ان قامت جارتها في نفس الزقاق بارضاع الوليد طيلة فترة الرضاعة ، عاش الوليد الذكر( محرم ) وترعرع حتى اصبح رجلا يعتد به ويُعتمد عليه .
خلال دورة الزمن نشب خلاف بين أحدهم و( محرم ) وعندما علمت امه بتفاصيل وكينونة المقابل جابهت ابنها بقسوة وشدة دون إيلاء الاهمية لاسباب الخلاف والمسبب له .
قال محرم …امي العزيزة لا تتعجلي بالحكم و……قاطعته الام قائلة مهما كانت الاسباب ولا اريد معرفتها ، فقط اريدك معرفة فضل وجودك وبقائك بعد الله يعود لجارتنا التى انت في خلاف مع ابنها .
محرم ….. لماذا …. ؟ وكيف …؟
الام …. ولدي لا اخفيك سرا ، والسر ليس بسر إنما حقيقة معروفة عند كل سيدات ورجال حيِنا الاحياء … وهو أنكما المتخالفان المتنازعان اخوة ، وان امه ارضعتكما معا طيلة فترة الرضاعة فهو اخوك بالرضاعة وكل ما يجوز لك من الغريب شرعا محرم عليك يامحرم …
محرم …. وكيف ذلك يامي هم عائلة مسيحية ونحن مسلمون …؟
اجابته الام … أليس الانبياء اخوة رغم تنوع لهجاتهم وتعددية رسالاتهم وكتبهم السماوية مع وجود مرجعية واحدة لهم هو الله …..
قاطعها محرم ….. هذا يعني أني رضعت من حليب إمرآة مسيحية وهى الان امي و لي ام مسلمة وهى انتِ ….. تقدم محرم مقبلا يديها .
قالت الام ( ام محرم ) اذهب وقبل يد الام المرضعة المسيحية واشكرها على كرمها ونبلها وسخائها .
فعلا ما ان اكملت ام محرم حديثها حتى كان ابنها ( محرم ) يقصد الباب مسرعا متوجها الى بيت الجارة التى ارضعته ليقدم لها الشكر والطاعة ويعتذر على الخلاف مع ابنها ( اخوه بالرضاعة ) …. ما ان دخل عليها الدار حتى انحنى محرم مقبلا يديها محتضنا اياها بسيل من دموع الحب والحنان الجياشة بالعواطف ، هى الاخرى احتضنته وقبلته بحب وشوق غامرين . . . قائلة – ولدي انا ارضعتك وغيرك وهناك منْ ارضعني وغيري ، فكلنا رضعنا من ماء وهواء وخيرات هذا الوطن ولولاه لما ارضعتك ، ارجو ان تقبل يد الوطن الذي ارضعنا جميعا .