قد لايصح أن نقول بالخطير ونستبدله بالشجاع,ولكن عندما يكون اتخاذ القرار أشبه بلعبة اليانصيب,نعتقد إن توصيفه بالخطير اصح
عندما تورط النظام البعثي السابق في عملية احتلال الكويت 1990-1991,ازداد تورطه أكثر في مسألة توقيت انسحابه من الكويت,وحسب المعتوه صدام إن الانسحاب السريع من هناك دون الحصول على ضمانات واضحة لبقائه في السلطة (بعد الانسحاب) أمر فيه مجازفة وخطورة,فعدل من لعبة جر الحبل مع اكبر دهاة السياسة في العالم في عهد الرئيس بوش الاب,ثم يبدو فيما بعد إن احد الخبثاء اخبره إن مسألة تفريغ السلاح وجيشه الكبير في الصحراء خير وسيلة لدفاع الشر عنه,واخطأ في حساباته هذه,فقد أُمسك من الخاصرة وقذف في زجاجة عنقها شبه مقفل.
وعندما تورط الأسد الابن في عدوى الربيع العربي الزاحف إلى بلاد الشام,تردد في مسألة القمع الشامل والحاسم للاحتجاجات ,وبين الإصلاح الجزئي المتدرج لنظامه الشمولي,دون إعطاء ضمانات قطعية للمعارضة بأن الإصلاحات ستطال قمة هرم السلطة ورموزها التقليديين,
هذا التردد سبب كارثة لسوريا ودمرها عن بكرة أبيها كما يقال,حيث يمكن القول إن الحرب الأهلية أو الطائفية في بلاد الشام, لم يشهدها أي بلد عربي منذ عقود, بما فيه العراق الذي خاض أكثر من حرب مدمرة,مع حصار اقتصادي عربي وإقليمي ودولي كارثي,لكن الدمار لم يكن يسير بوتيرة حرب شوارع طويلة الأمد نسبيا ,كما نشاهده اليوم في سوريا,
مع إن مسار الحرب اتجه إلى عدة مسارات منه الطائفي (عربي –إقليمي),ومنه الدولي المتمثل بخطورة انهيار سوريا ودخول الامبريالية العالمية في صراع جديد مع إيران,ومن ثم الجلوس عن خاصرة روسيا والصين!
العراق دخل الأزمة السورية دون إرادته,بعد وجهت التهديدات الطائفية إليه كمرحلة ثانية بعد الإطاحة المفترضة للنظام السوري,فقد كانت الإحداث المتغيرة منذ عام 2003,رسمت خارطة جديدة للصراع الدولي والإقليمي في المنطقة,رفعت الإدارة الأمريكية الغطاء التقليدي عن الحكم السني في العراق,وسمحت شكليا لصعود نجم الحكم الطائفي والاثني في بلد اقل ما يقال عنه انه متعدد الثقافات والاثنيات أو العرقيات والطوائف,ثم بدأت الدوائر العميلة للأجنبي بترسيخ مفهوم الصراع الطائفي(السني الشيعي)دون مقدمات,
بل بني في بعض مفاصله ومراحله على ادعاءات كاذبة(اضطهاد للسنة في العراق-وحكم نصيري في سوريا-واضطهاد إيراني لسنة إيران),
والحقيقة إن انهار الدماء التي سالت في عهد الطاغية صدام ,لازالت تسيل على أيدي زبانيته المتحالفة مع القاعدة والتيارات التكفيرية,ولم يبدأ الشيعة في الفتنة الطائفية التي ضربت العاصمة بغداد حتى بعد تفجير مرقد الإمامين العسكري وعلي الهادي ع في سامراء عام 2006,
إلا بعد ان عجزت حكومة بغداد عن توفير الأمن للمواطنين,ولم تظهر مليشيات السيد مقتدى الصدر(والتي ضربت ايضا في عدة مواقف سياسي الشيعة أنفسهم, وضربها الشيعة بقيادة المالكي فيما بعد)إلا كرد فعل على جرائم القتل على الهوية,
(ينظرون إلى هوية الشخص اذا كان منطقته واسمه الثلاثي يدلل على انه شيعي فيقتل بالسيف وأحيانا بالرصاص,هذه اكبر انحرافات السلفيين الخوارج ,وتيار القاعدة الإرهابي قتل دون مبرر شرعي أو أخلاقي أو اجتماعي,دليله موجود فقط في شرع سنة الخوارج),
وللأمانة نقول إن الشيعة لايعرفون لغة التكفير أو عملية الذبح بالسيوف, والسكاكين ,والحديد الصدأ ,والمناجل(منشار قطع الحشيش-حيث قام احد الإرهابيين في واقعة عرس الدجيل باغتصاب عروس أمام زوجها ثم قطع أثداها وهي حية بالمنجل),ولايمكن بل من المستحيل ان يقدم اي شيعي على قطع أثداء امرأة كما فعلت التيارات التكفيرية في عدة مناطق وبعمليات كثيرة,
وللأمانة أيضا نقول كنا نحن نصرخ ونطلب من شيعة العاصمة بغداد لكل يحملوا السلاح للدفاع عن أنفسهم ,لان الإرهاب أباح فكره وعمله دماءهم ودماء أطفالهم وحتى في بعض الحالات أعراضهم,هذه الأشياء تخرج في وسائل الإعلام العربي المأجور والمسيس طائفيا بشكل معكوس إلى عامة المسلمين,وبما إن كتب النواصب مليئة بفكرة التقية الشيعية,فهذا يعني إن كل مايقوله الشيعة عن هذه الجرائم كذب ومجاف للحقيقة!
لقد كان إعلان افتتاح جامع الفتنة محمد بن عبد الوهاب في الدوحة- قطر (قبل أكثر من سنة),كارثة ضربت المسلمين في الصميم,لانه لم يكن لذكر اسم الله وكتابه وإنما لإحياء الفتنة الطائفية,حيث قررت قطر البلد المنسي الصغير إدارة أزمة الصراع الامبريالي الثاني
(بعد مشروع جهاد الحرب الباردة في افغانستان والتي تحالفت فيه السعودية ومصر وباكستان والامبريالية العالمية),
فقد فتحت خزينة البترودولار لشيوخ السلطان من بعض الشباب المصري المندفع,والمتأثر بالتجربة والأفكار المتشددة لتيار القاعدة الإرهابي,
(إضافة إلى قاعدة بن عبد الوهاب الأصيلة السعودية),وفجأة وبمقدمات بسيطة صرنا نسمع مرة أخرى عبارات غريبة عجيبة خارجة عن الإسلام
(الشيعة اخطر من اليهود-حزب الله لبنان محرر الجنوب اللبناني,هزم أسطورة الجيش الذي لايقهر إسرائيل ,حزبه يسمى حزب اللات-إيران بلد الفتن ,مصر تشيعت ياولاد,الخ),
وظهرت قنوات فضائية خارجة عن الوحدة وإجماع الأمة الإسلامية المعتدلة,أفكار تناصب العداء لأهل بيت النبي ع ولمن يتحدث أو يزور أضرحتهم, منحرفة المنهج والهدف والفكر ايضا,وبين عشية وضحاها أصبح بشار الاسد رمز النظام الاستبدادي الشرير في العالم,ولابد استئصال الشيعة من المنطقة, الخ.
اما الحديث عن جرائم التطهير الطائفي في البحرين فهذه فتنة طائفية يحرم الخوض فيه!
هذه الإشارات المختصرة أوصلت الوضع في المناطق الغربية من العراق إلى حافة الهاوية ,عبر الاحتجاج والاعتصام المفتعل في الأماكن العامة,ومن ثم طرح مطالب تعجيزية وغير واقعية
(أهمها إخراج الإرهابيين من السجون,وإعطاء حقوق مادية ومعنوية للعديد من مجرمي النظام البائد,واستقالة الحكومة,وتعديل أو إلغاء الدستور,الخ.),
هنا نقول لماذا لم نقل القرار الصعب بل الخطير؟
,لان الأمور السياسية المعقدة تحتاج أحيانا إلى صلابة الموقف السياسي,من اجل اتخاذ قرار إستراتيجي خطير لكنه حكيم,لان من هكذا قرارات تحتمل النتيجتين,منها مايمكن ان يوصف بالصائب ,عبر إنهاء الأزمات والسيطرة على الوضع,
والخاطئ أو المدمر هو المسبب للفشل والانهيار ,والدخول في صراع مع أزمات جديدة تتولد مع الاصطدام بالقرارات المصيرية.
فشل صدام سابقا وأخطاءه أنهت حكمه,وقد يفشل بشار الاسد في إعادة الامن والاستقرار إلى بلاد الشام(بالطبع لولا موقف روسيا والصين وهي لعبة حظ ,لما استمر بقاءه في السلطة, حيث لم يكن الطرف الأخر من الأزمة ,وحتى العالم تقريبا اجمعه يتوقعها),
ولكن على الأقل حتى الان يعتبر بشار الأسد أطاح بجزء من المشروع الامبريالي في المنطقة,وحافظ على توازن القوى الإقليمية وحتى الدولية,بينما ما يحصل في العراق,
الأمر مختلف وكثير التعقيد,هناك تصاعد في حدة العنف والقتل الطائفي المبرمج والمتعمد,مع الاستجابة الغير متوقعة من قبل الحكومة لبعض مطالب المتظاهرين,التي وان كان فيها شيء من الحق, ولكن الحق كل الحق كان يفترض ان يفرد ويخصص لضحايا النظام البائد,
ولهذا كان المفروض على الحكومة ان تتخذ قرارها الخطير والحاسم في إنهاء الاعتصامات الطائفية,والتحرك وفقا للأعراف والقوانين والتقاليد الدولية المتبعة في إنهاء مثل هكذا أزمات(وكما أرسلت إلى موقعهم الالكتروني ,قلت لهم طريقة إنهاء الاعتصامات تتم بالتدريج-خراطيم مياه-غازات مسيلة للدموع-وحتى رصاص مطاطي ومن ثم تتصاعد وتيرة الاصطدام تبعا لنتيجة رد فعل المتظاهرين),وبلا تراجع لان الجماعات التي تؤمن بأن الفتنة وإراقة الدماء هو خير وسيلة للحوار مع الأخر,لاتحتاج إلى فلسفة حوار وسياسة هادئة, بل خطوات حازمة وحاسمة تردعهم عن كارثتهم الطائفية,
لان الذي يشرع ويعلن ويدعو لإحياء فتنة الحرب الطائفية في أي بلد,معناه إنه يصب الزيت على النار,وخرج على الإجماع والثوابت والقواسم الوطنية المشتركة لبلده ومجتمعه,وهو خطر حقيقي يضرب الوحدة الوطنية
ويهدد الأمن والسلم الأهلي,لقد تأخرت الحكومة العراقية في معالجة أزمة الاحتجاجات الطائفية في المناطق الغربية,وباتت عاجزة عن مواجهة بوادر العنف الطائفي المتصاعد مجددا
من الغباء ان ينتظر الإنسان الشفاء عبر معالجة الأمراض والأورام الخبيثة بالصبر واللامبالاة ,والكلام المهدأ للأعصاب,بل قيل الوقاية من المرض خير من العلاج………………