تأزّم الجيش الأميركي في العراق أعطى الولايات المتّحدة الأميركيّة درسًا قاسيًا.. وعليه بدأت بإجراءات بديلة , تمثّلت بتجربتها الأولى في عمليّات التخلّص من أنظمة عربيّة تحت غطاء الربيع العربي ..وقد نجح هذا الحلّ في تغيير تلك الأنظمة ولا زال يعمل في الجزائر والسودان.. وبما أنّ تجربتها الجديدة هذه انطلقت من إيران أوّلًا عام 2009 ,ولولا لأسباب عدّة تغيّرت قائمة أولويّات الإدارة الأميركيّة.
اشتباك مصالح الغرب مع نفسه سبّب له صعوبات سياسيّة في منطقة الشرق الأوسط وسط حضور روسي وصيني طموحين.. فباستقراء سريع لمتداخلات المصالح سنجد الولايات المتّحدة عاد اهتمامها بجمهوريّة إيران الاسلاميّة.. يأتي ذلك خلال خطواتها الّتي تعزم تنفيذها بحق إيران كخطوة أولى في مواجهة الدولتين العظميين على المستوى الاقتصادي ,بحيث قد تؤدّي الاتّهامات الّتي تسوّقها أميركا ضدّ إيران قصد إخضاعها كلّيةً لسياساتها في نهاية المطاف ما قد يكون السبب الرئيسي الّذي يقف خلف تمنّعها أمام دعوات أميركا للتفاوض حول برنامجها النووي فإيران يدور بخلدها أن رأسها هو المطلوب.. لكن بما أنّ إيران توسّعت رقعتها السياسيّة بكثير ولكي لا تتحوّل عمليّة تحويلها على يد اميركا وفق مخطّطها لورطة عسكريّة أخرى نراها تحاول مرارًا تغيير طبيعة خطابها التحذيري الموجّه للنظام الإيراني وفق تكتيكات متباينة بعدما فرضت عليها حصار نفطي قاسٍ تلاه عدّة إجراءات حضر أكثر تأثيرًا على الاقتصاد الإيراني.. كما وتعلم إيران أنّ أميركا قد تضمر لها الكثير من الملفّات الّتي تحمل الكثير من خفايا وأسرار خطرة عليها قد تضعها في موقف حرج شديد أمام المجتمع الدولي, وهي ملفسّات بيد الولايات المتحدة بالتأكيد ستكون مؤذية لإيران فيما لو فتحتها على الملأ قد تجعل إيران أمام عمليّات انتقام أميركيّة مرض عنها دوليًّا جرّاء ما حصل لقوّاتها على أيدي ميليشيّات إيران في صحراء لوط وفي لبنان وسفاراتها في أفريقيا أو اليمن أو العراق.
الحسم المبكر لأميركا في حربها على إيران إن اندلعت هو ما تسعى إليه الإدارة الأميركيّة ويضع ترامب في سباق مع الزمن لأجل ذلك مع اقتراب لانتخابات ..ومعلوم أنّ ترامب يستهويه تنازل الخصوم بلا حرب كما يوحي هو بخطاباته وله تجربته مع كوريا الشماليّة إلّا أنّه قد يبدو الآن يهيّأ نفسه لما هو أسوأ قد لا يتاح أمامه فرصة أخرى غير الحرب على أعلى مستوياتها إذ لا بدّ ويعود ترامب لأميركا بنصر ومهما كلّفه الأمر, وهو ما قد يجعله يأخذ بأسوأ الاحتمالات ,فعمل على التوجه لليابان الّذي يعني اسمها الكثير للعالم ولإيران بالذات وفي هذا الوقت وكأنّها زيارة مبطّنة وإشارة لابدّ ووعتها إيران جيّدًا لاحتماليّة الردع الحاسم الّذي ينتظرها!, وعلى ما يبدو قد يكون ترامب هيّأ مبرّرات من نوع خاص تساق لشعوب العالم وحكوماته بفتح ملفّات إيران تلو الآخر تحوي من الخطورة ما بإمكانها تأجيج مشاعر العالم وتأليبه ضدّ النظام الإيراني ولو بما لا تحمد عقباه….