ساد اعتقادٌ خاطئ حول السياسة, وهو إنَّ من يمتهنها, أو ينتمي لحزب ما, مُتجردٌ من الأخلاق؛ ويحق له ممارسة كل الوسائل, سواءً كانت مشروعة او غير مشروعة, تَمَ زرع ذلك الفِكر في بعض العقول, من المرضى النفسيين, الذين امتهنوا السياسة, ومرضهم يتلخص بممارسة الشر, المتغلغلة بنفوسهم والتي لا يتم كشفها ظاهرياً؛ بل قد يحتمون بما يقرونه من قوانين؛ لحمايتهم من المجتمع, حال فهمه لأهدافهم السيئة, ما ادى إلى فساد العمل السياسي, لا سيما فيما يُسمى, بلدان العالم الثالث, التي يعاني شعوبها, من اضطرابات سياسية, مصحوبة بانتكاسات لتقديم الخدمات المطلوبة لشعوبها, فلا يسمح السياسي الشرير, بعملية جدية لنشر الوعي, كي تَسهل السيطرة على الشعب, وزرع ما يريد زراعته من فكره الشاذ.عَمَلَ أغلب الساسة الذين تسنموا الحكم, في البلدان العربية, تلك السياسة فازدادت نسبة الأمية, وقد اصدروا قوانين للعقوبات, من أجل صَدِ كل حركة تعاكس اتجاههم, تحت مصطلحات التبعية للأجنبي, والجاسوسية او الرجعية, وما إلى ذلك من التسميات, التي تصل عقوبتها إلى الإعدام, دونَ اكتراثٍ بحياة الإنسان, الذي وضَعَ الخالق عقلاً, في رأسه ليُفكر ويتدَبر, فالباري جَلَّ شأنه, لا يريد للإنسان ان يكون مخلوقاً كالدواب, وعلى هذا الأساس, فمن يعمل بتلك السياسة, لا يمتلك ذرةً من الإنسانية, فالكذب أول صفاته, وهو المفتاح لكل مفسدة, ولذلك فقد أطلق مصطلح” السياسة الوسخة”, على تلك السياسة.حُكِمَ العراق عبر الزمن, من حكامٍ لهم صفات الساسة الوسخون, كان آخرهُم ضمن النظام الفردي, حُكم حزب البعث, بقيادة المجرم صدام, حتى وصل تفكير بعض فئات الشعب العراقي؛ إلى قولهم أنهم يقبلون بحكم نتنياهو, للخلاص من ظلم السياسة البعثية, لما عانوه من كبت الفِكر, والحرمان من أبسط الحقوق, في ممارسة حرية رأيهم, ناهيك عن اعتقال أي مواطن, لا يؤمن بفكر البعث, سواءً كان ذلك الفِكر دينياً أو سياسياً, والتهمة باختصار جاهزة, التبعية لدول الجوار, وإشاعة الأفكار الهدامة, للنيل من الثورة التي سُمِّيَت (البيضاء).أدخل صدام وحزبه, الذي يؤمن بالديكتاتورية, العراق وشعبه في أتون من الصراعات الإقليمية, وأزمات اقتصادية أفضت إلى حصارٍ دولي, لا زال العراق يعاني منه لحد الآن, غير مكترث بالأرواح التي أزهقت, دون فائدة تُرجى, فالحرب على إيران, كانت بسبب ترسيم الحدود, حسب الاتفاقية المبرمة, بين حكومة الإحتلال العثماني وإيران, وذلك عام 1913, والتي أكدتها الحكومة العراقية عام 1975, وقد سُميت باتفاقية الجزائر, ليعود إلى نقضها, عند تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران, والقضاء على نظام المَلَكية.لَم يكتفي القائد الأوحد المتفرد بالحكم, بنقض اتفاقية الجزائر, من طرفٍ واحد كعادته, إنما عَمَدَ لإثارة حربٍ, دامت ثماني سنوات, بدعم من دول الخليج والأردن, تحت غطاءٍ أمريكي وغربي, بسبب الإطاحة بنظام الشاه, محمد رضا بهلوي العميل لبريطانيا العظمى, والحامي الأول لمصالحها في المنطقة, فقد قام نظام صدام, بالنيابة عن جميع دول الخليج, ليجبر كل الشعب على تلك الحرب, ليعود إليها عام 1988!.
عام 1990قام النظام الصدامي, بإدخال الجيش العراقي إلى الكويت, وهي الدولة المعروفة بأطماعها, للحصول على أي قطعة أرض عراقية, أو بئر نِفطٍ يزيد من واراداتها, وكان من الممكن, أن تَتَّخذ القنوات القانونية, المُتفق عليها دولياً, لإثبات حق العراق, إلا أنها السياسة القذرة, سولت لصدام الحرب, على الحل الدبلوماسي, ليفقد العراق هيبته وقوته العسكرية, إضافةً لتحطيم اقتصاد العراق.
السابع عشر من كانون الثاني 1991, قامت جيوش التحالف الغربي, مع طائراتٍ من دول الخليج, بطلعات لضرب البنى التحتية العراقية, إضافة لضربات جوية وصاروخية, استهدفت المطارات العسكرية, وقطعات الجيش في الكويت والعراق, وكانت عازمة على إسقاط نظام البعث, لولا تَدخل حكومة بني سعود.
الانتفاضة الشعبية الشعبانية, والتي كان المًحَرك الرئيسي لها, الجناح العسكري ” منظمة بدر”, للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق, والتي كانت القوة العسكرية الوحيدة, المُرعبة لنظام الطاغية, وكان نجاحها مؤكداٍ, لولا دول الخليج, المرعوبة من نظام شيعي في العراق, ليتم إسقاط تلك الانتفاضة.
عزمت أمريكا مع دول التحالف, على إسقاط نظام البعث, وتمكنت من ذلك في 9/4/2003, ليبتهج الشعب العراقي بإزالة الصنم, الذي جثم على صدور العراقيين, لما يقارب الأربعة عقود, من الظلم والكبت الفكر, فهل انتهى عصر السياسة القذرة؟.
أقولُ والألم يَعتَصِرُ القلب, أن محاولات خسيسة, يقوم بها بعض ساسة السوء, من الذين لا يملكون أخلاقاً إنسانية, بالعودة لنظام الدكتاتورية, تحت غطاء الديموقراطية, بوعودٍ انتخابية كاذبة.
فأي حربٍ تنتظر شعب العراق, لو نَجَحَ ساسة السوء, بإقصاء كل ذي رأي سديد, ووصلوا لمآربهم الخسيسة؟