3 نوفمبر، 2024 12:23 ص
Search
Close this search box.

مفهوم “النأي بالنفس” عند السيد عبد المهدي

مفهوم “النأي بالنفس” عند السيد عبد المهدي

“النأي بالنفس” وعدم الانضمام إلى سياسة المحاور التي يرددها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي موضحا ،أن “لا مصلحة للعراق إلا بأن ينأى بنفسه عن سياسة المحاور”. والتي ازدادت كثافة طرحها عبر المنصات المختلفة خلال الأزمة القائمة حاليا بين إيران والولايات المتحدة ،ورحبت كثير من الدول بهذا التوجه كي يتفادى العراق الصراعات الإقليمية.

مفردة “النأي” من الصراع بين واشنطن وطهران، ليست كذلك، فإن أقصى استثمار ممكن لها أن يطلب عبد المهدي من فصائل الحشد أن تقطع خيوط علاقتها بنظام “الولي الفقيه”، إن كانت تمحض الولاء للعراق حقا. ولكن لا يبدو أن بإمكان عبد المهدي تبني موقف كهذه، لأسباب لم تعد خافيةً على أحد، وعندما يسأل عبد المهدي خلال مؤتمراته الصحفية عن علاقاته مع واشنطن وطهران يقول “علاقاتنا جيدة مع الطرفين”، وهي في الواقع علاقات تبعية ورضوخ.

حاول عبد المهدي ارتداء بدلة رجل الدولة القوي والحريص على مصلحة بلاده، من خلال زعمه أنه أبلغ الطرفين المتصارعين أن “العراق بلد قوي، ولا يريد أن يجري على أرضه أي صراع، سواء من منظمات ضد دول، أو من دول في ما بينها.

وبالتأكيد، لا أميركا ولا إيران، مستعدتان لسماع مثل هذا اللغو من حكومة بغداد، لكنهما قد تعتبران ذلك كله مقصودا به للاستهلاك المحلي فقط، وكطريقة لمواجهة الخصوم الداخل. أما ما تعملان له أمريكا وإيران فهو ما يمكث على الأرض إلى أمد قد يطول.

النأي بالنفس ليست مزايدات سياسية، أو مكاسب حزبية، أو حتى أمانٍ شعبية؛ هي أكبر من ذلك بكثير. هي باختصار شعب ينهض بأكمله ليمنع إيران من التدخل في شؤونه، وقراره، ومستقبل أجياله لأنها صاحبة النفوذ الأول في العراق. ولاننسى أن المشروع الإيراني الطائفي المدمر لا يزال ينخر في جسد العراق منذ 2003، ويزيد من أزماته واحتقانه يوماً بعد آخر.

ولتفسير عبارة ( النأي بالنفس) وفق مفهوم عبد المهدي فأنها تهدف إلى:-

  1.  جعل العراق الرئة الاقتصادية الثانية لإيران.
  2.  حماية ايران والدفاع عنها حتى الموت من قبل أركان الدولة العميقة .
  3.  تعزيز النفوذ الإيراني في العراق المتمثلة في سلسلة التنازلات التي قدمها عبد المهدي إلى روحاني في بغداد و طهران، ومنها:-

أ‌.  إلغاء رسوم الزوار الإيرانيين للعراق الذي يصل عديدهم نحو عشرة ملايين زائر سنويا .والعراق أحوج إلى الدولار الواحد بسبب العجز المالي والمديونية الداخلية والخارجية التي تقدر بـ 133 مليار دولار بحسب تصريحات المالية النيابية.

ب‌.  منح الشركات الإيرانية مشاريع استثمار في عموم العراق.

ت‌.  زيادة الصادرات الإيرانية للعراق من 8 مليار دولار إلى 24 مليار دولار سنويا على حساب المنتج الوطني.

ث‌.  فتح (5) منافذ حدودية جديدة مع إيران.

ج‌.  ربط إيران بخطوط سكك العراق وصولا إلى دمشق.

ح‌.  التوقيع على مذكرات تعاون دفاعي وجوي مع الحرس الثوري الإيراني .

خ‌.  شركات (السيطرة النوعية ) التي فتحت في المنافذ الحدودية هي من الجنسية الإيرانية أو الصديقة لها.

د‌.  إنشاء (5) مدن صناعية على الحدود العراقية الإيرانية مقابل محافظات( البصرة – ميسان – واسط – ديالى –السليمانية ) 90% منها شركات إيرانية .

ذ‌.  دفاع عبد المهدي المستميت عن إيران وصل إلى رفضه بان تكون ايران هي المصدر الرئيسي للمخدرات في العراق واتهم دولة الأرجنتين الواقعة في القارة الأمريكية الجنوبية ورفض حتى اتهام إيران بحرق المزارع والبساتين العراقية من قبل بيادقها منعا للاكتفاء الذاتي بل وصف هذه الحرائق التي امتدت إلى 9 محافظات في أوقات متقاربة إلى “خلافات شخصية” .

ر‌.  عدم إصلاح وتطوير المنظومة الكهربائية بقرار إيراني ليستمر العراق بتوريد الكهرباء منها بمبالغ خيالية.

ز‌.  لم يتجرأ عبد المهدي خلال لقاءه مع روحاني لا في بغداد ولا في طهران أن يطلب منه كف بلاده عن فتح المبازل المالحة والسيول الطينية وحرق المزارع والبساتين وتهريب المخدرات.

س‌.   استمرار حرق الغاز العراقي بقصد سياسي واقتصادي لإبقاء العراق مستوردا للغاز الإيراني.

ش‌.   إعفاء البضائع الإيرانية التي شملت لأكثر من (100) مادة من الرسوم والكمارك .

ص‌.  زيارات كبار الضباط والمسؤولين في المؤسستين الدفاعية والأمنية إلى طهران وعقد لقاءات مع نظرائهم لتوطيد العلاقات وصولا إلى الحالة الواحدة بين البلدين .

أنشودة عبد المهدي “النأي بالنفس”،الغرض منه دفع العراق تجاه ايران وصولا إلى حالة “الاندماج” هذه هي الاستراتيجية والمقصد الحقيقي لعبد المهدي في ” النأي عن النفس والعراق لن يكون جزءا من المحاور” .

لن يكون العراق نائياً بنفسه عن كل ما يجري في محيطه، إذ لازالت فصائل مرتبطة بالحشد تقاتل في سوريا والمتواجدة في العراق أكدت في تصريحاتها الرسمية بانها ستقاتل مع إيران ضد الولايات المتحدة . ونواب أحزاب الحشد الشعبي لازالوا في مسعاهم بإقرار قانون إخراج القوات الأمريكية من العراق ، والسبب لأن إيران تريد ذلك، أو أكثر دقة لأن الدولة العميقة هي من تحكم العراق .

ومصطلح “استقلالية العراق” مثل شعار “النأي بالنفس” الذي اطلقه حسن نصرالله زعيم حزب الله اللبناني ؛ لأن إيران تمثّل القاسم المشترك بينهما.وكأن عبارة “النأي بالنفس” أسلوب إيراني جديد لدفع المخاطر عنها من باب (التقية) ليس إلا.

حتى ” النأي عن المحاصصة” في سلوك عبد المهدي السياسي فهو غير حقيقي، بل حكومته عمقت المحاصصة لدرجة ابتلاعها من قبل الأحزاب .

نعم ، عبد المهدي مؤمن بعبارة “النأي بالنفس” أيضا في آلية مكافحة الفساد ، وعزز ذلك ، عندما أصدر مجلس مكافحة الفساد توجيها باتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من يتهم مسؤول حكومي بقضايا فساد مالم يقدم أدلة الإثبات . وتناسى عبد المهدي قوله ، ” وجود (23000) ملف فساد على رفوف المحاكم وهيأة النزاهة لم يتخذ بها أيإجراء” .

ولتعزيز ما ذهبنا إليه، حتى البيت الأبيض لم يقتنع بسياسة عبد المهدي “النأي بالنفس” لأنه مقتنع بان الأخير 80% مع إيران بحكم “الصداقة والجهاد الإسلامي”. بدليل ترامب كلف رئيس الوزراء الياباني بالتحرك على طهران لإقناعهم بتنفيذ الشروط الأمريكية مقابل فتح باب الحوار معهم دون الدخول في المواجهة العسكرية ولم يكلف عبد المهدي بذلك رغم تصريحاته المتكررة في هذا الاتجاه . العراق في ظل حكومة عبد المهدي ليس محايدا بل هو جزءا فعالا من المحور الإيراني والحقائق على الأرض من تشهد على ذلك والشمس لاتغطى بغربال. بل الشعب العراقي المجاهد الطيب من يأمل بالابتعاد عن سياسة المحاور وإبعاد البلاد عن الصرعات الإقليمية والدولية تحقيقا للاستقرار.

أحدث المقالات