عرض على شاشة ام بي سي العراق خلال شهر رمضان مسلسل العرضحالجي . من تاليف قاسم الملاك وفالح حسين العبد الله . واخراج جمال عبد جاسم . يتحدث المسلسل عن كاتب العرائض راغب (يجسده الفنان قاسم الملاك ) ، وهو موظف متقاعد. وله ولدين متزوجين . يسكن كل واحد منهما في دار مستقلة مع زوجته . والدارين يعودان لوالدهم العرضحالجي
وهو ارمل يعيش مع ابنه الكبير وزوجته وابنهما ، ويناجي زوجته المتوفاة من خلال صورتها المعلقة على الحائط
وقد كنا نتوقع مسلسلا كوميديا باهرا من خلال معرفتنا بقدرات الممثل المبدع قاسم الملاك والمخرج المتميز جمال عبد جاسم . الا اننا فوجئنا بمسلسل هجين يفتقر الى الموضوع ، مع سيناريو فقير . وجاءت احداث المسلسل بطيئة رتيبة تخلو من الحوار الهادف . ولم نجد اي عنصر تشويق فيه فاصبح ضعيفا مترهلا . ويبدو ان الدراما العراقية قد اصابها التخلف والركود من الوضع العام نتيجة الازمات السياسية العراقية . شانها شان بقية القطاعات العامة والخاصة في العراق والتي شهدت تدهورا لامثيل له في تاريخ العراق
وقد بدا المسلسل تكرار سئ لمسلسل عرضحالجي الذي كان يقدمه المرحوم رضا الشاطي والذي عرض في الستينات من القرن الماضي . وكان باستطاعة المؤلفين الحصول على مواضيع انسانية واجتماعية من القضايا المعروضة امام المحاكم المدنية والاحوال الشخصية ، ليعرض بعض الظواهر الاجتماعية التي يزخر بها مجتمعنا العراقي ، ويقدمها بشكل كوميدي هادف وممتع . وربما آثر النص الهروب من مواجهة المشاكل الاجتماعية والممارسات السيئة في مجتمع مابعد الاحتلال ، في حين انها سلوكيات انسانية قابلة للعرض والنقد
ومن نقاط الضعف الاخرى في المسلسل مقالب وحركات عامل الفندق رمان (علي قاسم الملاك) ، الذي جاءت شخصيته متهافته ، بعيدة عن الكوميديا . وبدت كمحاولة فاشلة للتشبه بعبوسي في مسلسل تحت موسى الحلاق ، الذي جسدها الفنان حمودي الحارثي وقد كان رائعا في العفوية والقفشات الكوميدية البارعة ، مع الفنان المبدع الراحل سليم البصري ، في حين لم يوفق علي قاسم الملاك في رسم البسمة على شفاه المشاهدين رغم محاولاته ومقالبه البائسة
ومن التناقضات في احداث المسلسل على سبيل المثال اننا نجد العرضحالجي وهو المطلع على احوال الناس من خلال عمله وخبرته قد وقع في خطأ تنازله عن داريه لابنيه وهو يعلم بانهما ضعيفان تجاه زوجتيهما . خصوصا وان هناك قضية مرت عليه مشابهة للمأزق الذي وقع فيه . عندما عرضت عليه شكوى من ام على ولديها ، وعمل جاهدا للتوفيق بينهم ومصالحتهم
اما المشهد الذي يظهر فيه العرضحاجي وهو يجمع ولديه ليصالحهما ، فقد كان سلبيا . لم يقدم خلاله اي نصح او ارشاد لما يجب عليهما من واجبات عائلية متعارف عليها . وبقي ساكتا ينتظر ردود فعلهما مع زوجتيهما . وقد كان في هذا المشهد فرصة لتقديم حوارات معمقة هادفة تعزز من مستوى المسلسل
ورغم وجود الثلاثي الموسيقي في الفندق هندس وقندس ونعسان ، الا اننا لم نجد فيهم شيئا مميزا ، ليكونوا قوة كوميدية فاعلة للمسلسل ، نتيجة معرفتنا ببراعة الممثلين محمد حسين عبد الرحيم ، واحسان دعدوش
كما قدموا اغاني قديمة بكلمات محرفة . وكم كنا نتمنى لو قدموا هذه الاغاني بنفس الالحان والكلمات كفوكلور عراقي خالد . لاطلاع الجيل الجديد على الموروث الغنائي العراقي الثر
وهكذا بدا المسلسل مترهلا ، مثقلا بمشاهد مفتعلة مع انعدام العنصر التشويقي اللازم الذي يحفز المشاهد على متابعته بلهفة ، مثلما وجدناه بمسلسل (انتي مين) اللبناني على سبيل المثال والذي ابقى المشاهد مشدودا اليه طوال حلقاته والذي عرض خلال شهر رمضان ايضا
ومع كل هذا وبالمقابل فاننا نجد بعض نقاط قوة في المسلسل . مثل اداء الممثلين وخصوصا الفنان القدير قاسم الملاك الذي عاد الينا بعد غياب خمس سنوات . وهناء محمد وانعام الربيعي المبدعتان . . وكذلك الاخراج البارع للمخرج المتميز جمال عبد جاسم ، الذي ظل وفيا للمدرسة الواقعية
واخيرا ارجو ان يتقبل القائمون على المسلسل بالنقد البناء ويقدموا لنا في قابل الايام اعمالا جيدة تليق بالدراما العراقية الراقية