ليس من طبعي التشاؤم بل اني انظر للنصف المملوء من قدح الماء وأحاول ان اقدم الافكار واتناقش مع الاخر في كيفية ملئ القدح بأكمله، انطلاقا من مبدأ “تفاءلوا بالخير تجدوه”.
الا ان الواقع احيانا يفرض عليك أفكارا منبعها التشاؤم تطيح بكل احلامك الوردية ورؤيتك التفاؤلية.
فعندما تشاهد ان الماء بدأ يأخذ صبغة الدم الاحمر أو ان القدح نفسه بدأ بالتهشم والتكسر …. فهل من السهولة ان تؤمن بان القادم سيكون افضل مما هو قائم؟ واننا سنكون قادرين على الحفاظ على سلامة القدح الذي لو خسرناه لضاع منا الماء كله؟.
فواقعنا اليوم يسجل لنا ان الشعب في كل يوم يغرق في بحر دم والوطن يعاني من ايادي خبيثة تحاول تقسيمه وتفتيته ….. ويوما بعد يوم لا بحر الدم يتوقف … ولا تلك الايادي الملطخة بدم الابرياء تقطع ليُحمى الشعب ونحافظ على الوطن.
فالازمة تنتهي بأزمات اكبر وأحيانا الاختلافات في وجهات النظر تتحول الى سيارات مفخخة وأحزمة ناسفة ورصاصات كاتم قاتلة، واصحاب الامر والقرار دخلوا النفق منذ سنوات باحثين عن الحل وفي كل مرة ما تكون حلولهم سواء على المستوى السياسي او الامني حلولا (ترقيعية) واحيانا يكون الحل عبارة عن مشكلة اكبر أو أزمة أضخم تنسينا الازمة او المشكلة الاولى.
ومع أشتداد كل أزمة نسمع دعوات للاصوات المعتدلة للجلوس على طاولة الحوار واختيار الحوار نهجا واسلوبا في حل الخلافات والمشاكل بدلا من الصراعات التي تبدأ من خلال المنابر الاعلامية وتنتهي ببحر دم في شوارع بغداد والمدن العراقية الاخرى.
وكان أخر تلك الدعوات التي وجهها رئيس المجلس الاسلامي الاعلى السيد عمار الحكيم لجميع ممثلي الكتل السياسية لعقد اجتماع اعتبر ان الهدف الاساسي له هو توحيد الصف امام الارهاب وأصدار ميثاق شرف يعلن فيه الجميع موقفهم ضد الطائفية ويرسل رسالة للشعب العراقي بان “الساسة مهما اختلفوا الا انهم ينحنون امام الدماء البرئية وتصغر خلافاتهم امام تضحيات الشعب العراقي”.
وبكل صراحة لا اتوقع ان التفجيرات والعمليات الارهابية ستنتهي لو لبى الجميع دعوة الحكيم وجلسوا على طاولة الحوار واجتمعوا واصدروا ميثاق الشرف، لاني واثق ان قوى الارهاب لا تفهم للحوار لغة ولا للشرف معنى.
لكن ان نلتقي جميعا بمختلف احزابنا وتوجهاتنا ومذاهبنا ونخرج بكلمة موحدة تعري القتلة ولا تجعل لهم أي مبرر مزعوم للقتل ونشر الدمار فهذه ضرورة كبيرة يجب على كافة الكيانات السياسية دعمها والسير باتجاهها، وكلي امل ايضا ان تجد هذه الدعوة ترحابا ودعما من قبل المرجعيات الدينية للشيعة والسنة لما لها من دور مؤثر على الواقع العراقي، اضافة الى دعم شيوخ العشائر لها لان البعض يحاول ان ينزل الصراع من تجاذبانه السياسية وتحويله الى صراع اجتماعي طائفي وبالتالي يكون هذا الحوار وهذا الاجتماع جهد باتجاه عزل وحصر الارهاب في زاوية حرجة وخلق اجواء مناسبة لمحاربته بالشكل الصحيح والمناسب.
وبالعودة للماء والقدح، كلي امل ان تكون اليد التي تمسك القدح يد تفهم حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها في حماية هذا القدح الغالي والحفاظ على ما يحويه،