18 ديسمبر، 2024 3:28 م

بين الترحيب بالتفاوض والتهديد بالتحرك العسكري .. المناورات “الأميركية-الإيرانية” مستمرة !

بين الترحيب بالتفاوض والتهديد بالتحرك العسكري .. المناورات “الأميركية-الإيرانية” مستمرة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

رغم إعلان الجانبين قبولهما للتفاوض، إلا أن الأمر يحمل في طياته الكثير فيما بين التراجع والتهديد بالتدخل العسكري، عاد الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، للتلميح بإمكانية قيام بلاده بتحرك عسكري ضد “إيران”، إلا أنه أستدرك قائلًا إنه يفضل التفاوض مع “طهران”، بشأن برنامجها الصاروخي والنووي.

وقال الرئيس الأميركي، في معرض رده على سؤال خلال مقابلة تليفزيونية، بشأن ما إذا إن كان سيتحرك عسكريًا ضد “إيران”، فقال: “الاحتمال وارد دائمًا”.

إلا أن “ترامب” عاد وأكد مجددًا على رغبته في الحوار مع “إيران” بشأن برنامجيها الصاروخي والنووي، قائلًا: “أفضل التحاور مع إيران”.

وفي رده على سؤال بشأن ما إن كان يمكن أن يتحدث مع الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، قال “ترامب”: “نعم بالطبع”.

وسرعت إدارة “ترامب”، الشهر الماضي، من وتيرة نشر مجموعة حاملة طائرات هجومية، وأمرت بالدفع بقاذفات وصواريخ (باتريوت)؛ والمزيد من القوات إلى الشرق الأوسط.

وجاء هذا التحرك الأميركي؛ في ظل حديث مسؤولين أميركيين عن معلومات استخبارية بشأن الاستعدادات الإيرانية المحتملة لمهاجمة القوات أو المصالح الأميركية في المنطقة.

لن تنخدع طهران بعرض “ترامب”..

فيما رد المرشد الإيراني، آية الله “علي خامنئي”، قائلًا إن “طهران” لن “تنخدع” بعرض “ترامب”، التفاوض معها؛ ولن تتخلى عن برنامجها الصاروخي، وذلك خلال خطاب أحتوى على شعارات زائفة وتحدي لـ”الولايات المتحدة”.

لكن “خامنئي” لم يتحدث أبدًا عن البرنامج النووي الإيراني، الذي تطالب “واشنطن” بوقفه بشكل تام، إضافة إلى وقف تمويل “طهران” للإرهاب.

وبحسب (سكاي نيوز عربية)؛ يُعد هذا الموقف، من “خامنئي”، تراجعًا إيرانيًا مبطنًا عن البرنامج النووي، من خلال إغفال المرشد الإيراني الحديث عنه في كلمته.

وجاء هذا التراجع مغلفًا بالشعارات الزائفة، التي غص بها الخطاب السنوي لصاحب القرار في البلاد.

ولطالما اعتبرت الشعارات الحماسية من المكونات الأساسية لكل خطابات المسؤولين الإيرانيين، التي عرفت على مدى السنوات الأربعين الماضية بتناقضاتها.

وتباهى “خامنئي”، في خطابه، بتدخلات “الحرس الثوري” الإيراني في “العراق وسوريا ولبنان وفلسطين”، في حين مر مرورًا سريعًا على تفاقم الأزمة الاقتصادية العميقة في بلاده، متناسيًا تداعياتها الكارثية على الشعب الإيراني.

وكان من اللافت؛ الخشية التي أبداها “خامنئي” بشأن مساعي الرئيس الأميركي لإسقاط النظام في “طهران”، وقال إن: “هذه الحيلة لن تخدع المسؤولين الإيرانيين”.

أما عن البرنامج الصاروخي الإيراني، فأعاد المرشد الإيراني نفس إسطوانة تحدي “واشنطن”، قائلًا إن: “أحدًا لن ينجح في نزع حق إيران من تطوير الصواريخ”.

ويحرص المسؤولون الإيرانيون، عمومًا في خطاباتهم، على الظهور بمظهر المنتصرين، رغم إنهيار بلادهم اقتصاديًا ومعيشيًا، وارتفاع التضخم والبطالة فيها إلى مستويات قياسية.

لا خيار سوى المقاومة..

في سياق متصل؛ أكد الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، أنه من أجل التفاوض مع “إيران”؛ يجب أن تأتي “الولايات المتحدة الأميركية” بالاحترام، مشددًا على أنه ليس أمام “طهران” سوى خيار المقاومة.

وكانت هيئة الإذاعة والتليفزيون اليابانية، قد ذكرت، قبل نحو أسبوع، أن رئيس الوزراء الياباني، “شينزو آبي”، سيبحث خلال زيارة قريبة إلى “إيران” مع المسؤولين في هذا البلد؛ التوترات الأخيرة بين “إيران” و”أميركا”.

يجب أن تعطي دليلًا على حُسن نواياها..

تعليقًا على التصريحات الجديدة، يقول العضو السابق في مجلس الشورى السعودي، “محمد آل زلفي”: “نحن لا نريد حربًا، بل نريد أن تعود إيران لأن تكون دولة مدنية وحضارية في تعاملها مع جيرانها وتسحب كل قواتها الموجودة على كل شبر من الأراضي العربية، وتتعامل بطريقة حضارية مع جيرانها، وهذا هو المطلوب”.

وأضاف “محمد آل زلفي”: “لا يمكن التفاهم مع إيران بطرق حضارية”.

وتابع أنه: “يجب على إيران أن تعطي دليلًا على حُسن نواياها، ولا يمكن الوثوق بإيران”.

مناورة سياسية للضغط على الشعب الإيراني..

فيما يقول المحلل السياسي الإيراني، “محمد غروي”: “منذ البداية قالت إيران أننا لا نريد حربًا ولا نريد تفاوضًا، كما أتصور أن الأميركي أيضًا لا يريد حربًا، لكن التهديدات الأميركية هي مناورة سياسية للضغط على الشعب الإيراني، وإيران تدرك هذه المناورة السياسية منذ أن خرج الأميركي من الاتفاق النووي، وإيران قرأت السيناريو كاملًا وتتهيأ لهذا السيناريو وتتصرف بدبلوماسية وحنكة عالية جدًا، جعلت الأميركي يتراجع رويدًا رويدًا عن كل الخطوط التي كان قد رسمها، حيث نذكر بأن الأميركي وضع 12 شرطًا على الإيرانيين ويجب أن يلتزموا بها، لكي نرفع الغقوبات عن الشعب الإيراني، ولكن وبعد سنة يقول وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، إننا مستعدون للجلوس مع الإيرانيين دون أي شروط، ونحن نعلم أن بومبيو هو أكثر السياسيين تطرفًا ضد إيران، يعني أنه تنازل، وعندما يسحب الأميركيون الأساطيل العسكرية من مياه الخليج وهذا أيضًا يعني تنازلًا كبيرًا أمام الإيراني، وعندما صمد الإيراني لأكثر من سنة، رأينا كيف اضطر الأميركي للتراجع، ولدى الإيراني قدرات عالية واستطاع أن يدير هذه المرحلة بسياسة وحنكة، ولم يجعل المنطقة تدخل في حروب جديدة، وهو لا يريدها، وأيضًا لا يجعل الأميركي يتمادى بتهديداته، ولو أراد الأميركي الدخول في حرب مع الإيراني، ستكون هناك نتائج جدًا صعبة على كل الأطراف وعلى حلفاء أميركا في المنطقة”.

أميركا باتت أكثر جدية..

وعن سبب قبول “إيران” بالوساطة اليابانية، حتى لو ضمنيًا، أكد “غروي” على أن: “أجواء الوساطات بين واشنطن وطهران بدأت تعمل، ويبدو أن أميركا باتت أكثر جدية من أي وقت مضى، لكن الجانب الإيراني يطلب عدة أمور منها رفع العقوبات، التي فرضت بعد الاتفاق النووي، ومن ثم طهران تطالب واشنطن بالعودة للاتفاق النووي”.

وأوضح “غروي” أن: “التطورات التي شهدتها المنطقة، وخاصة في الخليج، بعد التصعيد الأخير بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، جعل واشنطن تعترف بأهمية وجود تقارب بينها وبين طهران عن طريق الحوار وليس بالتهديدات العسكرية”.

إن أردت السلم فاستعد للحرب..

الكاتب والباحث المتخصص في الشؤون الأميركية، “إميل أمين”، يرى إن: “الرئيس الأميركي لم يتراجع عن طرحه الخاص بإيران، بل يتعامل مع القيادة الإيرانية برؤية فلسفية جوهرها إن أردت السلم فاستعد للحرب، فضلًا عن اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية الآن، فليس من مصلحة الرئيس الأميركي قيام حرب جديدة في الشرق الأوسط، على الأقل حتى يضمن بقاءه في البيت الأبيض لولاية ثانية، ولكن إذا صعدت إيران فكل الاحتمالات واردة”.

مضيفًا أن: “الخلاف الأميركي مع إيران أعمق من النووي؛ الذي يمثل قمة جبل الثلج، لكن السبب الجوهري يتمثل في النفوذ الإيراني، ووجود قوة تصارع وتنازع واشنطن في الشرق الأوسط، فضلًأ عن التخوف الأميركي من أن يكون ما يحدث في الشرق الأوسط تعاونًا جيوإستراتيجيًا جديدًا بين روسيا والصين وإيران”.

أسباب اختيار اليابان للوساطة..

وعن سبب اختيار “اليابان” للقيام بدور الوساطة بين “الولايات المتحدة” و”إيران”، تحدث الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأقصى، “نور الحضيري”، بأن: “اختيار ترامب اليابان يرجع لعدة أسباب، أهمها العلاقات القوية التى تربط اليابان بالولايات المتحدة، فضلًا عن علاقة طوكيو الجيدة مع طهران، ووفق للإحصائيات فهي سادس مستورد للنفط الإيراني على مستوى العالم، بالإضافة إلى تمتعها بموقف محايد من الأزمة الأميركية الإيرانية؛ مما جعلها مؤهلة للقيام بهذا الدور”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة