17 نوفمبر، 2024 8:27 م
Search
Close this search box.

قانون العمل النافذ في الميزان

قانون العمل النافذ في الميزان

القسم الثالث
بتأريخ 18/4/2017 ، أصدر المكتب التنفيذي للإتحاد العام لنقابات عمال العراق بيانا جاء فيه (( في ظل هذه الأوضاع ، تتعرض الحركة النقابية العمالية في هذه المرحلة إلى صعوبات عدة ، منها ما هو تشريعي بإعاقة مناقشة مسودة مشروع قانون للحقوق والحريات النقابية … وإدراج مشروع قانون جديد للإتحادات العمالية والمهنية ، مخالف لمعايير العمل الدولية والإتفاقيات والتوصيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية . بالإضافة إلى عدم تفعيل وتنفيذ قانون العمل الجديد رقم (37) لسنة 2015 بشكل فاعل ، وخاصة التعامل مع عمال العقود والأجور اليومية في القطاع العام ، وعدم شمولهم بالقانون وبقانون الضمان الإجتماعي . وتدني الأجور اليومية للعاملين في القطاعين المختلط والخاص ، التي تعاني من توقف وركود لمعاملها الإنتاجية ، بسبب سياسة الإستيراد المفتوح على مصراعيه لمختلف البضائع الرديئة على حساب المنتوج الوطني العالي الجودة والمواصفات … إننا في الإتحاد العام ، إذ نؤكد على أهمية وحدة الطبقة العاملة العراقية وتعزيزها في الظرف الراهن ، حيث أن الصراعات الجانبية والمشاكل ذات الطابع الشخصي ، يضر ويسىء لهذه الوحدة ، ولسمعة العراق على الساحة النقابية الوطنية والعربية والدولية ، نطالب المراكز النقابية العمالية العراقية كافة ، بإحترام طبقتنا العاملة المناضلة ذات التأريخ الناصع ، والإبتعاد عن زجها في هذه الصراعات غير المهنية وغير النقابية ، وإحترام إرادتها وإستقلاليتها وحقها في الإنتماء الحر وفق رغباتهم وإرادتهم ، والتعبير عن قضاياها المطلبية الإقتصادية والإجتماعية والسياسية بشكل صادق وأمين ، وتعزيز دورها في المحافل الوطنية والعربية والدولية بما يتناسب ودورها التأريخي والوطني ، ونطالب الجهات والمؤسسات الحكومية وغيرها ، بحق التنظيم الداخلي في قطاعات الإنتاج كافة ، وعدم التمييز والتعامل بشكل خاطىْ مع المراكز النقابية العاملة الحقيقية والفاعلة في الساحة النقابية … سيبقى عمال بلادنا يؤكدون على ضرورة مشاركة طبقتنا العاملة في رسم السياسات الإجتماعية والسياسية والإقتصادية لبلدنا ، والمشاركة الفاعلة في العمل التنموي ، والتأكيد على حقهم في حياة حرة كريمة ومن دون تمييز في الأجر وفرص العمل ، رجالا ونساءا ، والنضال من أجل حل مشكلة البطالة بأسرع وقت ، وتحسين ظروف العمل وتعجيل الدورة الإقتصادية ))

وعليه نثبت إضافة إلى ما أوضحنا فيما تقدم ، أدلة الرد على التوجهات السياسية الماحقة لكل مقومات العمل المهني الوظيفي أو العمالي والنقابي ، وكما يأتي :-

أولا- مفهوم النقابة : النقابة لغة هي الرئاسة ، ويقال لكبير القوم نقيبا أو رئيسا أو عقيدا ( وفي اللغة المحلية عجيد القوم ) . ومن هنا جاءت تسمية نقيب الأطباء أو نقيب المعلمين أو رئيس نقابة العمال وغيرهما ، وقبل ذلك تم تأسيس الرابطة والنادي والجمعية والإتحاد لذوي المهن والحرف المتشابهة ، ولكل منها نظامها الداخلي الرسمي الصادر بموافقة الحكومة ، ومن أساسياته إحتواؤه على نظام إنتخابي يتوجب إتباعه . كونها تشكيلات تنظيمية مؤلفة من أصحاب الفنون أو المهن الحرة ، تنتخب نقيبا وممثلين لها لمواجهة الإدارات الرسمية ، تطبيقا للنظام الداخلي وللدفاع عن حقوقهم المشتركة ، وأن تكون مهمة تلك التشكيلات المهنية بالدرجة الأولى تنظيم ممارسة المهنة ، بينما تهتم النقابات العمالية بالدفاع عن حقوق أعضائها ، كونها تشكيلات أيديولوجية سياسية ، تنطلق من وصف ( النقابية ) التي هي مذهب سياسي إقتصادي مناهض للرأسمالية ، ينادي بجعل الطبقة العاملة تسيطر على الإقتصاد وإدارة الحكم في البلاد المختلفة ، كما ويعد التنظيم النقابي من الوسائل المتبعة لتحقيق أهداف النقابيون ، من خلال تأسيس الإتحادات العمالية والقيام بالإضرابات ، وبالتالي فإنها تشكيلات تنظيمية تتكون من مجموعة من الأشخاص الذين يتعاطون مهنة واحدة أو مهن متقاربة ، ويتم تشكيلها لأغراض المفاوضة الجماعية المهنية ، بشأن شروط إستخدام العاملين في جميع القطاعات المختلفة ، ورعاية مصالح أعضائها الإقتصادية والإجتماعية عن طريق الضغط على الحكومات والهيئات التشريعية ، وغالبا ما يتم الإلتجاء وفي حالات معينة إلى العمل السياسي ، إلا إن المعاهدة رقم (87) لسنة 1948 المنادى بتطبيقها منقذا للعمل النقابي ، قد ألغت دور السلطة العامة في ممارسة مهامها ، ليس فيما نصت عليه المادة (3/1) منها ، حيث ( لمنظمات العمال وأصحاب العمل حق وضع دساتيرها وأنظمتها ، وإنتخاب ممثليها في حرية تامة ، وتنظيم إدارتها ووجوه نشاطها ، وصياغة برامجها ) ، وإنما فيما يتعلق بمنع السلطة العامة من أداء واجباتها ، بدعوى حماية حقوق النقابة من التدخل في شؤونها ؟!، حسب نص المادة (3/2) منها ، حيث ( تمتنع السلطات العامة عن أي تدخل من شأنه أن يحد من هذه الحقوق أو يحول دون ممارستها المشروعة ) ، وهي بذلك تخالف وتعارض كافة الإجراءات المعتمدة وفقا للقانون العراقي ، الذي يقضي بإصدار النظام الداخلي لحقوق النقابة من قبل السلطة التنفيذية وبموافقتها .

لقد كانت بريطانيا صاحبة السبق بين الدول في الإعتراف بالأهلية الكاملة للنقابات العمالية منذ العام 1871 ، إلا أن تاريخ تطور النقابات يظهر التقارب بينها وبين الحركات الإشتراكية ، بسبب إتفاق الطرفين على معارضة تسلط رأس المال ، وقد قويت هذه النزعة لتنبثق عنها الحركة النقابية ( السندكالية ) ذات النزعة الاشتراكية الشاملة ومعاداتها للبورجوازية وتشديدها على أهمية الثورة العالمية العمالية الإتحادية ، إلا إن خلافها مع الشيوعية وسيطرة الدولة على تنظيم الصناعة ، إعتقادا منها بأن ذلك يتنافى مع حرية الطبقة العاملة ، أدى بالنزعة السندكالية إلى الإضمحلال في صفوف الطبقة العاملة بعد نجاح الثورة الروسية ، وإستخدامها الطبقة العاملة ونقاباتها أداة طيعة لتحقيق أهدافها السياسية .

وعلى أساس ذلك يخطيء من يظن أن النقابات ظاهرة خاصة بالنظام الإشتراكي ، حيث تصبح النقابات غير ضرورية أو غير ذات أهداف فعالة ، حين يقع عليها عبء المشاركة في رسم وتنفيذ خطط التنمية المختلفة والشاملة ، والعمل على رفع الكفاة الإنتاجية والمستوى الثقافي والإجتماعي لأعضائها ، بما يتناسب وسياسات السلطة الحاكمة ، وزاد في ذلك أن بعض السياسيين من الحزبيين ، ذهب إلى إعتبار العمل النقابي طريقا للوصول إلى الغايات والأهداف الحزبية المنشودة للطبقة العاملة ، ببسط نفوذها السياسي وسيطرتها على إدارة عناصر العمل والإنتاج ، وهي نظرية خاطئة وضارة ، تضعف العمل النقابي وتجهضه ، نظرا لضيق أفق طبيعة هذا العمل وإقتصاره على مطالب سياسية محدودة وغير مهنية ، وهذا ليس في صالحها ولا في صالح الأهداف الإقتصادية والإجتماعية ، خاصة عندما يكون الإقتصاد ريعيا ، وخليطا مزدوجا من أفكار إقتصادية مختلفة وغير متجانسة .

أحدث المقالات