التأثيرات السلبية التي نجمت عن النهج السياسي الذي إلتزمه النظام الايراني تجاه بلدان المنطقة والتي قد تحتاج الى أعوام طويلة”بعد تغيير النظام الايراني” لمعالجتها وإنهاء هذه التأثيرات، قضية صارت معروفة على مختلف الاصعدة خصوصا وإن النهج السياسي الذي يتبعه النظام الايراني يقوم على أساس تأسيس قوى سياسية وميليشيات عسکرية تابعة له وتخضع له وتدار من قبله على مرئى من حکومات بلدان المنطقة، وإن بلدان المنطقة صارت تتخوف من الدور والنفوذ الايراني فيها أکثر من أي دور آخر لأنها أمام خطر قائم وأمر واقع وليس إفتراضي!
عندما يبادر وزير الخارجية الايراني الى طرح إقتراح توقيع معاهدة “عدم الاعتداء” بين إيران ودول منطقة الخليج، فإن توقيت طرح هذا المقترح في ظل سيف ترامب المسلط على رقبة النظام الايراني وبعد دعوة العاهل السعودي للقمم الثلاثة في مکة المکرمة، فإن هذا المقترح وفي ظل إمتلاك النظام الايراني لقوى وميليشيات تابعة له في العراق ولبنان واليمن وسوريا وکونها مٶتمرة بأمره وتهدد بلدان المنطقة في وضح النهار، يعتبر مجرد تلاعب بالالفاظ، بل إن وزير الخارجية الايرانية وقبل أن يقوم بطرح هکذا مقترح فإن المفترض به وکخطوة عملية للثقة بالنوايا الايرانية، فإن عليه أن يقدم على خطوة يخفف من تدخلاته بسبب منها، بل لو إن محمد جواد ظريف قد أعلن بأن نظامه سيقوم بإنهاء تدخلاته في بلدان المنطقة، فإن ذلك لوحده کان سيکون أفضل ألف مرة من المعاهدة”الضبابية”والاستعراضية التي طرحها من أجل ذر الرماد في الاعين والتمويه على الرأي العام العالمي وحتى خداعه.
هذا الاقتراح الذي طرحه النظام الايراني بعد أن دارت به الدوائر وأسقط في يديه وأدرك صعوبة الاوضاع والاخطار والتهديدات المحدقة به من کل جانب، قد جاء وکما يقول المثل”بعد خراب البصرة”، إذ أن النظام الايراني وبعد تدخلاته التي کلفت شعوب المنطقة کثيرا وترکت آثارا سلبية عميقة عليها مثلما ترکت آثارا سلبية على الشعب الايراني نفسه ذلك إن الاموال الطائلة التي صرفها النظام الايراني على تدخلاته في سوريا واليمن والعراق ولبنان وعلى حماس والجهاد الاسلامي في غزة، قد جعلت من الشعب الايراني يعاني من الفقر والمجاعة بل إن أکثر من نصف الشعب الايراني قد صار يعيش تحت خط الفقر، وحتى إن الحديث الساخن الذي يدور في أروقة الاوساط الحاکمة في طهران هو إحتمال إندلاع إنتفاضة للشعب ضدهم، وفي ضوء هذا کله، فإن المطلوب من النظام الايراني أولا أن يضع حدا لتدخلاته في المنطقة فيما لو أراد أن يحسن من علاقاته مع بلدان المنطقة، رغم إننا واثقون بإستحالة قيام النظام الايراني بتغيير نهجه هذا لأنه”وکما تٶکد المقاومة الايرانية” سيسقط بسبب من ذلك.