طيله الـ ١٥ سنة منذ ٢٠٠٣ ولغايـــة ٢٠١٨ ، تشكلت الحكومات في العراق عبر ” تفاهمات سرية ” بين الولايات المتحدة وايران ، رغم الخلافات القائمة بينهما ، لتشكيل نوع من ” توازن النفوذ ” في العراق ، حتى شكك البعض بان الولايات المتحدة وايران يعملان معا بتحالف مشترك لتمرير مصالحهما عبر المنطقة من خلال تمثيل دوري
” المجرم والجلاد ” والتي من خلالها يتم استغلال منطقة الخليج والعراق والسيطرة على مواردهم النفطية وغير النفطية .
خلال انتخابات ٢٠١٨ والتي كانت نتائجها مخالفة كثيرا” في التوقعات والمؤشرات ( لاسباب ثانية يطول شرحها ) عمل مبعوث الادارة الامريكية الجديدة ( بريت ماكغورك ) على ايصال رسالة واضحة بانه من الضروري ان يكون رئيس الوزراء السابق ( حيدر العبادي ) على راس السلطة الحكومية الجديدة ، الا انه كما يبدو ؛ الجانب الايراني رفض ان تكون شراكة كسابقاتها في تقاسم النفوذ بالعراق ، وعمل على ان تكون الحكومة بمجملها تحت ارادته من خلال تشكيلها عبر قائمتي ( سائرون والفتح ) ، اللتان استحوذتها على معظم المقاعد النيابيه وتربعتا على قمة القوائم الفائزة بالانتخابات الاخيرة ، وبالتالي سيطرت كلتا القائمتيين على معظم المناصب الحكومية الرفيعة ومنها منصب رئيس الوزراء الذي اصبح تحت سيطرتهم وارادتهم السياسية .
يبدو ان هذا الامر قد ازعج الامريكيين كثيرا” ، خصوصا بتزامنها تقريبا مع خسارة الامريكان في الحرب بسوريا وعدم قدرتهم على تغيير النظام السوري المتحالف مع روسيا وايران ، ولا يمكن للامريكان خسارة العراق بعد بذلهم جهود كبيرة واموال طائلة خلال الحرب في ٢٠٠٣ والفترات التي سبقت ولحقت الحرب .
استحواذ الايرانيون على النفوذ بالعراق باكمله ، قد يكون هو السبب الرئيس والمباشر والشرارة التي احرقت ” التفاهمات ” الامريكية الايرانية والتي افقدت الامريكان صبرهم في التعامل مع ايران ، ليوجهوا لها مزيدا من الضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية ، ( لتحسين سلوك ايران ؛ كما تصفها الادارة الامريكية ) ، وانما ما يدعم هذا الرأي هو النقطة السادة في قائمة المطالب الامريكية التي اعلنها وزير الخارجية الامريكي ” بومبيو ” والتي تنص (( 6. التعامل باحترام مع الحكومة العراقية وعدم عرقلة حل التشكيلات الشيعية المسلحة ونزع سلاحها )) ، وهذا على الاغلب ما ينتظره الامريكان من الايرانيين كشرط للتفاوضات التي ينتظر الامريكان قبولها من طهران .