بعد توبيخ “خامنئي” .. اقتراح “روحاني” باستفتاء على الاتفاق النوي مناورة وضغوط جديدة !

بعد توبيخ “خامنئي” .. اقتراح “روحاني” باستفتاء على الاتفاق النوي مناورة وضغوط جديدة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة جديدة على طريق التطورات المستمرة الخاصة بملف “الاتفاق النووي”، اقترح الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، السبت الماضي، إجراء استفتاء عام على البرنامج النووي الإيراني وسط توترات مع “الولايات المتحدة”.

وقال “روحاني” إن الاستفتاء الشعبي على البرنامج النووي الإيراني “يمكن أن يوفر إنفراجة”؛ في محاولة للخروج من المأزق بعد إعلان المرشد الإيراني، آية الله “علي خامنئي”، تنصله من نتائج الاتفاق.

ووفقًا لوكالة الأنباء الإيرانية، كان الرئيس الإيراني يتحدث، خلال اجتماع مع مديري وسائل الإعلام في “طهران”، السبت، حيث قال إن إجراء الاستفتاء وفقًا للمادة (59) من الدستور يمكن أن يكون حلًا عند المواقف الصعبة لتجاوز الأزمات.

وأضاف: “بالطبع النقاش هو التوقيت؛ ومتى يجب أن نستخدم هذه المادة وكيف ؟”.

وأخبر “روحاني”، التجمع، أنه في عام 2004، عندما كان أمين “المجلس الأعلى للأمن القومي”، طلب من المرشد الأعلى، “علي خامنئي”، طرح “القضية النووية” على الاستفتاء، وأجاب “خامنئي”: “إنها فكرة جيدة وقبل الاقتراح”.

لا يحق لأحد في التشكيك في الاتفاق..

وقال إن حكومته السبب الرئيس في بقاء “إيران” على “الاتفاق النووي”، معتبرًا عدم إنتهاك “الاتفاق النووي” من جانب إيران “إنجازًا” لحكومته.

وقال “روحاني”: “لولا هذه الحكومة لتخطت إيران الاتفاق النووي”، قبل أن يتفاخر بأن أداء حكومته في الاتفاق النووي “تسبب في عدم إدانة إيران، وفي المقابل اعتبرت الدول، أميركا، مقصرة في خروجها من الاتفاق”، مضيفًا أنه: “لا يمكن لأحد أن يشكك في هذا الفخر”.

وكان “روحاني” قد طالب، في شباط/فبراير الماضي، وبمناسبة ذكرى “الثورة الإيرانية”، التیارات السیاسیة، باللجوء إلى صناديق الرأي لحسم الخلافات والعمل بما يختاره الناس. وقال حينها إن: “الدستور يرفع المآزق، إذا كان لدينا نقاش حول موضوع، يجب العودة إلى المادة (59) من الدستور للعمل وفق ما يختاره الناس”.

تجيز الإستناد إلى رأي الشعب..

وتجيز المادة، التي أشار إليها “روحاني”، (المادة 59 من الدستور الإيراني)، الإستناد إلى رأي الشعب في القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وتقول المادة: “يجوز في القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية المهمة جدًا، ممارسة وظائف السلطة التشريعية بالرجوع إلى آراء الناس مباشرة عبر الاستفتاء العام بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشورى، (البرلمان)”.

ولم تُجرِ “إيران”، على مدى 30 عامًا أي استفتاء، منذ التعديل الدستوري الذي أقرّه “علي خامنئي”، منذ أول أيامه من منصب المرشد الإيراني.

وسبق وأن أثار “روحاني”، في 2017، إمكانية إجراء استفتاءات لحل الخلافات الأساسية في البلاد أو حل الأزمات، حيث دافع عن مبدأ اللجوء إلى الاستفتاء العام لإتخاذ قرارات بشأن القضايا الحاسمة، لكن اقتراحه واجه معارضة شديدة من كبار حلفاء “خامنئي”.

خامنئي” يتنصل من مسؤوليته تجاه الاتفاق..

ويأتي إعلان “روحاني”، للاستفتاء حول “الاتفاق النووي”، هذه المرة، عقب تصريحات للمرشد الإيراني، الذي قال، مساء الأربعاء الماضي، أمام ممثلين من الطلاب الإيرانيين، إنه لا يتحمل مسؤولية “الاتفاق النووي”، وألقى باللائمة على رئيس الحكومة، “حسن روحاني”، ووزير خارجيته، “ظريف”، لعدم تنفيذ الاتفاق بالكامل من قِبل الأوروبيين ونتائج الاتفاق بعد انسحاب “الولايات المتحدة” منه.

ومن المعروف أن المرشد الإيراني، باعتباره أعلى سلطة سياسية في البلاد، هو من أعطى الضوء لبدء المفاوضات التي أفضت للاتفاق بعد سنوات من المحادثات وإنهيار الاقتصاد الإيراني، ضمن تنازلات أطلق عليها إستراتيجية “المرونة البطولية”.

لكن “خامنئي” عبر عن استيائه من الطريقة التي تعامل بها الرئيس، “حسن روحاني”، وفريقه مع “الاتفاق النووي”، قائلًا: “أنا لا أؤيد الطريقة التي تم بها تنفيذ الاتفاق، وقد أوضحت ذلك للرئيس ووزير الخارجية في العديد من المناسبات”.

وأضاف: “اقرأوا رسالتي بشأن الاتفاق والشروط المحددة للمصادقة عليه. فإذا لم تتحقق هذه الشروط فليس من مسؤولية المرشد التدخل”.

سيستخدمه للضغط على “روحاني”.. ولن يقبل..

وقد يعطي موقف “خامنئي” الجديد دفعة للضغوط على “روحاني”، وسط محاولاتها البقاء على “الاتفاق النووي”، وحفظ العلاقات مع الدول الأوروبية، رغم إعلانها تجميد تعهدات في الاتفاق، وإمهال الأوروبيين 60 يومًا لتلبية مطالب “إيران” ضد “العقوبات الأميركية” على “النفط” و”البنوك”.

ويرى مراقبون أن المرشد الأعلى لن يستجيب لدعوة “روحاني”، لأنه يرى أن الملف النووي يحق لمسؤولي البلاد فقط البت فيه وأن صانع القرار هو وحده الذي يمتلك اليد العليا، فضلًا عن أنه يستغله كورقة بين أوارق ضغطه على خصوم “طهران” في الخارج.

مساحة للمناورة وفرصة لحل الخلاف..

ويرى موقع (الجريدة) أنه من شأن الاستفتاء على البرنامج أن يمنح زعماء “إيران” مساحة للمناورة وفرصة لحل الخلاف مع “الولايات المتحدة”.

ولم تجرِ “إيران” سوى ثلاثة استفتاءات، منذ “الثورة الإسلامية” عام 1979، كان أولها للموافقة على تأسيس “جمهورية إسلامية”؛ ثم لإقرار وتعديل الدستور بعد ذلك.

ورأى مراقبون أن تلويح “روحاني”، بالاستفتاء، هو بمثابة تهديد للمتشددين، لأن الغالبية الساحقة من الإيرانيين تؤيد التفاوض وحل الخلافات مع “واشنطن” بالطرق السلمية لتقوية الاقتصاد والخروج من حالة الفقر التي بدأت تهدد قطاعًا واسعًا منهم.

خطوة شكلية..

ورأى المتخصص في الشأن الإيراني، “د. هاني سليمان”، إن الاستفتاء سيكون مجرد خطوة شكلية لإضفاء الشرعية على أنشطة “إيران” النووية، ما يعطيها مشروعية لرفع الضغط السياسي عن النظام.

وأضاف أن تلك الخطوة لن تكون مؤثرة، لكنها تُعد تحويل الضغط الممارس على النظام للشعب، وخصوصًا بعد التصعيد الإيراني فيما يخص البرنامج النووي، كما تُعد محاولة للهروب والإلتفاف حول بنود “الاتفاق النووي”، (5+1)، لكسب الوقت والخروج من دائرة الضغط السياسي، مؤكدًا على أن التلويح بورقة الاستفتاء تعد محاولة للإلتفاف حول المواقف الدولية.

لن يؤثر عالميًا وسيقتصر تأثيره داخليًا..

من جانبه؛ قال الباحث، “عمر سمير”، باحث في الاقتصاد السياسي الدولي والشأن الإيراني، إن إجراء استفتاء على البرنامج النووي الإيراني قد يعطي شرعية من الداخل؛ إنما الدول الخارجية غير معنية بما يقره الاستفتاء، خاصة وأن الدول الغربية تشكك بالعملية الانتخابية الإيرانية.

وأكد “سمير” أن تبعات الاستفتاء، الذي من الوارد إجراءه لن تؤثر على الدول الأوروبية، إنما زيادة نسبة التخصيب قد تؤدي إلى إعادة النظر في المشهد العالمي تجاه “إيران” نظرًا لاعتراض الدول الموالية لـ”إيران” على زيادته، مشددًا على استبعاد المواجهة العسكرية في كل الأحوال.

قد تمنح غطاء سياسي..

وترى (روسيا اليوم)؛ أن: “مثل هذا الاستفتاء يمنح في حال تنظيمه الحكومة الإيرانية غطاءً سياسيًا إذا قررت رفع مستوى تخصيب (اليورانيوم) فوق النسبة المحددة؛ بموجب الاتفاق النووي المبرم بين طهران و(السداسية) الدولية عام 2015”. وسبق أن أعلن “روحاني”، الشهر الجاري، عن تعليق “إيران” بعض إلتزاماتها بالصفقة النووية، ردًا على انسحاب “الولايات المتحدة” منها وتشديد “العقوبات الأميركية” على “طهران”.

النظام يحتاج لمعجزة للنجاة من السقوط الأخير..

وأوضح موقع (سبق) أن الاقتراح الإيراني يأتي وسط إنحدار كبير في الاقتصاد الإيراني؛ فبعد إنهيار صادرات “النفط” الإيرانية تمامًا قالت مجموعة أعمال ألمانية إن تجارة الشركات الألمانية مع “إيران” تراجعت بحدة مع زيادة حدة “الولايات المتحدة” للضغط الاقتصادي على “طهران”.

وصرح “فولكر تريه”، مدير التجارة الخارجية في “رابطة غرف التجارة والصناعة الألمانية”، لوكالة الأنباء الألمانية، (د. ب. أ)، أمس الأول، بأن الصادرات الألمانية إلى “إيران” انخفضت بنسبة 50 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول، بينما الصادرات الإيرانية إلى “ألمانيا” انخفضت نحو 42 في المئة.

وقال “تريه”؛ إنه من بين 120 شركة ألمانية، كانت ناشطة في “إيران”، لا يزال هناك 60 شركة فقط في البلاد، وإن: “العقوبات الأميركية تؤثر على العلاقات الاقتصادية؛ مثل الحظر الكامل لأن القطاع المالي يتأثر”.

وأوضح أن النظام الإيراني، اليوم، في غرفة الإنعاش فهو تحت وطأة حرب اقتصادية مدمرة تمهد لإسقاطه وخياراته التكتيكية اليوم قليلة جدًا ويحتاج إلى معجزة للنجاة من السقوط الأخير.

جاءت بعد توبيخ “خامنئي”..

وذكرت صحيفة (الديلي تلغراف) البريطانية، أمس الإثنين، أن تصريحات “روحاني”، حول إمكانية لجوء بلاده إلى تنظيم استفتاء بخصوص الملف النووي، جاءت بعد توبيخ من “خامنئي” حول إدارته للملف “غير الناجحة”.

وأضاف، أن “روحاني” رد على فرض “الولايات المتحدة” عقوبات جديدة على بلاده، قبل أسابيع، بالتهديد بالانسحاب من “الاتفاق النووي”، الذي عقده مع القوى الغربية الكبرى عام 2015.

ويوضح التقرير أنه بالرغم من أن العديد من قادة النظام الإيراني لا يرغبون في الوصول إلى مرحلة خوض حرب ضد “الولايات المتحدة”؛ إلا أن “التأنيب” الذي وجهه “خامنئي”، لـ”روحاني”، خلال مناسبة عامة يشير إلى أن “خامنئي” يتبنى إتجاهًا أكثر تشددًا، خاصة وأن رأيه بخصوص “الاتفاق النووي” كان معروفًا منذ سنوات؛ حين أشار إلى أنه يرى أن المفاوضين الإيرانيين تساهلوا بشكل مبالغ فيه مع الغرب خلال عملية التفاوض.

ويعتبر التقرير أن غالبية الشعب الإيراني تؤيد “الاتفاق النووي” وترغب في تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد، خاصة وأن الطبقة الوسطى هي أكثر الطبقات التي عانت، ولا زالت، من العقوبات وتراجع العملة المحلية، لكن يبقى هناك إتجاه آخر يرى أن الاستفتاء الشعبي قد يشكل مخرجًا يسمح للنظام بالعودة إلى تخصيب (اليورانيوم) في المنشآت الإيرانية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة