17 نوفمبر، 2024 3:23 م
Search
Close this search box.

النتيجة النهائية للصراع الأمريكي الإيراني

النتيجة النهائية للصراع الأمريكي الإيراني

 

أمام تطور ألأحداث في الشرق الأوسط وزيادة حدة التوتر والصراع المحتدم بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران يُطرح التساؤل المهم والوحيد على مختلف الأصعدة وهو هل ستقوم الحرب بين الطرفين الغير متكافئين أم سترضخ إيران الى القبول بمبدأ المفاوضات والرضوخ الى الشروط الإثنى عشر التي فرضتها الإدارة الأمريكية على إيران لتنفيذها وذلك لتجنب الحرب . الكثير من السياسيين والمحللين بمختلف توجهاتهم منهم من يرجح حتمية نشوب الحرب وفق بعض المعطيات والمبررات والبعض الآخر يرى عكس ذلك وفق مبررات ومعطيات أخرى ويرجح إحتمالية عدم قيام الحرب والتوجه نحو تخفيف حدة التوتر بين البلدين ومن ثم الوساطة لإجراء مفاوضات بشكل مباشر أم غير مباشر بينهما .
وعند النظر في هذين الإحتمالين وتحليل كافة الظروف والملابسات المحيطة بكل أبعاد الصراع يمكننا القول بأن أي من هذين الإحتمالين غير وارد في هذه المرحلة بالذات ، أي في الوقت الحاضر ، بالرغم من التحشيدات العسكرية الكبيرة للولايات المتحدة الأمريكية من أساطيل بحرية وجوية وصواريخ متقدمة في منطقة الخليج مما يدلل على نيتها الى إجراء عمل عسكري واسع من ناحية ، أو من الناحية الأخرى تعنت وإصرار الجانب الإيراني على عدم الرضوخ للتهديدات الأمريكية ولشروطها وإستعدادها للمواجهة العسكرية في حال نشوبها . إذاً علينا أن نحلل بدقة وموضوعية ما ستؤول اليه الأحداث وما هي النتيجة المنطقية التي سيتمخض عنها هذا الصراع في نهاية الأمر .
بداية ، إن تحشيد الولايات المتحدة الأمريكية لقوتها العسكرية في منطقة الصراع بهذه الضخامة والتي شملت ما معلن عنه فقط من حاملة طائرات وسفن وأساطيل حربية مساندة وقاذفات وصواريخ متعددة وخدمات مساندة متقدمة مثل المستشفى العائم والمرافق للإسطول البحري كل ذلك ، مع التكاليف الضخمة ، بالتأكيد ليست للنزهة أو لإستعراض العضلات كما يتصورها البعض من الجهلة . فهي ، أي الإدارة الأمريكية ، بالتأكيد جادة تماماً بإستخدام هذه القوة لإجبار النظام الإيراني لتنفيذ الشروط التي وضعتها الإدارة الأمريكية عندما يتطلب الأمر ذلك . وهنا تظهر المشكلة الوحيدة أمام الإدارة الأمريكية التي تمنعها من توجيه أي ضربة عسكرية لإيران بدون تفويض دولي كما يجري في بعض حالات الصراعات والأحداث الدولية كإحتلال العراق للكويت على سبيل المثال ، أو في حالة الدفاع عن النفس في حالة قيام إيران أو أذرعها في المنطقة بأي عمل عسكري يستهدف مصالح الولايات المتحدة الأمريكية .
من جانب آخر ، إن إيران مدركة تماماً إنها الخاسر الأكبر في حالة المواجهات العسكرية لسبب بسيط جداً وهو عدم التكافؤ في الإمكانات والقدرات العسكرية والقتالية بينهما ، وقد تكون النتيجة سقوط النظام وهذا ما يخشاه أولاً وآخراً . ولذلك فإن خيار التفاوض وتجنب المواجهة العسكرية بأي شكل من الأشكال هو ما ترغبه فعلاً السلطة في إيران . أيضاً المشكلة الوحيدة التي تواجه إيران في هذا السياق هو إن التفاوض في المرحلة الحالية بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية سوف لن يكون في صالحها لأنها في أضعف حالاتها ولا تملك أي من أوراق الضغط في حالة الموافقة على التفاوض .
وفي ضوء ما جاء أعلاه فإن إيران ستحاول خلال هذه المرحلة كل جهدها أن لا تثير أي إحتكاك أو تصادم مباشر مع القوات الأمريكية ومصالحها مطلقاً لكي لا تعطي ذريعة للقوات الأمريكية بعمل عسكري إتجاهها ، وبذلك تعطي إنطباع للمجتمع الدولي بأنها لا ترغب بالحرب ولا تسعى إليها . ومن جانب آخر فإن إيران ضمن الظروف الحالية المعقدة بأمس الحاجة لإمتلاك عدد من أوراق الضغط لكي تستخدمها وتعزز موقفها عند التفاوض . فظروفها الحالية لا يساعدها في التفاوض إلا الرضوخ لكل الشروط المفروضة عليها . وعليه فإن إيران أمامها فقط طريق واحد وهو محاولة إطالة الوضع الحالي لأطول مدة زمنية ممكنة دون إحتكاك مباشر ، لأن إطالة المدة يزيد من أعباء التكاليف على الولايات المتحدة الأمريكية لإدامة وجود قوتها العسكرية الكبيرة في المنطقة من ناحية ، ومن ناحية ثانية ستقوم إيران من خلال أذرعها في المنطقة بأعمال ونشاطات عسكرية وتخريبية للمصالح والقوات الأمريكية دون أي إثبات عن تورط النظام الإيراني بهذه الأعمال . فستكون مثل هذه النشاطات مجهولة الهوية وهذا ما حدث فعلاً من عمليات تخريبية لبعض ناقلات النفط في ميناء الفجيرة ، وكذلك ما حدث من تفجير لبعض المنشئات النفطية في السعودية بطائرات ” درون ” ، وإطلاق قذيفة كاتيوشا على المنطقة الخضراء في بغداد . وعلى هذا الأساس ستلجأ إيران الى توجيه أذرعها بشكل سري للغاية دون إعطاء أي دليل أو إثبات الى القيام ببعض النشاطات العسكرية باستخدام الصواريخ وغيرها إتجاه المصالح الأمريكية خصوصاً في العراق ولبنان واليمن وسوريا ومناطق أخرى لديها نفوذ فيها . وستتم خلال المرحلة القصيرة التالية ، بالتأكيد ، عمليات إختطاف واسعة لمواطنين أجانب وخليجيين من قبل فئات ومجموعات مسلحة في تلك الدول تابعة الى إيران تساوم على حياتهم مما يعطي ورقة ضغط للجانب الإيراني على الجانب الأمريكي عند التفاوض . وهذا ما تسعى إيران الى تحقيقه في المرحلة القادمة . إذاً كل ما تحتاجه إيران هو بعض من أوراق الضغط لأغراض التفاوض لأنها غير قادرة على تحمل أعباء الحرب . وهنا على الولايات المتحدة الأمريكية أن تدرك ذلك .

أحدث المقالات