5 نوفمبر، 2024 1:27 م
Search
Close this search box.

موعد مع الحصار..مرة أخرى!

موعد مع الحصار..مرة أخرى!

أسوء ما يمكن أن يصيب الشعوب قبل أن يهتك حرمتها الموت بعنوان الحرب، هو أن يخنقها حصار، يعمل على تجويعها وإذلالها، فكعادته سيكون متطرفا طائفيا، لا يمس الطبقة الحاكمة، وكأنه ولد ليقضي على الشعب المنهكة حصرا!
عندما انتقل العراق من الحكم الملكي للجمهوري، دخل قليلا في أجواء الإعتدال السياسي، لكن سرعان ما جائت شعارات القومية العربية، للبعث الإشتراكي، لتفتك بعقلل الشعب الجمعي، وتقتل الجمهورية قبل أن ترى بصيص للنور، حينها جلست الدكتاتورية على قلب شعبنا، حتى كسرت كل أضلعه على مدار أربعة وثلاثين عاما.
عاش العراق فترة السبعينات ولإنشغال النظام بتثبيت قبضته، في أجواء من بحبوحة نسبية للعيش، قبل أن تجرفه قرارات الدكتاتورية، بأموال خليجية، إلى دخول حرب إيران، التي أستمرت لمدة ثمان سنوات، أودت بحياة ما يقارب المليون عراقي!!
مركبة السيول السماوية، حملت شهيداً من الفقد، مع قرصة العسكري، وساعته المتوقفة، وبضعة دنانير ماعادت تصلح لشراء رغيف خبز.. و قلمه الذي جف من طول الإنتظار و بقايا عظام.. هذه إحدى الروايات التي كتبها الوجع العراقي، على مدى أربعة وثلاثين عام من الحكم الدكتاتوري.
لم تبدأ إستراحة الإنتهاء من حرب الثمانينات، حتى دخلنا في معترك حصار التسعينات، الذي فرضته أمريكا على شعبنا المنكوب، فصار بعضنا يعرض حتى شبابيك منزله للبيع، من أجل أن يوفر قوته اليومي، و آخر هتك حرمة منزله الفقر، ولكن غيمة الحصار لم تمطر جوعاً و فقراً سوى على شعبنا، و مظلة الحكم كانت تحمي للطاغية وجلاوزته بقوة.
لاحت خيوط الشمس لعراقنا الحبيب، فتخلصنا من نظام القمع الظالم، و دخلنا عام 2003 في نظام الديمقراطية العرجاء، بقيادة معظمها من الهواة.. وكثير منهم لا يفقهون في السياسة سوى مبدأ السرقة، إلا أن الشعب إستعاد جزءا من عافيته، من حيث حرية الرأي و التعبير، و توفر الطعام و أنتهاء فترة الجوع الكافر، إلا أن هذا لايلبي طموحات وطن مليئ بالموارد والأموال.
سوء إدارة العملية السياسية، التي حطمت الزراعة والصناعة في بلدنا، جعلت من حدود الوطن مستوردة لا مصدرة، و أكثرت من البطالة بين صفوف الشباب، حتى أصبح العراق بين طبقتين، حاكمة ومحكومة، و بات لكل دول الجوار ذراع داخل وطننا، تحرك به جزءا من الساسة.. إلا ما رحم الباري.
بما أن قرار حكومتنا ليس عراقيا، فهو مازال يترنح بين مؤيد لقرار أمريكا ضد العقوبات الإيرانية، وما بين معارض لها، والكارثة بدأت تقترب من شعبنا مرة أخرى فهو بين نارين، إحداها أن يقطع العلاقة بينه وبين الجارة إيران، فيصيبه جفاف الإستيراد لأن غالبية إستيرادنا منها، و بين أن يعارض القرار الأمريكي، فيصبح على موعد مع الحصار.
رغم أستهانة البعض بعودة الحصار، و أستهتار غالبية الساسة في الإدارة الحكومية، إلا أن العودة باتت قريبة، خاصة بعد التصعيد بين الجانبين الأمريكي والإيراني، و المتضرر الأكبر هو الشعب.
إن أراد شعبنا الحياة فلابد أن يتغير.. ويفهم اللعبة جيدا، ويترك سلبيته فالتفرج لن يغير حاله.

أحدث المقالات

أحدث المقالات