قد يرى البعض أن المستشفيات الحكومية والعيادات الاستشارية التابعة لها إضافة للعيادات الشعبية يمكن أن تكون ملجأ الفقراء ومن لا يتمكن من دفع أجور العيادات والمستشفيات الخاصة وهذا صحيح إلى حد ما لكن حالات استغلال مرضى المستشفيات الحكومية ودفعهم من قبل الأطباء لتلقي العلاج وإجراء العمليات الجراحية بالأخص في مستشفياتهم الخاصة معروف أيضا وشائع ، يشجعهم في ذلك الإهمال الموجود في المستشفيات الحكومية من قبل كوادر التمريض والأطباء أنفسهم ! وكانت وزارة الصحة قد أقدمت بداية العام الحالي على فتح أقسام خاصة في المستشفيات الحكومية تابعة لدائرة العيادات الشعبية في الوزارة ، للحد من هذه الظاهرة . حيث يقوم نفس أطباء المستشفى بإجراء عمليات لمرضى المستشفى الذين يختارون دخول هذه الأقسام بعد دفع رسوم مناسبة. لكن هل أنهت هذه الأقسام جشع البعض من الأطباء وبعض الكوادر الطبية التي تدير المستشفيات الحكومية !
فالتعامل مع الطبيب حتى ولو كان من أقرب المقربين لك سيكون تماماً كالتعامل مع الدواء .. نبتعد عنه حين نكونُ أصحاء ونحتاجه جداً في أوقات المرض .. ولا أنكر ان الكثير من الأطباء بينهم الشعراء والأدباء والكتاب رغم ما تعرضوا له من تضحيات دفعت عدداً كبيراً من الأطباء العراقيين الى الهجرة الى شمال العراق أو الى بلدان عربية أو أجنبية .. العراقي وهذه ليست شهادتي بل شهادة المحافل والجامعات والمؤسسات والمنظمات الطبية العربية والأجنبية من أمهر الأطباء ولديه قدرة ومتابعة كبيرة في تحديد هوية بعض الأمراض وإعطاء العلاجات المناسبة لها بل أن الجراحين العراقيين يتفوقون على أمهر الجراحين الأجانب لذلك سارعت هذه الدول الى منحهم الجنسيات والمغريات وبالتالي فقدان العراق لأمهر الكفاءات الطبية منذ عقود .. فضلاً عن طموحهم الكبير في إكمال دراساتهم التخصصية ومتابعاتهم للندوات والمؤتمرات المحلية والدولية وشغفهم في التعلم والمتابعة .. ذلك الخط العلمي الطبي المشرف الذي يقدم خدماته الجليلة للفقراء والمرضى في أشد وأحلك الظروف وأقساها أصابه ترهلٌ كبير وإنتقالٌ مهنيٌ سلبي بعد أن بدأت الارستقراطية ومع الأسف الشديد تدق أبواب بعض الأطباء لتحولهم بلا سابق إنذار إلى سياسيين وتجار وأصحاب عمارات وأساطيل من السيارات ما سيُفقد مستقبلاً مهنة الطب في العراق بقايا تخصصها المهني والحِرفي فمن المؤسف جداً حين تسأل عن العمارة هذه أو قطع الأراضي تلك لمن عائديتها فتفاجأ بأنها ملكٌ لطبيبٍ !
أما العيادات والمشافي الخاصة فلستُ ممن يقفُ ضدها لكننا لو علمنا من يشترك مع الأطباء العراقيين في ملكيتها لأصاب البعض الذعر من مستقبل الطب في العراق لإشتراك البعض منهم مع تجار ومقاولين وأصحاب نفوذ تجاري ..
في هذه الظروف التي يمر بها أهل العراق وبعد أن أطبق الفقر والعوز عليهم لابد أن يكون للأدباء الدور الإنساني الكبير والمميز في تقديم الخدمات والعلاجات لهذه الشريحة بلا مقدمات أو جمع للأموال فالناس ننتظر منهم قلباً رحيماً ودواءً يخفف عنهم ما تعرضوا له من حصارٍ وإحتلال وقتل وتشريد ..
إنها دعوة لكل أطباء العراق أن يبدأوا ببناء مجدهم ونشر علمهم بين صفوف العراقيين الفقراء وليس بما يقوم البعض وأكرر البعض في بناء أبنية وعمارات ورفع مستمر لأسعار الكشوفات والعلاجات وهو أمرٌ يُسقط أصلاً دور نقابة الأطباء وأطباء الأسنان ولنا حديثٌ آخر عن كارثة الصيدليات في العراق
ولله ………… الآمر