منذ ان تأسست ( دولة اسرائيل ) و الصراع العربي الأسرائيلي لم يتوقف او يهدأ انما كانت هناك فترات من التهدئة تعقبها حرب او حروب تعقبها فترة من الهدؤ المتوتر و الحذر الا ان العلاقات اتسمت دائمآ بالعدائية و الريبة و عدم الثقة خاصة و ان اجيالآ عربية عديدة نشأت و تربت على مفهوم احقية العرب في ( فلسطين ) و ان الوافدين اليهود هم مغتصبي الأرض الفلسطينية و يجب اخراجهم منها سلمآ او حربآ و اعادتهم من حيث أتوا و ارجاع المهجرين و المهاجرين الفلسطينيين الى ديارهم و اراضيهم و اعادة ممتلكاتهم التي صادرها الأحتلال الأسرائيلي و نهبها المستوطنون اليهود القادمين من كل اصقاع الدنيا .
في الفترة الأولى من عمر الصراع العربي الأسرائيلي اندفعت الجيوش العربية صوب الأراضي الفلسطينية المحتلة فور اعلان ( دولة أسرائيل ) و استطاعت تلك الجيوش من تحقيق بعض الأنجازات و التقدم بعض الشيئ و تحرير قسم من الأراضي المحتلة لكن سرعان ما ظهرت المؤامرات و الأتفاقات السرية التي أدت الى هزيمة الجيوش العربية و أنكفائها بأتجاه بلدانها و ترك المحتل الأسرائيلي يقيم الأحتفالات و المهرجانات أيذانآ بقيام الدولة اليهودية المنشودة و التي سوف تصبح مستقبلآ كيانآ غريبآ غير مرغوب به في محيط يعلن العداء الواضح و الصريح لهذا الكيان الذي كان بحماية و رعاية الدول الكبرى .
حاولت ( أسرائيل ) و بمختلف الطرق السلمية و الحربية من اقناع المحيط العربي ان وجودها هو أمر واقع ويجب القبول به طوعآ او اجبارآ و اذا كان هذا الأمر قد لقي بعض التفهم من بعض الحكومات العربية الا انه اصطدم بمعارضة شديدة و عنيدة من قبل الشعوب العربية التي اصرت على عدائها المستميت للدولة اليهودية حتى اصبحت كلمة ( التطبيع ) و التي تعني العلاقة الطبيعية مع أسرائيل هي تهمة بحد ذاتها تلحق بأصحابها الكثير من العار و الأهانة و النظرة الدونية حتى صار اولئك الذين يدعون الى التطبيع مع أسرائيل منبوذين يعيشون في عزلة في مجتماعاتهم التي رفضتهم و لم تقبل بأطروحاتهم التي تدعو الى القبول بالدولة اليهودية كواقع حال و أمر قائم .
في ظل هذه الأجواء المشحونة بالعداء و التوثب تحدث و تندلع النزاعات و الحروب و هكذا كانت علاقة أسرائيل مع الجوار العربي شديدة العدائية و ما زاد من تشنج العلاقات و توترها اكثر هو التعاطف العالمي مع أسرائيل و الذي كان العرب يرون فيه اجحافآ مبالغ به بحقهم لصالح اسرائيل التي احسنت في صناعة الخبرفي تقديم العرب على انهم الهمج الرعاع الذين يريدون القاء ( اليهود المساكين ) الخارجين للتو من محرقة ( هتلر ) في البحر و التخلص منهم و قد ساعدت المآكنة الأعلامية العربية الساذجة و التي كانت ( تصدح ) ليلآ و نهارآ و تتوعد اليهود بالنهاية الحتمية و التي عليهم مواجهتها و رميهم في البحار و اغراقهم .
بعد كل تلك الحروب المتعددة و النزاعات العديدة بين الدول العربية و اسرائيل و التي استنزفت و قلصت قدرات و موارد الدول العربية الشحيحة اصلآ و بالأخص دول المواجهة و التي هي على تماس مباشر مع اسرائيل ( مصر و سوريا و الأردن ) و اصبح الصراع العربي الأسرائيلي عبئآ ثقيلآ على دول مثل ( مصر و الأردن ) و التي اضطرتا لعقد معاهدات سلام و عدم اعتداء مع اسرائيل و تبادلت فتح السفارات و السفراء في عواصم تلك الدولتين على الرغم من الرفض الشعبي الشديد من هذا التطبيع فيما اصرت ( سوريا ) على موقفها في رفض فكرة السلام مع اسرائيل دون حل جذري و عادل للقضية الفلسطينية و ما الحرب الأخيرة في ( سوريا ) الا واحدة من اوراق الضغط لأجبار الحكومة السورية على الجلوس الى طاولة المفاوضات مع أسرائيل . وصلت كل الأطراف المتنازعة و بعد سنين طويلة من الصراع الدموي المرير الى طريق مسدود و نفق مظلم و لم تكن اتفاقيات ( السلام ) مع بعض الدول العربية كافية و جذرية في احلال السلام في المنطقة خاصة و ان السياسة العدوانية التي تنتهجها حكومات ( أسرائيل ) المتعاقبة لم تتوقف او تضعف انما كانت في وتيرة متصاعدة من الأعتداءآت المتكررة على الشعب الفلسطيني و استهداف بناه الأقتصادية و حرمانه من تأمين مصادر عيشه اليومية و اما اصرار الشعب الفلسطيني على الصمود و المقاومة بوجه العنجهية الأسرائيلية جعل من كل تلك الأتفاقيات و المعاهدات التي وقعتها أسرائيل مع بعض الأطراف العربية غير مجدية و غير مفيدة و لم تجلب السلام المنشود الذي تطمح اليه الدولة العبرية اكثر من غيرها .
اذا كان لكل شعوب الأرض الحق في أقامة الدولة الوطنية المستقلة و اذا كان الشعب الفلسطيني من ضمن تلك الشعوب و التي يحق لها تأسيس دولتها الوطنية لا بل هو من اكثر الشعوب التي ضحت و قدمت القوافل من الشهداء و الجرحى و الخسائر المادية في طريق الأستقلال و أقامة الدولة الوطنية المستقلة و من اكثر الشعوب اصرارآ على نيل حريته المعمدة بالضحايا و الدماء و اذا تحققت لليهود دولتهم ( أسرائيل ) فالأجدى و الأحرى بأصحاب الأرض الأصليين ( الفلسطينيين ) ان تكون لهم دولتهم ايضآ و التي هم أحق بها من غيرهم من الشعوب خصوصآ تلك التي هاجرت و نزحت من بلدانها الأصلية و استوطنت في أراضي الغير وقد آن الآوان للعقل الحكيم ان يتدخل و خلاف الحل في الدولتين سوف تبقى حالة الحرب و العداء كامنة في النفوس و الضمائر و سوف تجد لها منفذآ و متنفسآ لا محالة و عندها تكون أبواب الجحيم قد فتحت على مصراعيها و على الجميع .