إيران وأميركا على صفيح ملتهب .. واشنطن تضرب في قطاع المعادن وطهران تستأنف إنتاج اليورانيوم !

إيران وأميركا على صفيح ملتهب .. واشنطن تضرب في قطاع المعادن وطهران تستأنف إنتاج اليورانيوم !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يبدو أن منطقة الشرق الأوسط أمامها صيف ساخن جدًا؛ بسبب ما يحدث بين “إيران” و”الولايات المتحدة الأميركية” من تصاعد للتوتر بين البلدين، فلا تزال إدارة الرئيس، “دونالد ترامب”، مستمرة في فرض العقوبات على “إيران” وحلفائها، وكان آخرها عقوبات على قطاع “التعدين” الإيراني.

ووقع “ترامب” مرسومًا تنفيذيًا، الأربعاء الماضي، يفرض عقوبات جديدة على “إيران” تطال صادراتها من “الألمنيوم” و”النحاس” و”الفولاذ”، كما تستهدف الأشخاص الذين هم على صلة بقطاعات “المعادن” الإيرانية.

وقال الرئيس الأميركي، في بيان، إن “الولايات المتحدة” تهدف إلى حرمان الحكومة الإيرانية من عائدات “المعادن”، التي يمكن استخدامها “لتمويل ودعم انتشار أسلحة الدمار الشامل والإرهاب؛ والتوسع العسكري العدواني في الشرق الأوسط”.

وبعد تصريحاته السابقة؛ قال “ترامب”، الخميس، إنه لا يستبعد مواجهة عسكرية مع “إيران”، داعيًا النظام هناك إلى الجلوس للتفاوض على “اتفاق نووي” جديد.

وأوضح “ترامب”، في تصريحات للصحافيين: “لا يمكن أن نستبعد وقوع مواجهة عسكرية مع إيران”.

وقال إن: على “القادة الإيرانيين الاتصال بي والجلوس للتحدث لإبرام اتفاق جيد؛ يساعدهم على الخروج من أزمتهم الاقتصادية”.

تخالف الأعراف الدولية..

ردًا على القرار الأميركي الجديد، قالت “وزارة الخارجية” الإيرانية، أمس الخميس، إن “العقوبات الأميركية” على “المعادن” الإيرانية “تخالف الأعراف الدولية”، محذرة من أن “واشنطن” ستتحمل المسؤولية عن خسائر “طهران”.

ونقلت وكالة (إرنا) المحلية، عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، “سيد عباس موسوي”، قوله إن: “هذا الإجراء يخالف الإلتزامات والأعراف الدولية.. وستكون الولايات المتحدة مسؤولة عن الخسائر التي تتكبدها البلاد”.

وأضاف إن: “الحظر الأحادي الأميركي لا يتفق مع المباديء، والمعايير الأساسية للعلاقات الدولية، وتحديدًا يتعارض مع التعهدات الدولية الناجمة عن مثياق الأمم المتحدة، وبيان الجزائر، واتفاقية المودة وقرار محكمة العدل الدولية”.

وأكد على أنه: “يجب مساءلة واشنطن قضائيًا على إنتهاكاتها للقوانين الدولية”.

تعليق بعض تعهدات “الاتفاق النووي”..

وعلى إثر ذلك؛ أعلنت “إيران” تعليق بعض تعهداتها بموجب “الاتفاق النووي”، وهددت بإجراءات إضافية، خلال 60 يومًا، في حال لم تطبق الدول الأخرى إلتزاماتها.

فقد أعلن “المجلس الأعلى للأمن القومي” الإيراني، أن “طهران” ألغت إلتزاماتها بشأن كميات (اليورانيوم)، والمياه الثقيلة، المنصوص عليها في “الاتفاق النووي”.

وأوضح بيان للمجلس؛ أن “إيران” مستعدة للتراجع وتطبيق إلتزاماتها الملغاة في حال تأمين مطالبها إزاء “الاتفاق النووي”، مضيفًا أنه في حال لم تنفذ أطراف الاتفاق تعهداتها المصرفية والنفطية فسوف تلغي “طهران” إلتزاماتها المتعلقة بمستوى تخصيب (اليورانيوم) والإجراءات المتعلقة بتطوير مفاعل (أراك) للماء الثقيل.

وكان الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، قد قال إن بلاده ستستأنف تخصيب (اليورانيوم) بمستوى مرتفع؛ إذا لم تفِ القوى العالمية بتعهداتها بمقتضى “الاتفاق النووي”، المبرم عام 2015، وذلك ردًا على انسحاب “الولايات المتحدة” من الاتفاق قبل عام، معطيًا مهلة ستين يومًا، إلى بقية الدول الموقعة على الاتفاق، لتنفيذ تعهداتها بحماية القطاع النفطي والمصرفي بـ”إيران” من “العقوبات الأميركية”.

رفض أوروبي..

وهو الأمر الذي أعلن “الاتحاد الأوروبي” و”فرنسا” و”ألمانيا” و”بريطانيا” رفضهم له، مؤكدين إلتزامهم بهذه الوثيقة.

وجاء في بيان صدر عن “المفوضة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية” ووزراء خارجية كل من “فرنسا وألمانيا وبريطانيا”، امس الخميس: “نشعر بقلق كبير من إعلان إيران، أمس، بشأن إلتزاماتها وفق خطة العمل المشتركة الشاملة”.

وأضاف البيان: “ندعو إيران بشكل مُلح لمواصلة تنفيذ إلتزاماتها وفق خطة العمل المشتركة الشاملة بشكل كامل؛ مثلما كان يعمله قبل الآن وتجنب أية خطوات قد تؤدي إلى التصعيد”… “نرفض أي مهلة وسوف نقيم إلتزام إيران بناءًا على أدائها فيما يتعلق بالإلتزامات في إطار خطة العمل المشتركة الشاملة ومعاهدة حظر الانتشار”، ودعا “المنظمة الدولية للطاقة الذرية” إلى مراقبة تطبيق “إيران” لإلتزاماتها في المجال النووي.

وتابع: “في الوقت ذاته نذكر أننا نتمسك بشكل ثابت بالاتفاق بما في ذلك ما يخص رفع العقوبات لصالح الشعب الإيراني. وبهذا الصدد نعبر عن أسفنا لإعادة فرض الولايات المتحدة لعقوباتها على إيران بعد انسحابها من الاتفاق النووي”.

ودعا، البيان، الدول غير الموقعة على الاتفاق مع “إيران”، للإمتناع عن أي إجراءات تعرقل إلتزام الأطراف المتبقية بالاتفاق.

عام كامل على خروج واشنطن من الاتفاق..

وأكتمل، الأربعاء الماضي، مرور عام كامل على إعلان الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، الانسحاب من “الاتفاق النووي”، الموقع عام 2015؛ بين “إيران” والدول الخمس دائمة العضوية بـ”مجلس الأمن”، (الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وفرنسا وبريطانيا) و”ألمانيا”.

وينص الاتفاق على إلتزام “طهران” بالتخلي، لمدة لا تقل عن 10 سنوات، عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي، وتقييده بشكل كبير، بهدف منعها من إمتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات عنها.

ومنذ الانسحاب الأميركي، ترفض “طهران” التفاوض على اتفاق جديد، خاصة في ظل إعلان بقية الأطراف مرارًا إلتزامها بالاتفاق.

وكانت “الولايات المتحدة” قد أعلنت، قبل أيام، إرسال حاملة طائرات وقاذفات (بي-52) إلى “الخليج العربي”، بسبب ما وصفته بأنه تهديد جديد من “طهران”.

وفي وقت سابق، قال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، “غوزيف دانفورد”، إن قرار إرسال حاملة الطائرات الأميركية (إبراهام لينكولن) إلى “الخليج العربي” جاء “لردع التهديد الإيراني في المنطقة”.

تخفض إلتزاماتها بشكل تدريجي..

تعليقًا على المهلة الإيرانية، قال المحلل السياسي، الدكتور “عماد أبشانس”، إن: “إيران تريد من دول الاتفاق النووي الإلتزام بتعهداتها بشكل عملي؛ بما في ذلك شراء النفط الإيراني وتحويل الأموال حسب الاتفاق، وإلا فإنها ستخفض إلتزاماتها بالاتفاق بشكل تدريجي”.

وأوضح “أبشانس” أن: “إيران مستمرة في تخصيب (اليورانيوم)، بنسبة 3.67%، بموجب الاتفاق النووي، لكن بموجب الاتفاق تعهدت طهران بالإحتفاظ بنسبة معينة من (اليورانيوم) والماء الثقيل وتبيع النسبة الأكبر إلى دول أخرى، إلا أن واشنطن منعت عمليًا الدول من شراء (اليوارنيوم) الإيراني المخصب والماء الثقيل، وإيران بدورها علقت بيع هذه المواد الإضافية”.

واعتبر “أبشانس” أن: “الحكومة الإيرانية انتظرت طويلًا في القيام بهذه الخطوة، وكان يتعين القيام بها منذ عام بمجرد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق، لكنها تريثت بسبب تعهد باقي الدول، وهي الآن تتهرب من وعودها وقد منحتها إيران مهلة شهرين للتنفيذ”.

بداية الردود الإيرانية..

ويرى المحلل السياسي الإيراني، “هادي محمدي”: “إن القرار الذي إتخذه الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بإيقاف العمل ببعض بنود الاتفاق النووي مع إيران، هو بداية الردود الإيرانية بالتدريج، أي خطوة بعد خطوة، تجاه الدول الموقعة على الاتفاق (5+1)، بعد أن خرج ترامب من الاتفاق”.

وأضاف “هادي محمدي”، لا شك أن “الولايات المتحدة” تضغط على الدول الأوروبية حتى لا تلتزم بتعهداتها تجاه التوافق النووي، ونحن لا ننتظر أي إنفراج في المواقف الأميركية، “ترامب” يريد أن يتوصل إلى اتفاقات جديدة لتنفيذ مصالح جديدة من إتجاه واحد، لذلك هو يتابع في الضغط الاقتصادي والعقوبات حتى يصل إلى التركيع والحصول على الإمتيازات من “إيران”، لكن هذا لن يحصل، لأنه هناك قرار في “إيران” على جميع المستويات السياسية والأمنية، أنه يجب أن نتصدى لسياسات الغطرسة الأميركية.

ستؤثر بقوة على الاقتصاد الإيراني..

وعن العقوبات الجديدة، يقول المحلل السياسي بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، “سعيد قاسمي نجاد”، أنه من المتوقع لها أن تؤثر بقوة على الاقتصاد الإيراني، إذ تستهدف حرمان “نظام طهران” من الحصول على 5.5 مليار دولار سنويًا من صادرات “الحديد”.

وأشار الخبير في الشأن الإيراني، في تغريدته، إلى أن: “13 في المئة من صادرات البلاد، غير النفطية، تأتي من صادرات الحديد، وأن البرنامج النووي والصاروخي الإيراني يستخدم بعض إنتاج البلاد من الحديد والفولاذ”.

وأضاف “نجاد”؛ أن هناك قطاعات أخرى تعتمد على “صناعة الحديد” الإيرانية، مثل “قطاع البناء”، و”السيارات”، التي توفر دخلًا وفرص عمل.

مقدمة لحظر صادرات “البتروكيماويات”..

من جانبه؛ أوضح الباحث في الشأن الإيراني، “أحمد محمد فاروق”، إن قرار الإدارة الأميركية “يستهدف بالدرجة الأولى القطاعات التي تُدر دخلًا، سواء للحكومة أو للحرس الثوري، ويبدو أنها مقدمة لحظر صادرات البتروكيماويات الإيرانية التي تمثل مصدرًا ضخمًا للعوائد الإيرانية”.

ويضيف أن: “قطاعا التعدين والبتروكيماويات؛ يعتبران من أهم القطاعات، بعد النفط، الذي ألغت الولايات المتحدة تمديد الإعفاءات الممنوحة للدول الثماني الرئيسة التي تستورده من إيران”.

وأوضح الباحث في الشأن الإيراني، أن قرار “ترامب” الأخير بفرض العقوبات على صادرات التعدين الإيرانية “يستهدف حرمان إيران من خمسة في المئة من إجمالي عوائد إيران من العملة الأجنبية”.

أهمية قطاع “الحديد” لإيران..

وبحسب “منظمة التجارة والتنمية” الإيرانية، فإن صادرات “إيران” من “الحديد” و”الفولاذ” وصلت، العام الماضي، إلى 3.9 مليار دولار، بينما وصلت صادرات “النحاس” إلى 700 مليون دولار، وصادرات “خام الحديد” إلى 840 مليون دولار.

وذكر تقرير “وزارة الصناعة” الإيرانية، إن إنتاج “إيران” من “النحاس”، سنويًا، يصل إلى 143 مليون طن، فيما يصل إنتاج “الحديد” إلى أكثر من 35 مليون طن.

وارتفع إنتاج “إيران” من “الفولاذ” بنسبة 18 في المئة، في عام 2017، ووصل مقدار الإنتاج إلى 25 مليون طن، ولدى “إيران” خطط لتطوير قطاع إنتاج وتصدير “الفولاذ”، بحسب موقع (راديو فردا).

أما موقع (إيران واير)، فيقول إن صادرات “إيران”، من “الحديد”؛ بلغت نحو 10 في المئة، أي أنها ستخسر، في حال تطبيق العقوبات، نحو 9.5 مليار دولار من إجمالي 44.3 مليار دولار، هي أرباح صادرات “إيران” غير النفطية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة