23 ديسمبر، 2024 5:13 م

غرفة عمليات وزارة الداخلية هي لامتصاص غضب العراقيين

غرفة عمليات وزارة الداخلية هي لامتصاص غضب العراقيين

في بيان لوزارة الداخلية العراقية نقله مكتبها الإعلامي وتناقلته وسائل الإعلام المختلفة , إنها أقامت وبتوجيه من رئيس الوزراء نوري المالكي , دعوى قضائية ضد الشركات والأشخاص المتورطين في قضية الأجهزة المزعومة لكشف المتفجرات , مشيرة إلى تشكيل غرفة عمليات لمتابعة الملف مع القضاء بأمر الوكيل الأقدم للوزارة , وأوضحت الوزارة أنها استحصلت اصدار أوامر بالقبض على عدد منهم من قبل محكمة التحقيق , ومن بينهم المدان البريطاني جيمس مكاروميك , مؤكدة إنها ماضية في اجراءاتها القانونية , استمرارا للتحقيقات التي قامت بها وأدّت إلى الحكم على عدد من المتورطين في هذه القضية أمام القضاء العراقي . هذا هو ملخص ما جاء في بيان وزارة الداخلية العراقية , وأود أن اسجل ملاحظاتي على فحوى هذا البيان كموقف للتاريخ .

أولا / إنّ توجيه رئيس الوزراء في إقامة هذه الدعوى لا قيمة له إطلاقا ويندرج تحت عنوان امتصاص غضب الناس , ولو كان السيد رئيس الوزراء حريصا فعلا على دماء العراقيين وأرواحهم , لسارع منذ البداية ومع أول تقرير نشر في وسائل الإعلام عن كفاءة هذا الجهاز وفاعليته , وأمر بتشكيل لجنة تحقيقية محايدة وأوقف العمل بهذا الجهاز لحين التأكد من صلاحيته .

ثانيا / إنّ توجيه الأوامر لطاقم وزارة الداخلية الحالي والمتهم أصلا بهذه الفضيحة , بتشكيل غرفة للعمليات لمتابعة تطورات هذه القضية مع القضاء العراقي , هو استهتار وإمعان في الضحك على عقول العراقيين وتجاوز على دماء الضحايا الأبرياء ااذين لقوا حتفهم بسبب هذا الجهاز الأكذوبة .

ثالثا / إنّ رئيس الوزراء سبق له أن شكّل لجنة في كانون الثاني عام 2010 تضم ممثلين عن وزارتي الدفاع والداخلية وجهازي المخابرات ومكافحة المتفجرات , بعد انفضاح أمر هذا الجهاز الأكذوبة واشتداد العمليات الإرهابية داخل العاصمة بغداد وسقوط المئات من الضحايا الابرياء , وأوعد بنشر نتائج هذه التحقيقات بعد أيام قليلة , لكنّ نتائج هذه التحقيقات لم تنشر حتى هذه اللحظة , فأين ذهبت نتائج هذه التحقيقات ؟ وما هي نتيجتها ؟ أليس من الأولى نشر نتائج هذه التحقيقات أولا على الشعب العراقي ليعرف من هي الجهات المتورطة في هذه الكارثة ؟ وماهي التوصيات التي توّصلت إليها هذه اللجنة ؟ وما هو تعليق رئيس الوزراء ووزير الداخلية على هذه التوصيات ؟ .

رابعا / ماذا يعني تشكيل غرفة للعمليات داخل وزارة الداخلية ؟ أليس طاقم هذه الوزارة هو من زكّى هذا الجهاز وقام ياستيراده ؟ فكيف يصح تشكيل لجنة أفرادها هم أصلا متهمون بهذه الجريمة المروعة ؟ وهل تستطيع هذه اللجنة أن تكشف للشعب العراقي دور وزير الداخلية السابق ووكيليه للشؤون الفنية والإدارية والمفتش العام في هذه الوزارة ؟ .

خامسا / والأمر الأخير المثير للسخرية هو بأصدار أوامر قبض بحق شخص غير عراقي ومحكوم عليه بالسجن عشرة سنوات ومودع في سجن في بريطانيا , وأشخاص وسطاء متورطين لا احد منهم موجود داخل العراق , فإذا كان بالإمكان جلبهم ومحاكمتهم على جريمتهم , فلماذا لا يجلب غيرهم من العراقيين الهاربين خارج العراق والمحكومين بجرائم الإرهاب وسرقة المال العام ؟ .

إنّ توجيهات رئيس الوزراء هي لامتصاص غضب العراقيين من هذه الجريمة المروعة وخطوة نحو تسويف هذه الجريمة من خلال تشكيل هذه اللجان , وإذا كان السيد رئيس الوزراء حريصا فعلا على دماء العراقيين وأرواح الضحايا الأبرياء الذين لقوا حتفهم , فعليه أن يقوم بعزل كل طاقم وزارة الداخلية الفاشل والمتهم بهذه القضية , وتعين طاقم جديد لإدارة الوزارة بعيدا عن شبهات هذه الجريمة , والمنطق السليم يوجب على رئيس الوزراء القيام بهذا الأمر بحكم مسؤولياته القانونية والأخلاقية في الحفاظ على أرواح الناس وممتلكاتهم وأعراضهم , وليس من خلال لجان التسويف .