23 ديسمبر، 2024 10:12 م

الإرهاب في العراق .. الأسباب والى متى؟

الإرهاب في العراق .. الأسباب والى متى؟

قبل الدخول في لُب الموضوع، أود الاشارة الى ماكنت قد كتبت مسبقاً من مقالات حول شراسة الإرهاب والحلول العملية لتجفيف منابعه وإضعاف هياكله، لذا يأتي الطرح في هذا المقال إستكمالا لما تم طرحه سلفاً، وهي أيضاً، حلقة من حلقات سلسلة فكرية نحاول من خلالها تسليط الضوء على العوامل المساعدة في ادامة الواقع الدموي الذي يتسبب به وجود المجاميع الارهابية على أرض العراق.

بالإضافة الى ماذكرنا فيما سبق من أسباب، فقد ألقى الحراك الجماهيري الأخير في مدن شمال بغداد بظلاله على الأمن الوطني العراقي، وقد وفرّت ساحات التظاهر والإعتصام ملاذات آمنة جديدة للمجاميع الإرهابية والخارجين عن القانون وأفراد “الدولة الاسلامية في العراق والشام (المزعومة)”، حيث باتت هذه الساحات مناطق جذب للإرهابيين من جميع دول المنطقة، بل وحاملي الجنسيات الأجنبية أيضاً، خاصة بعد تراجع أدوارهم في سورية التي دمّروا البنية التحتية فيها، ومع رؤوس الأموال الخليجية الآخذة في عبور الحدود العراقية نحو ساحات الاعتصام لكسب المزيد من المرتزقة ممن لادين لهم لنشر الرعب والقتل وتعطيل التنمية والبناء في العراق.

كما أن للخطاب السياسي الذي تتداوله بعض القوى المحسوبة على النظام الديمقراطي في العراق الجديد، قد أطال هو الآخر في عمر الإرهاب وأسهم في زيادة أنشطة الإرهابيين فالقائمة العراقية إذا ما إستثنينا الأطراف السياسية من حملة الحس الوطني التي نأت بنفسها عن هذه القائمة، فقد تمادى قادتها من شاكلة الإرهابي الهارب طارق الهاشمي وكذلك (علاوي والنجيفي) ووجوهها البارزة مثل العيساوي والعلواني، تمادوا في التنصل عن مسؤولياتهم عند كل إخفاق أو انتكاسة أمنية بالاكتفاء في الهروب الى الأمام والقاء اللوم على الحكومة العراقية والقوى الأمنية (زورا وبهتانا) دون الإلتفات الى الخدمات الجليلة التي يقدمّها هؤلاء القادة الى أكلة لحوم البشر (وكما أشرنا الى بالتفصيل في مقالات سابقة)، والهادفة الى عرقلة الخطوات الجادة التي تتخذها الحكومة العراقية بحق الإرهاب والإرهابيين، الأمر الذي يعكس عمق العلاقة بين البعث وهذه الوجوه الكالحة التي تدّعي تمثيل (سُنة العراق) والسُنة منهم براء.. وكما فعل أحمد العلواني الذي حرر يوم أمس بيانا طويلا عريضا من بيته ليرسله الى وسائل الإعلام، ينطوي على خيارين فقط إحدهما (خيار المواجهة المسلحة مع الحكومة العراقية)، وذلك تهديد علني وصريح من نائب في البرلمان العراقي يسعى الى جر الأعمال الارهابية الجارية في سوريا اليوم الى الساحة العراقية.

وفي الإتجاه الآخر، يُعد الخطاب الديني الموجّه من قبل علماء التكفير ومشايخ الارهاب بمثابة الغطاء الشرعي للأفعال الشيطانية التي تقوم بها المرتزقة، وبمنزلة جوازات السفر الممهورة بسمات الدخول الى جهنّم، فقد وصف الله تعالى أمثالهم بقوله: (وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ..الزمر 24)،  خاصة مع السعي الحثيث من قبل هؤلاء لتجميل وتزيين أفعال القتل والتفجير والتدمير في فتاواهم الموجهة نحو المراهقين والعاطلين عن العمل ليقلدوهم الأحزمة الناسفة ويدخلوهم النار في الدنيا، وهم بالآخرة هم فيها خالدون.

ولم يقتصر الحال كما كان سائدا من قبل، فقد بدأت لعبة التطرف تستهوي الكثير من علماء الدين ممن كانوا والى أوقات قريبة مضت يُصّنفون على جبهة العقلانية والإعتدال، وكما هو الحال مع ماقام به عبد الملك السعدي الذي أبدى تأييدا مفتوحا للميليشيات العشائرية المسلّحة التي شكلّتها بعض الشخصيات الخارجة عن القانون.

 أما الصنف الثالث من علماء السوء الذين وكما وصفهم الرسول الأكرم (ص)” الساكت عن الحق شيطان أخرس”..  وهم أولئك الساكتون عن الحق ولاينطقون بكلمة تجاه ما يحصل خشية على مصالحهم ومنافعهم، فلا يؤيدون حقا ولا يشجبون باطلاً وكأن أنهار الدماء الجارية في العراق والمنطقة لاتعنيهم من قريب أو بعيد.. وهذا النسق التخاذلي من رجال الدين هو الآخر إبتكارا أمويا ساهم معاوية وابنه يزيد (عليهما اللعنة) في ايجاده، عندما أصبح هناك من يقول دون تردد أو خجل “الصلاةُ خلفَ عليًّ أتمْ والطعامُ مع معاويةِ أدسمْ والجلوس فوق التلّ أسلمْ”.

ختاما، أود الإشارة ومن خلال متابعتنا للقنوات الداعمة للإرهاب إستنتجنا الى أن مايحدث من حرائق هائلة في المناطق التجارية بين الحين والآخر مثل (أسواق جميلة/ أسواق الشورجة وأخرى) ليست ناشئة عن تماس كهربائي كما هو الإعتقاد السائد بل وما يعلن عنه في وسائل الإعلام، أنما الحقيقة هو فعل إرهابي شيطاني مدروس لسحق الإقتصاد العراقي وخلق فجوة عميقة من عدم الثقة بين الحكومة والتجار العراقيين، ومثل هذا الأمر لن يتوقف مالم تتخذ اجراءات ميدانية كفيلة بحماية الاقتصاد العراقي ومصالح المواطنين.

  مع أن محاولات الإرهابيين والبعث الصدّامي لإستعادة سلطانه في العراق، لاتعدو عن كونها (عَشَم ابْلِيْسَ فِى الْجَنَّة)، ألا أن التراخي معهم وعدم ضربهم بيد من حديد يمنحهم المزيد من الفرص لمحاربة الأبرياء بأرزاقهم وأعناقهم من خلال الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة وإضرام الحرائق الكبرى.