الأزمة بين المنامة وبغداد .. أشعلها “الصدر” والمستفيد إيران !

الأزمة بين المنامة وبغداد .. أشعلها “الصدر” والمستفيد إيران !

خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :

لاحت أزمة دبلوماسية، خلال الأيام الماضية، بين “العراق” و”البحرين”، وتصاعد التوتر إلى حد غير مسبوق، بعد بيان طالب فيه الزعيم العراقي الشيعي، “مقتدى الصدر”، برحيل حكام “البحرين” و”سوريا” و”اليمن”.

فهل ستتفاقم الأزمة، خلال الأيام المقبلة، أم أن المسؤولين في البلدين سيتحلون بالحكمة لتهدئة الأوضاع ؟.

سبب الأزمة..

بدأ اشتعال الأزمة عندما أصدر، “مقتدى الصدر”، يوم السبت الماضي، بيانًا طالب فيه بعدم زج “العراق” في الصراع المستمر بين “إيران” من جهة، وما سمّاه “الاتحاد الثنائي” المؤلف من الرئيس الأميركي، “دونالد ترمب”، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتناياهو”، من جهة أخرى.

وقدم “الصدر” 10 مقترحات منها انسحاب الفصائل العراقية المسلحة المنتمية لـ”الحشد الشعبي”، وغيرهم، من “سوريا”، وإغلاق السفارة الأميركية في “العراق” وإيقاف الحرب في “اليمن” و”البحرين” و”سوريا”؛ وتنحي حكامها فورًا والعمل على تدخل “الأمم المتحدة” للإسراع في “استتباب الأمن فيها والتحضير لانتخابات نزيهة بعيدة عن تدخلات الدول أجمع وحمايتها من الإرهاب الداعشي وغيره”.

دوافع الأزمة..

جدير بالذكر؛ أن “مقتدى الصدر” قد أصدر بيانه المثير للجدل بعد يومين من نشر “السفارة الأميركية” في “بغداد”، الخميس، على صفحتها الرسمية على (فيس بوك)، تصريحات هاجمت فيها بشدة مرشد “الجمهورية الإسلامية” في إيران، آية الله “علي خامنئي”، وزعمت أن ثروته وممتلكاته الشخصية تُقدّر بـ 200 مليار دولار، بينما يرزح كثير من أبناء الشعب تحت وطأة الفقر.

بدورها؛ استنكرت “بغداد”، التصريحات الأميركية، وأفادت “الخارجية العراقية” بأن وكيلها الأقدم، “نزار الخيرالله”، سلّم مذكرة احتجاج إلى القائم بالأعمال الأميركي، “جوي هود”، بعد استدعائه على إثر التصريحات التي نشرتها “السفارة الأميركية”، والتي تجاوزت فيها الأعراف الدبلوماسية.

وقالت “بغداد” إن تلك التصريحات تجاوزت القواعد التي تحكم عمل البعثات في الدول المُضيفة، فضلاً عن معارضتها للسياسة الخارجية العراقية، التي ترفض أن يكون “العراق” ممرًا أو مُنطلقًا لاستهداف الدول الأخرى.

البحرين تندد ببيان “الصدر”..

بعد مطالبة “الصدر” بتنحي حكام “البحرين”؛ غضب المسؤولون في “المنامة” التي سارعت خارجيتها بإصدار بيان قالت فيه إن الوزارة أبلغت “القائم بالأعمال العراقي استنكار مملكة البحرين واحتجاجها الشديدين على البيان الصادر عن، مقتدى الصدر”، حيث شن وزير الخارجية البحريني، “خالد بن أحمد آل خليفة”، هجومًا على القيادي العراقي الشيعي، الذي قال إنه “يُبدي قلقه من تزايد التدخلات في الشأن العراقي. وبدلاً من أن يضع إصبعه على جرح العراق بتوجيه كلامه إلى النظام الإيراني الذي يسيطر على بلده، اختار طريق السلامة ووجّه كلامه إلى البحرين. أعان الله العراق عليه وعلى أمثاله من الحمقى المتسلطين”.

كما دعت رئيسة مجلس النواب في البحرين، “فوزية بنت عبدالله زينل”، إلى “محاسبة الأصوات العراقية المسيئة لعلاقات البحرين مع جمهورية العراق الشقيقة، وضرورة قيام السلطات العراقية بعدم السماح لقيام البعض بتعكير صفو العلاقات المشتركة، وإثارة الفتنة، وتهديد الأمن والسلم”. وأكدت على أنّ “البيان المسيء، الصادر من زعيم التيار الصدري، الّذي يعدّ إساءة مرفوضة للبحرين وقيادتها، يمثّل خرقًا واضحًا للمواثيق ومباديء القانون الدولي، وتصرّفًا غير مسؤول”، لافتةً إلى أنّ “أي إساءة ضدّ البحرين وقيادتها وشعبها، أمر غير مقبول ومرفوض تمامًا، مهما كانت مكانة ورمزية الشخص الصادرة عنه البيانات والتصريحات المسيئة”.

بغداد ترد رسميًا..

على الفور أعربت “وزارة الخارجية العراقية”، السبت الماضي، عن شجبها لتصريحات وزير الخارجية البحريني وعدّت ما قاله لا يمثّل فقط إساءة لـ”مقتدى الصدر”؛ وإنما أيضًا “للعراق وسيادته واستقلاله، خصوصًا عندما يتكلم الوزير البحريني عن خضوع العراق لسيطرة الجارة إيران”.

وطالبت “الخارجية العراقية”، في بيان رسمي، دولة “البحرين”، بتقديم إعتذار رسمي عمّا بدر عن وزير خارجيتها بحق العراق “الذي تتعدَّد فيه الرؤى، وتتسع فيه حرية التعبير للرموز والشخصيات والقوى السياسية ولجميع المواطنين”.

بالإضافة إلى ذلك، صرّحت الخارجية العراقية، في بيان صدر عنها الأحد، بأن “وكيل الوزارة الأقدم، نزار الخيرالله، سلّم مذكرة احتجاج للسفير البحريني في بغداد، صلاح المالكي، بعد استدعائه”.

ودعا “الخيرالله” إلى “عدم المساس بسيادة العراق.. ومُراعاة اللغة الدبلوماسية في التصريحات الرسمية”، وشدد على أن “العراق” بلد يكفل التعبير وتعدُّد الرؤى والمواقف السياسية.

السعودية ترفض الإساءة للبحرين..

عبرت “وزارة الخارجية السعودية”، أمس الاثنين، عن رفضها لما أسمته “التدخل في الشؤون الداخلية للبحرين”، ردًا على مقترح “مقتدى الصدر” بتنحي “حكام البحرين وسوريا واليمن فورًا”، والذي أثار أزمة دبلوماسية بين البلدين.

وقال مسؤول في “وزارة الخارجية السعودية” إن بلاده ترفض التدخل في الشؤون الداخلية لـ”البحرين”، وكل ما من شأنه المساس بسيادتها وأمنها واستقرارها.

وقال المسؤول إن: “الرياض تُعبر عن تطلعها إلى علاقة متينة بين البحرين والعراق؛ يسودها الاحترام المتبادل وبما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي”.

الإمارات تتابع بقلق !

كانت “الخارجية الإماراتية” قد أصدرت بدورها بيانًا حول الأزمة بين “المنامة” و”بغداد”، قالت فيه إنها “تتابع باهتمام كبير وقلق بالغ البيانات والتصريحات الواردة من الجمهورية العراقية الشقيقة تجاه مملكة البحرين الشقيقة وقيادتها”، مشددة على أن “عدم تدارك ما يسيء إلى العلاقات بين الأشقاء لن يؤدي إلا إلى اتساع الفجوة وزيادة التوتر”، مشيرًة إلى أن الدول العربية أحوج ما تكون إلى “التعاون والتواصل واحترام السيادة الوطنية ومبدأ عدم التدخل بالشأن الداخلي”.

“حزب الله” يهاجم البحرين !

دخل “حزب الله” اللبناني على خط الأزمة الدبلوماسية بين “المنامة” و”بغداد”، منددًا بتصريحات وزير الخارجية البحريني، “خالد بن أحمد آل خليفة”، حول زعيم التيار الصدري في العراق، “مقتدى الصدر”.

وشدد “حزب الله”، في بيان أصدره أمس الاثنين، على أن وزير الخارجية البحريني أساء في تصريحاته إلى “رمز كبير من رموز الشعب العراقي”، واصفًا ما جاء على لسان، “آل خليفة”، بأنه: “تصريح مدان ومستنكر ومرفوض وغير أخلاقي، وهو تصريح يعبّر فقط عن الشخصية السفيهة والتافهة”، حسب بيان الحزب.

واتهم الحزب، الحكومة البحرينية، بممارسة “الإجرام والظلم والقهر” بحق شعبها، محملًا “آل خليفة”، شخصيًا، المسؤولية عن التورط في تلك “الجرائم” المزعومة.

احتمالات تطور الأزمة..

استبعد مستشار رئيس البرلمان العراقي السابق،”أحمد رشدي”، احتمالية تطور الأزمة إلى أبعد مما حدث، وقال إن: “الأزمة ليست حقيقية، وقد تكون شخصية أكثر منها سياسية”.

مضيفًا أن: “وزارة الخارجية العراقية بعثت برسائل واضحة بأن العلاقة مع الدول الخليجية مستقرة وثابتة ولن يُتنازل عنها بشكل أو بآخر”، ورجّح أن تلعب “المملكة العربية السعودية” دورًا في خفض التوتر بين “المنامة” و”بغداد”، نظرًا إلى العلاقات الجيدة التي تربط “الرياض” بالطرفين في الفترة الحالية.

إيران استغلت الأزمة..

فيما أكد سياسيون عراقيون أن “إيران تستغل الأزمة الدبلوماسية بين العراق والبحرين على خلفية تصريحات زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، لتعزيز رؤيتها فيما يتعلق بتقارب العراق مع محيطه العربي”.

واعتبر باحثون في الشأن العراقي أن: “توقيت تصريحات الصدر تسبب إحراج العراق الذي يبذل جهودًا لترميم علاقاته مع عدد من الدول ومنها البحرين”، كما دعوه إلى “الإلتفات لمشاكل العراق الكثيرة، وعدم تأجيج التوتر في المنطقة لأن العراق هو المتضرر الوحيد من هذا التوتر”.

وقال الباحث في الشأن السياسي، “صالح سالم”، إن: “إيران استغلت الأزمة الدبلوماسية بين العراق والبحرين لتعزيز رؤيتها فيما يتعلق بتقارب العراق مع محيطه العربي”.

وأضاف أن: “هدف إيران هو بقاء العراق بعيدًا عن محيطه العربي وأن خطوات تقارب العراق مع محيطه العربي بدأت تشكل قلقًا كبيرًا لدى إيران، خاصة بعد فتح باب الاستثمار والتجارة بين العراق والسعودية”.

وقال الناشط المدني، “منصور الطائي”، إن: “الصدر معروف في الأوساط العراقية بتصريحاته المثيرة للجدل وتدخله في شؤون دول الجوار؛ إذ إنه أكثر من مرة غرّد بشأن السعودية والحرب في اليمن على الحوثيين، ولكن كان الرد من المملكة تجاهل تلك التصريحات والتغافل عنها، خاصة وأنه لا يمثل الدولة العراقية وليس له منصب رسمي”.

وأضاف أن: “الناظر لحركة الخطابات التي ظهرت فإن أغلبها من القوى المؤيدة لإيران مثل تحالف الفتح الذي يتشكل من فصائل الحشد الشعبي فقط، حتى القوى الشيعية تفهّمت موقف البحرين في الدفاع عن سيادتها”.

وأوضح أن: “ما عقّد المشهد بين البلدين هو دخول جهات سياسية موالية لإيران على خط التصريحات واستغلالها الواقعة لتأجيج الرأي العام العراقي، ضد الانفتاح على البلدان العربية، وتحسين العلاقات معها لأن ذلك يأتي في سياق إستراتيجية طهران التي تسعى على الدوام إلى إبقاء بغداد تحت هيمنتها والتصدي لأي محاولة يستقل بها القرار العراقي عن طهران”.

وتابع: “يجب ألا ننسى أن البحرين من أوائل الدول العربية التي أعادت التمثيل الدبلوماسي مع بغداد على عكس بقية الدول العربية، وكان بالإمكان إنهاء المسألة بشكل طبيعي أو تقديم إيضاح عبر القنوات الدبلوماسية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة