تموت الديانات بموت الأنبياء. حماقة تستهويني فأكررها.
بعد موت النبي يفتح التجار ورجال الأعمال مصانعهم لإنتاج الأحاديث المعلبة، والروايات المتبلة، والأحداث التي لم تقع يوما من أجل تدعيم الدين، أو المذهب الذي إختلقوه ليتناسب مع أطماعهم ونوايا البقاء والسلطة والنفوذ والتحكم بالعوام السذج كالعادة فيكسبون الأموال وتتوفر لهم مساحة من الخيال يلبسونها ثوب القداسة فيتحول كل شيء عندهم الى إلهام رباني مقنع لايمكن الشك فيه ولو بمقدار ذرة.
يجد الإنسان نفسه يكابد في الحياة، ويكدح، ويبحث عن فرصة، وعن سمعة، وعن نفوذ، وعن عمل، وعن طموح كبير، وعن مال لايتوفر لغيره يملأ جيوبه، أو خزائنه فيكون سيدا مطاعا مهابا، ومن لم تتوفر له كمية من الحظوظ يظل في حيرة يلعن حظه العاثر، ويتمرغ في تراب ووحل أحزانه، ويشعر بوقع الخسران المبين.
من لم تكن له عصابة، أو من لم تتوفر له فرصة الوجود في عصابة ليحتمي بها، وليرهب سواه، وليكسب مالا وجاها يكون في خسارة دائمة، فهناك العشيرة، وهناك الحزب، وهناك الطائفة والدين، وهناك الأتباع والمقربون والشركاء الذين يساندون ويعاضدون ويمكنون من له الحظ ليتقوى بهم، ويتربع على عرش لم يكن يحلم به يوما، وهي فرص لايتساوى بها الجميع، يفتقدها البعض، ويمل منها آخرون، وفي النهاية هي أرزاق يهبها الله لمن يشاء، ولكن الناس لايؤمنون بالأرزاق ومايقسمه لهم الخلاق، فيبحثون عن قوة دنيوية، ويستغلون كل شيء في سبيل تلك القوة من مال وجاه وعشيرة وطائفة ودين ليحكموا الناس، ويستعبدونهم ويذلونهم.
فكر قليلا ستجد أنك فرد في عصابة، فربما إضطرتك الظروف لتستقوي بجماعة دينية وطائفية، وقد تجد إن عشيرتك الأقربين يتجمعون من حولك ويرغمونك أن تكون منهم ومثلهم، وربما تكون أسيرا للعقل الجمعي الذي يحكم سلوك القوم وتوجهاتهم وتصرفاتهم، وكم من أمر إدلهم عليك فلاتجد مناصا من الإستقواء بحزب، ولقد قالوا: وهكذا علمونا، وحين لم نستجب لهم خسرنا: إن المناصب لاتتأتى إلا لمن إنتسب لحزب وطائفة، فيكون توزيع المناصب عن طريق الجماعات الحزبية النافذة، ولهذا فحتى الذين من صنف الحمير حين إنتموا لأحزاب حصلوا على مناصب، بينما من لم ينتم فقد خسر كل شيء، أو خسرا حظوظه في الحصول على مايريد، أو أن يأخذ نصيبه الذي يستحق.