ما قام به النظام السعودي من جريمة بشعة وهو يذبح ما يقارب الاربعين مواطنا سعوديا ليس لهم ذنب سوى انهم من عقيدة ومذهب اخر ليضع بينهم ما يقارب الستة عناصر من إرهابيي داعش حتى يقول للعالم انهم مجموعة من الإرهابيين في خطوة لا تخلو من التأجيج وضرب المعادلات السياسية في المنطقة المتأزمة أساسا وتغلي فيها لهوات الحروب بسبب غطرسة وتجبّر اميركا ومن يقودها ترامب الى فتح نار جهنم لتحرق الأخضر واليابس وهو ما تغذيه دول في المنطقة طبعا الى جانب اسرائيل وقذارتها الأيديولوجية.
يقول المرحوم الكاتب عبد الله القصيمي( وهو سعودي من القصيم التابعة لنجد احدى الامارات الرئيسية في العربية السعودية ولد 1907 وتوفي 1996) ان “العرب ظاهرة صوتية” جاء ذلك في كتاب ألّفه بذات العنوان وهو يتحدث مسترسلا بأفكاره ليصف هذا النوع من الثقافة العربية وعلاقتها بمحيطها الكوني فيتمنى بل ويطالب ان يُكتب فوق كل منبر عربي وعلى غلاف كل كتاب عربي والصفحات الاولى من صحفنا العربية وان يوضع على كل فم عربي هذا الهتاف او التمجيد :
( ايها الكذب البليد ، ايها النفاق الفضاح المفضوح ، ايها الغباء الجاهل ، ايها الجهل الغبي ، ايها الصهيل العقيم البذئ ، ايها السقوط، ايها العار الفكري والنفسي والاخلاقي والفني والتعبيري ، ان كل المجد والسلطان لك) من كتابه العرب ظاهرة صوتية الصفحة السادسة منه.
من خلال هذه العبارات ومعاناة القصيمي نشم ثمة رائحة وجع وخوف كان يلاحقه منذ خمسينيات القرن الماضي لتتشابه الأحداث في الزمان والفكر والتوجه بينه وبين الكاتب الاخر جمال خاشقجي مع اختلاف المكان ولكن الآلة القاتلة واليد القاتلة هي ذاتها التي تخرج من ارض نجد والحجاز كما هو تعبيرالمستشرقين والباحثين ورحالة العالم الذين مروا ببلادنا العربية .
في العام ١٩٥٤ – ١٩٥٥ طالب السياسي المصري صلاح سالم ضاغطا باتجاه إخراج الكاتب القصيمي من مصر الى بيروت وعند وصوله الى العاصمة اللبنانية بدأت المخابرات السعودية تخطط لعملية اغتياله حيث أبلغه بذلك محسن العلي الذي كان آنذاك رئيس الوزراء اليمني المؤقت قال للقصيمي أن المخابرات السعودية ارسلت قتلة مأجورين للنيل منك في بيروت فعلمت المخابرات اللبنانية في الأمر وقامت بإجراء اللازم وحماية القصيمي عند منزله ثم طالبته بالمغادرة من لبنان خوفا على حياته( يبدو تأثير المنشار والعودة إلى مصر حيث عائلته) وفعلا تم ذلك في صباح اليوم التالي رغم تدخل الزعيم الدرزي في حينها السيد كمال جنبلاط من أجل إلغاء هذا القرار .
في مقاربة دقيقة جدا نجد ان التشابه في حالتي خاشقجي والقصيمي تبدوان متشابهتان الى حد بعيد ولكنني اود ان اخبرك ايها الكاتب والأديب عبد الله القصيمي ان حظك يبدو افضل من حظ جمال خاشقجي فهو قد ظفروا به وقطعوه إربا بالمنشار وتناثر لحمه قطعاً واجزاءً فتوزع دمه بين ضباط مخابرات التصفية الجسدية لانه اختلف معهم ومع منهجهم وعقيدتهم وأسلوب حكمهم رغم انه يشبهك في اصوليتك الدينية التي تَحوّلتَ منها الى مراحل إلحادية فانقلبتَ على الوهابية المتشددة ليبقى متمسكا بها نظام ال سعود فيعبث في شعبه قتلا وتدجينا في غياهب السجون على أسس طائفية ليصمت عنه العالم ويبقى نظامنا العربي كما وصفته انت في كتابك بأنهم “”يقتلون الذباب ويصلون لخالقه”” وأود ان اخبرك مرة اخرى بأنهم تجاوزوا قتل الذباب بل يقتلون الانسان ولا يرفّ لهم جفن او يتحرك ضمير حاكم عربي لا بل ان بعض شعوبنا العربية تصفق وتهلل لهم وتبارك تلك الايادي القذرة لسيافيهم وتتبارك بتلك السيوف التي تقطر دما من رقاب الأبرياء ليصمت العالم الغربي كذلك وتحديدا الولايات المتحدة الامريكية برئيسها ترامب حيث يتلاعب بعقول بني البشر ويشكل رأيا عاما اخر بتحريف بوصلة الفهم السياسي الى اخرى بجعل نظام ال سعود حملا وديعا وديمقراطيا وهو ما يتحدث عنه المؤلف هربرت شيللر في كتابه المتلاعبون بالعقول حيث يكشف عن كيفية ان يجذب محركو الدمي الكبار في السياسة والإعلان ووسائل الإتصال الجماهيري خيوط الرأي العام من الإعلام ووسائل الإتصال. فتضيع الحقيقة التي يمثلها النظام الدموي وهو يقتل ابناء شعبه الأبرياء بدم بارد منهم الأطفال ومنهم رجال دين وكسبة وفقا للأطر المذهبية.
مع الملاحظة انا شخصيا لا اتفق مع جميع توجهات الكاتب عبد الله القصيمي فهو من متشدد وهابي سلفي الى الدخول في الإلحاد المطلق مع اعترافه البسيط بنوع من الإيمان.