إيغالُ فسدةِ الفساد في الإفساد يفوق ويتفوّق على تنظيم داعش في كلّ الميادين الأيديولوجية والتعبوية والأمنيّة وسيما التنظيمية , بل أنّ الدواعش يكادوا أن يكونوا من الساذجين والمبتدئين في علم الإجرام .! , والفسَدَةُ يمتلكون وسائلاً وسبلاً وقائية وذاتية بما يتجاوز اعتى اجهزة المخابرات والعصابات ” إنْ لم تكن بعضها منضمّة تحت لوائهم .
أمّا هذه السبل الدفاعية – الوقائية فمعظمها لا تُرى بالعين المجردة ولا بعدسة الميكروسكوب للكثيرين من البشر او المواطنين , ولا نتحدّث هنا جُزافاً او إنشاءً ادبياً , فالقارئ سيتيقّن من ذلك قبل ان يدنو من الأنتهاء من قراءة هذا المقال ” على الأقل .! “
منذ أنْ رفع رئيس الوزراء السابق راية القضاء على الفساد خفّاقةً وترفرفُ ! , ومنذ ايضاً أن تولّى رئيس الوزراء الحالي عبد المهدي الإعلان عن تأسيسِ مجلسٍ اعلى لمكافحة الفساد , وتشكيل لجنةٍ عليا بهذ الشأن , وما تبع ذلك من متابعةٍ صاخبة في الإعلام بهذا الصدد , فكنّا قد كتبنا ولأكثر من مرةٍ وفي ولايتي كلا رئيسي الوزراء بأنّ الإبقاء على وكلاء الوزارات والمدراء العامين في مؤسسات ودوائر الدولة ” وغالبيتهم العظمى ” جرى تنصيبهم منذ عام 2003المشؤوم او بعده بقليلٍ وفقاً لتابعية هؤلاء وصلاتهم ” في القربى والحزبية ” للقيادات الدينية الحاكمة ” وانتماءاتهم الأيديولوجية والسيكولوجية والقلبية الى خارج الحدود ! ودونما حدود , لكنّ ما لوحظَ ” كردود افعالٍ مفترضة ” لم يكن سوى عدم الإكتراث او كأنه تشبّثٌ وإصرارٌ على إبقاء هذه الماكنة التي تنخر بجسد العراق ومن كلّ زاوية وبنهمٍ يتصاعد بتناسبٍ طردي ” وفق الرياضيات والحسابات ” .
ثُمَّ , اذا ماتركنا او هجرنا المنطق ” مؤقتاً او لبرهةٍ ” , فالتحدّث بلغة الحدّ الأدنى من المنطق < الذي قد يصعب حتى على قادة وسادة الفساد من معارضته ! > , فأنّ هذا الحدّ الأدنى من المنطق يفرض الزاميا وادبياً على كلّ رئيس وزراءٍ جديد ومعه رئيسي الجمهورية والبرلمان أن يشرع ويباشر بحملة تطهير وتعقيم ادارية – ووقائية لإزالة واستبدال كافة وكلاء الوزارات والمدراء العامين من كلّ دوائر ومؤسسات الدولة اولاً , فالعقل البشري لا يستوعب وجود عملياتِ فسادٍ مالية وادارية من دون وجود وكيل وزارة او مدير عام , وإلاّ او بعكسه كيف يمرّ تمرير اجراءات الفساد في اروقة وممرات دوائر الدولة من اعلى راسٍ فيها الى الذي يليه والذي بعده .! , لكنّ ما ذكرناه في اعلاه يعزز ويكشف أنّ فسدة الفساد على ثقةٍ عالية واطمئنانٍ نفسيّ أنّ عمليات التغيير والتبديل سوف لن تحدث , ولا حاجة ولا دواعٍ لهم لأستخدام اسلحتهم المضادة والفتاكة , وكأنها من اسلحة الدمار الشامل .!
نقطتانِ بَقِيتا وتتطلب الأشارة اليهما وبأضواءٍ كاشفة ومركّزة , حيث لم نقصد شمول اعلى وادنى المسؤولين الأمنيين في وزارتي الداخلية والدفاع في هذا الحديث المتواضع والمسكين , منعاً وتجنباً الى ايّ تأويلٍ او سواه .! , وايضا اذ لم نتحدث بلغة او بلهجة التعميم لما ذكرناه , انما يتطلب القول أنّ تغيير كامل الهيكلية الأدارية في دوائر الدولة ” ووفق المحاصصة المقيتة ” قد لا يعني أنّ القادمين الجدد هم من صنف الملائكة او مشتقاتهم , لكنّما ذلك قد يقلل من فرص نموّ الفساد والفساد على الأقل , وبأيّ حجم كان!