19 ديسمبر، 2024 6:11 ص

القيادة الدينية : ابوية واجتماعية وسياسية

القيادة الدينية : ابوية واجتماعية وسياسية

تزداد هذه الايام دعوات كثيرة وبشدة تطالب بابعاد مفهوم الدين ورجالاته عن السياسة ,واصحاب هذه الدعوات يتمسكون بمبدا عاشته اوربا في واسط الالفية الثانية تحديدا منذ ظهور نيقولا ميكافيلي صاحب المقولة الشهيرة (الغاية تبرر الوسيلة ) وعانت من تدخل رجالات الكنيسة المفرط بشؤون ادارة دولهم والذي تسبب بضياع شعوبهم وانزوائها في غياهيب الجهل والظلام ,وقد نتج عن هذا التدخل فهم خاطىء لكل مناحي الحياة بانواعها الاجتماعية والسياسية والدينية ادى بالنتيجة الى نفور الناس من الكنيسة باعتبار انها المؤسسة الدينية لذلك الزمان ,ولكن وبعد ان ضربت الكنيسة ولجا الناس الى قيادة انفسهم بعيدا عن تدخلاتها بدات اوربا تتعلم وتدخل سلك التقدم والتطور ولكن على حساب غيرها فهي لم تستخدم الطريق الصحيح لذلك بل لجات للقوة فاحتلت الكثير من دول العالم ونهبت ثرواتها وقصص التاريخ معروفة في هذا المجال .
اقول اعتمد مطالبي فصل الدين عن السياسة على تلك الوقائع يرافقها جهل فكري وديني لدور الدين في ادارة شؤون الحياة يتلبس هذا الجهل بمفاهيم يدعي قائليها انها سمة التحضر والانفتاح .ولكن بقراءة بسيطة لواقع الحياة وفي اي مكان في العالم نرى ان الدين لم يكن في يو من الايام عائقا امام الامم والشعوب لتتطور ولتبني نفسها ولكن العائق هو عدم فهم الناس لدور الدين في الحياة وسوء استخدام من يدعي التدين للدين لذلك ظهرت هنات هنا وهناك حسبت على الدين ظلما , وحقيقة الامر ان الدين كمنظومة آلهية هو من افضل طرق الحياة واحسن ادوات تنظيمها لو استغل باسلوبه الحقيقي بادارة شؤون الحياة وانه اي الدين فيه من التطور العصري الذي يلائم جميع اوقات الحياة وبمختلف انواعها وهوينظم طبيعة العلاقة بين العبد وربه وينظم كذلك العلاقة بين مكونات الشعب من ادارة وقيادة ورئاسة الى شرائح الناس المتعددة فهو بمثابة مقياس نجاح تجارب الحكم التي مرت في التاريخ ولنا في الدولة الاسلامية مثال حي وبسيط نلمس من خلاله القيمة العظيمة التي كان يتميز بها الحاكم وتسابقه في فعل الخير لابناء شعبه فكان رسول الله (ص) قائدا حقيقيا فاعلا ومربيا فاضلا وابا حنونا لكل الدولة الاسلامية وعبر عن ذاته بكثرة الممارسات التي كان يمارسها في الحياة مع ابناء دولته فكان بحق القائد والاب والمربي ورجل الدين في نفس الوقت ,فهل اثر الدين على الدولةاو على السياسة بل على العكس كان الدين يمارس بصورته الصحيحة وعلى اعلى مستوى من رحمة ومودة وايثار وتقوى وتكافل اي معنى مااصل اليه ان الدين هو وعاء لكل مناحي الحياة وان السياسة هي جزء صغير من اجزاء الدين وهي تمثل المسؤولية والشرف للذي يريد البناء والتقدم وتعميق وتقوية العلاقة بالله جل جلاله ,لذلك من وجهة نظري اقاصرة ان الداعين الى فصل الدين عن السياسة هم واهمون لايعرفون الدورالحقيقي لرجل الدين بانه الاب الروحي لكل فصائل المجتمع وهو الجهة الرقابية الواعية لاداء القيادات السياسية وهم صمام الامان للبلاد بمجرد لاسامح الله تعرضها لخط داخلي او خارجي ولكن باستدراك بسيط اقول ان ممارسات بعض ممن يحسبون على رجال الدين الخاطئة اوصلت قسم من الناس الى علو صوتها لهكذا مطالبات .
ان صوت الضمير الحي والمنطق السليم يحتم علينا جميعا المطالبة بان يكون الدستور الحاكم هو كتب الله وسنة نبيه الكريم (ص) لانهما عنوان الحق والصح وانهما مترابطان بلا تجزا لمن اراد مرضاة الله تعالى اولا وشعبه وابناءه ثانيا .

أحدث المقالات

أحدث المقالات