في الجاهلية، قبل الإسلام، كان وجه الرجل يسود من احتقان الغضب اذا جاءه مولود أنثى. للتخلص من “المصيبة” كانت التقاليد والأعراف (القانون بمفهوم هذه الأيام) تسمح للأب ان يدفن المولود وينتهي الأمر. يتوهم من يظن ان ذلك القانون الذي الغاه الإسلام وأعاد بذلك للأنثى اعتبارها الإنساني والوجودي، قد انتهى. كل ما هنالك تغير اسمه من وأد البنات الى “الإجهاض الجنسي”، بناءاً على جنس الجنين. وبينما كان الوأد ينهي حياة الأنثى، فإن الإجهاض الجنسي يعرض حياة الأم أيضاً للخطر، او على الأقل، يترك عليها آثاراً ضارّة، خصوصا في المجتمعات الفقيرة التي لا تحظى بقدر كافٍ من الرعاية الصحية.
بيَّنَ أكبر تحليل للسكان في كل أنحاء العالم ان عمليات الإجهاض بناءاً على إختيار جنس المولود، تسبب في قتل ٢٣ مليون أنثى كحد أدنى، أغلبهن في الصين والهند. المعروف ان العديد من المجتمعات يفضلون الذكور على الإناث، وبينما أصبح الناس في هذا العصر يميلون عموما الى الأسر الصغيرة، قليلة المواليد، بسبب صعوبات الحياة، فضلا على سياسات تحديد النسل التي تتبعها حكومات مختلف الدول، اختيارا او فرضا، فقد زاد عدد العوائل التي تفضل اللجوء الى إجهاض الأجنات الإناث لضمان امتلاك ولد واحد على الأقل.
في الولادات الطبيعية، عادة ما يكون عدد الأولاد ١٠٣ الى ١٠٧ لكل ١٠٠ بنت. التحليل البياني المذكور وجد زيادة غير طبيعية في عدد المواليد الذكور في ١٢ بلداً منذ سبعينيات القرن الماضي عندما اصبح الإجهاض الجنسي في متناول اليد.
قامت فينكينغ جاو، من الجامعة الوطنية في سنغافورة، وعدد من زملائها بجمع وغربلة وتركيب بيانات الولادة من عام ١٩٧٠ الى عام ٢٠١٧ عبر ٢٠٢ بلداً، وفق نمذجة علمية تملأ الفجوات التي تتكون بسبب شحة البيانات الإحصائية من البلدان الفقيرة بحيث تصبح الدراسة اكثر تطابقا مع الواقع العالمي الفعلي.
خلال هذه المدة، وجدوا زيادة سنوية ملحوظة في المواليد الذكور في بعض الأعوام، في كل من البانيا وأرمينيا وأذربيجان والصين وجورجيا وهونغ كونغ والهند وكوريا الجنوبية ومونتينيغرو وتايوان وتونس وفيتنام.
في كل واحد من هذه البلاد، باستثناء فيتنام، وجد الفريق ان الحيد في معدلات جنس المواليد بين الذكور والإناث سرعان ما يعود الى مقداره الطبيعي. حتى في الصين، وجدت الدراسة ان الصين التي تشهد ٥١٪ من حالات الإجهاض الجنسي ضد الإناث سجلت تراجعا لا بأس به. في عام ٢٠٠٥ كان معدل المواليد الذكور في الصين، ١١٨ لكل مئة أنثى، الا ان المعدل تراجع الى ١١٤\١٠٠ عام ٢٠١٧. “مع انه لا يزال فوق المعدل الطبيعي لصالح المواليد الذكور” حسب قول جاو.
بينما عاد المعدل الى طبيعته في بلاد مثل جورجيا وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ، فقد وجد الفريق انحدار الزيادة في معدل المواليد الذكور كان طفيفاً في الهند ووصل الى ٤٦٪ فقط مقارنة بالأجنة الإناث الموءودات، والوضع مقارنة مع الصين اقل سوءاً. يقول سابو جورج من مركز الدراسات التنموية النسائية الهندي: اذا أخذنا في نظر الإعتبار ولادة ١٢ مليون أنثى لدينا سنويا مقارنة بسبعة ملايين فقط في الصين، نستنتج ان ارتفاع معدلات المواليد الإناث في الهند يبشر بتقدم ملحوظ ضد الإجهاض الجنسي بالرغم من ان الميزان لدينا لا زال مختلا.