19 ديسمبر، 2024 1:23 ص

القتال في القرآن 23/27

القتال في القرآن 23/27

الموضوع أعد باللغة الألمانية، ثم ترجمته لاحقا إلى العربية، عندما كنت مؤمنا بالإسلام، وما يكون بين مضلعين [هكذا] يمثل موقفي بعدما تحولت إلى الإيمان العقلي اللاديني.

سورة التوبة – الآيتان 5 و6:

«فَإِذَا انسَلخ الأَشهُرُ الحرُمُ فَاقتُلُوا المُشرِكينَ حَيثُ وَجَدتُّموهُم، وَخُذوهُم وَاحصِروهُم وَاقعُدوا لَهُم كُلَّ مَرصَدٍ، فَإِن تابوا وَأقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلّوا سَبيلَهُم، إِنَّ اللهَ غَفورٌ رَّحيمٌ. وَإِن أَحَدٌ مِّنَ المُشرِكينَ استَجارَكَ فَأجِرهُ حَتّى يَسمَعَ كَلامَ اللهِ، ثُمَّ أَبلِغهُ مَأمَنَهُ، ذالِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لّا يَعلَمونَ.»

وهنا نجد الأسباب الآتية لوجوب وقف الحرب:

1. «فَإِن تابوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلّوا سَبيلَهُم»: الإقلاع عن أعمالهم العدوانية والدخول في الإسلام. قد يُشكِل البعض بإجبار المشركين على إشهار إسلامهم، ولو شكليا. والجواب أن هذا حكم خاص بمشركي مكة في زمن الرسالة، وليس حكما عاما. [حتى كونه حكما خاصا ليس بمبرر، فهنا (إكراه) على الإسلام و(إكراه) على النفاق، وإلغاء لمبدأ «لا إِكراهَ فِي الدّينِ»، فهي دعوة للمشركين أن ادخلوا الإسلام، ولو من غير قناعة، فالإسلام يستقبل (المنافقين) من جهة، مع إنه هو الذي أكرههم على النفاق، ثم يكيل لهم من جهة أخرى كل أنواع اللعن والوعيد التي يمتلئ بها القرآن، فهم «فِي الدَّركِ الأَسفَلِ مِنَ النّارِ»] ثم إن المسلمين كانوا قد عرضوا عليهم التعايش السلمي، ولكنهم أصروا لأكثر من عقدين على اختيار العنف وسيلة لمواجهة الدين الجديد، ومارسوا كل ألوان الاضطهاد والمحاربة [ولكن كم لدينا في التاريخ من أمثلة تحوُّل الضحية إلى جلاد، والمظلوم إلى ظالم، والمناضلين من أجل التحرر أو التحرير إلى طغاة ومستبدين]، ومع هذا فهناك مرونة في هذا الحكم كما في الآية اللاحقة:

2. «وَإِن أَحَدٌ مِّنَ الُمشرِكينَ استَجارَكَ فَأجِرهُ حَتّى يَسمَعَ كَلامَ اللهِ، ثمَّ أَبلغهُ مَأمَنَه»: حيث يكفي استجارة المشرك برسول الله وطلب الأمان لديه، والاستماع فقط إلى كلام الله، دون أن يترتب على ذلك أثر ما بدليل «فَأجِرهُ»، و«ثُمَّ أَبلِغهُ مَأمَنَهُ»، و«بِأَنَّهُم قَومٌ لّا يَعلَمونَ». [لا ينكر أن هذه الآية نموذج جميل للتسامح، لو سار القرآن على نهجه على طول الخط لكان أجمل] ثم إن من آيات المبادئ أن «لا إِكراهَ فِي الدّين» [وبينت أن المبادئ التي يضعها القرآن فيما كنت أعدّه ما يمثل جوهر الدين، غالبا ما ينقضها في التفاصيل والتشريعات والسلوك]، وهذا يستقيم مع «وَإِن أَحَدٌ مِّنَ المُشرِكينَ استَجارَكَ فَأجِرهُ حَتّى يَسمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبلِغهُ مَأمَنَهُ» التي توحي بحرية الاعتقاد، وليس بالضرورة مع «فَإِن تابوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلّوا سَبيلَهُم» التي توحي بالإكراه على دخول الإسلام، بل يمكن أن يكون الإكراه هنا لمشركي قريش كما بينت حالة استثنائية، لا تعمم على عصر آخر، وعلى جغرافية أخرى. [هذا كان يمثل أمنيتي، ومن خلال ما بينته من وقوع فهمي آنذاك بين قطبي جذب متضادين، من جهة إيماني أن القرآن كتاب الله، ومن جهة ثقتي بأن الله لا يمكن أن يشرّع للقتل والقتال والعداوات والاحتراب بين الناس، فمن يقول إن الإكراه على دخول الإسلام كان حكما استثنائيا؟ نعم هذا فهم للإسلام حمّال الأوجه، وفهم آخر في المقابل يتضادّ معه، بل قد ينقضه، ثم أليس هناك دعوة بمقاتلة أهل الكتاب الذين لم يقتنعوا بالإسلام وبقوا على دينهم، بنص: «قاتِلُوا الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِاللهِ وِلا بِاليَومِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسولُهُ وَلا يَدينونَ دينَ الحقِّ مِنَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ حَتّى يُعطُوا الجزيَةَ عَن يَّدٍ وَّهُم صاغِرونَ» أي أذلاءُ مهانون.]

أحدث المقالات

أحدث المقالات