خاص : كتبت – نشوى الحفني :
خرجت في “محافظة البصرة”، أقصى جنوب “العراق”، الجمعة، مسيرات ضخمة جابت أغلب المناطق في المحافظة لدعم مطالب تحويلها إلى “إقليم”.
حمل المشاركون علم الإقليم المفترض، والذي يتكون من الألوان الأزرق والأبيض والأخضر يتوسطه شعار يرمز إلى الثروة النفطية الكبيرة التي تتمتع بها المحافظة.
وتشهد “البصرة” حراكًا جماهيريًا للمطالبة بتشكيل “الإقليم” على خلفية تردي الخدمات وعدم الاستفادة من ثروات المحافظة النفطية لتحسين الواقع الخدمي والمعاشي فيها.
وكشف عضو مجلس محافظة البصرة، “مجيب الحساني”، عن استعدادات واسعة رسمية وشعبية لمظاهرات تطالب بتشكيل “إقليم البصرة”.
قائلًا إن: “المظاهرات تأتي وفقًا لدعوات جماهيرية؛ وبتأييد حكومي محلي، للمطالبة بتشكيل إقليم البصرة”.
وأضاف أن المظاهرات تُعبر عن مطلب شعبي حقيقي، نظرًا للظروف التي تمر بها “محافظة البصرة”، كما أنها تشكل ورقة ضغط على الحكومة العراقية التي لم تلبي مطالب الجماهير. مؤكدًا على أن “الموازنة المالية لعام 2019؛ لم تكن منصفة لمدينة البصرة”.
تشكيل الإقليم راجع لإرادة الأهالي..
من جانبه؛ أعلن رئيس مجلس محافظة البصرة، “صباح البزوني”، أن تشكيل الإقليم منوط بإرادة أهالي “البصرة”.
قائلًا، في مؤتمر صحافي، إن: “مجلس محافظة البصرة قدم طلبًا حول إعلان تشكيل إقليم البصرة، إلى رئيس الوزراء، عادل عبدالمهدي، ومجلس النواب، ومن المؤمل أن يتم تحويله إلى مفوضية الانتخابات خلال 15 يومًا”.
وأضاف أنه: “بمجرد نقل الطلب من رئاسة الوزراء إلى مفوضية الانتخابات؛ عندها سيكون الأمر والقرار بتشكيل إقليم البصرة منوط بسكانها فقط”.
إنذار لرئيس الوزراء..
فيما حذر السياسي البصري، أحد أبرز الداعين إلى تشكيل إقليم البصرة، “محمد الطائي”، الخميس الماضي، رئيس مجلس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، بشأن تشكيل إقليم بالمحافظة.
وقال “الطائي”، في مؤتمر صحافي، أنه قدّم الإنذار بواسطة كاتب العدل في “البصرة” إلى رئيس مجلس الوزراء، إضافة إلى وظيفته، مردفًا بالقول إن الإنذار استند إلى أنه سبق أن تم تقديم طلب “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات” لتحويل “البصرة” إلى إقليم، استنادا للدستور والمادة الخاصة بالأقاليم.
وأضاف أن المفوضية قد أصدرت قرارها، في 17/ 8/ 2015، واعتبرت الطلب مستوفي للشروط والقانون، وفاتحت مجلس الوزراء بذلك.
وتابع “الطائي”: “نحن مضطرون للجوء إلى المحاكم المختصة؛ إذا لم تتم الاستجابة إلى هذا الإنذار الرسمي الذي تم تقديمه من قبلي كمواطن عراقي، وخاصة بعد حصول جماهير البصرة على موافقة تحويل المحافظة إلى إقليم من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات”.
“الصدر” يحذر من التقسيم..
ودخل زعيم التيار الصدري، “مقتدى الصدر”، على خط أزمة “الإقليم”؛ مؤكدًا على إرادة الشعب المظلوم الذي يريد إنهاء معاناته، لكنها ليست الحل.
وقال “الصدر”، في تغريدة عبر (تويتر): “الإقليم إرادة شعب مظلوم يريد إنهاء معاناته، لكن الأقاليم ليست حلاً، فمسؤولوا الإقليم سيسهل عليهم سرقتكم، وسيمعنون في الفساد والظلم، وسيتسلط علينا وعليكم الطامعون من الداخل والخارج، فينعموا بخيراتكم بصورة أكثر، وسيستضعفونكم فيسهل احتلالكم”.
وأضاف: “يا شعب العراق، حافظوا على عراقكم واحدًا موحدًا، أرضًا وشعبًا، هذه نصيحتي لكم، والأمر أولًا وآخرًا للشعب”.
تحذير من إقتتال داخلي..
من جانبه؛ حذر (تحالف الفتح)، المقرب من النظام الإيراني، في وقت سابق، من حدوث إقتتال داخلي، في حال تم تحويل “محافظة البصرة” إلى “إقليم”.
وقال القيادي في التحالف، “عامر الفايز”، في تصريحات صحافية، إن: “انتشار السلاح بيد العشائر والفساد وعدم إستتباب الأمن يشكل عوائق كبيرة أمام إقامة الإقليم في البصرة بالوقت الحالي”.
وحذر “الفايز” من أن “الصراعات السياسية قد تؤثر سلبًا على الإقليم؛ وهناك جهات لا تعلم مدى خطورته لو أقيم في الوقت الراهن”، مضيفًا أن: “تداعيات الإقليم قد تجر البصرة إلى إقتتال عشائري وطائفي، ولذلك نحن رافضون إقامته في الوقت الراهن”.
رفض لتحويل المحافظة لإقليم..
وعبر “الحزب الشيوعي العراقي” عن رفضه لتحويل “محافظة البصرة”، الغنية بـ”النفط” و”الغاز”، إلى “إقليم”.
وقال سكرتير الحزب، “رائد فهمي”، أن: “قضية المطالبات الحالية بتشكيل إقليم البصرة غير مناسبة من حيث التوقيت”.
وعد تلك المطالبات “مشروعًا إقليميًا لخلق الفوضى السياسية بهدف تقسيم البلاد في المستقبل”.
وكان “مجلس محافظة البصرة” العراقية، الغنية بـ”النفط”، أقصى جنوب “العراق”، قد صوت مؤخرًا بالأغلبية المطلقة على تحويلها إقليمًا، داعيًا المحافظات الراغبة إلى الإلتحاق بالإقليم المزمع. وإنطلقت دعاوى “إقليم البصرة”، في وقت مبكر بعد الغزو الأميركي، في 2003، لكنها لم تتكلل بالنجاح لأسباب عدة، منها عدم موافقة الحكومة الاتحادية، في “بغداد”، على السير بالإجراءات القانونية لإعلان الإقليم.
ونشب سجال حاد بين أعضاء في “مجلس النواب العراقي”، عن “محافظة البصرة”، والحكومة المحلية في المدينة، بعد تصويت الأخيرة على تحويل المحافظة إقليمًا مستقلًا، وذلك في سياق أزمة ممتدة منذ عشرات السنين.
وفي نفس السياق؛ دخلت محافظة “ذي قار”، جنوب “العراق”، على خط الحراك الدائر لإنشاء “إقليم البصرة” المحاذية لها، وذلك في مسعى للإنضمام إلى الإقليم الجديد حال إنشائه.
وينص الدستور العراقي الدائم على حق “كل محافظة أو أكثر، في تكوين إقليم بناءً على طلب بالاستفتاء عليه”. وتتم العملية بإحدى طريقتين: “طلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم، أو طلب من عُشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الإقليم”.
أوله إقليم ونهايته دولة..
تعليقًا على الأحداث، رأى الخبير القانوني المعروف، “طارق حرب”، أن تشكيل “إقليم البصرة” بداية لإعلانها دولة مستقلة عن “العراق”، وأن ثلاث دول ستشجع على ذلك، وهي “السعودية” و”الكويت” و”إيران”.
وقال “حرب”، في تصريح نشره على مواقع التواصل الاجتماعي: “حذارِ حذارِ من إقليم البصرة؛ بدايته إقليم ونهايته الدولة البصرواية التي تصنعها الدول المجاورة للبصرة”.
مضيفًا أن: “إقليم البصرة ليس إقليم كُردستان؛ لأسباب عديدة أهمها أن كُردستان إقليم داخلي محاط بدول من جميع الجهات، أما إقليم البصرة فلها منفذ بحري على المياة الدولية؛ وإذا كان العراق والدول المجاورة غلق الحدود البرية لكُردستان كما حصل سنة 2017”.
وأردف “حرب” بالقول أنه: “ليس للدول غلق الحدود البصرة بشكل يماثل ما حصل بالنسبة لكُردستان؛ كون البصرة تطل على الخليج والمياه الدولية التي لا يستطيع العراق والدول المجاورة غلقه، يضاف إلى ذلك أن إقليم كُردستان محاط بدول تقف ضد انفصاله، كإيران وتركيا وسوريا، في حين أن إقليم البصرة مُحاط بدول صديقه له وهذه الدول، إيران والسعودية والكويت، فأنها إن لم تعمل على انفصال البصرة فأنها تشجع الانفصال”.
وتابع “حرب” أن: “البصرة تملك من الاقتصاديات والمال ما يمثل عشرة أضعاف ما يملكه كُردستان، وهذه وغيرها ستؤدي إلى انفصال البصرة وإقامة الدولة البصراوية، فحذار حذار من ذلك”.
ودعا “حرب”، “رؤساء الأحزاب والكتل السياسية، التي لم تطلب تأجيل الإقليم إلى المسارعة إلى منع إقامة الإقليم عن طريق تبصير أهل البصرة برفض مشروع الإقليم الذي يؤدي لا محاله إلى إقامة الدولة البصراوية الجديدة”.