خاص : كتبت – د. نبراس المعموري :
تعيش الأنظمة العربية الديكتاتورية دائمًا كابوس انفجار غضب شعوبها المكتوم.. وهذا ما حدث في “السودان” مؤخرًا؛ الذي تصاعد غضب شعبه احتجاجًا على تدهور الأوضاع الاقتصادية المصاحبة لإرتفاع أسعار “الخبز”، نهاية عام 2018، وشملت الاحتجاجات 14 ولاية من أصل 18، سقط خلالها عشرات القتلى والمصابين، ولعل نجاة الرئيس السوداني، “عمر البشير”، من هبات شعبية سابقة؛ حفزه على مواصلة خوض المعركة دون مبالاة لما سينجم عن تصاعد المد الثوري والغضب الشعبي. ورغم ما قام به “البشير”؛ من إجراءات حصنت له الحكم بتوليه منصب “القائد الأعلى للقوات المسلحة”، جعل سيناريو الانقلاب الداخلي مستبعدًا، إلا أن الوضع المأزوم، عمق الخلافات داخل النظام، وتولدت صراعات متعددة، مما أدى إلى فرز قوى موجودة وكامنة ترى في استمرار النظام، بعجزه الراهن، تهديدًا لمصالحها.. يرافق كل هذا مؤشر علاقات “السودان” الخارجية وتحالفاته الدولية والإقليمية التي ظلت تسبح في أداء متناقض متقلب باستمرار، متجولًا في مواقفه المهادنة تارة لـ”الولايات المتحدة”، وتارة لـ”روسيا”، مرورًا بـ”إيران” و”السعودية”، وكذا الحال بالنسبة إلى دول الجوار الإفريقي، وموقف تلك القوى حسب مصالحها.
الاحتجاجات، التي استمرت 4 أشهر ضد حكم “البشير”، الذي دام لأكثر من ثلاثين عامًا؛ لدولة تعداد سكانها 40 مليون نسمة، أدت إلى تجمهر آلاف المحتجين أمام القصر الرئاسي في “الخرطوم”؛ ليعبروا عن استيائهم على تردي الأوضاع، وتصاعد مطالبهم إلى تنحي رئيس الجمهورية وإسقاط نظام الحكم بالكامل، عبر تحالف قوى المعارضة، (قوى الإجماع، ونداء السودان)، للمشاركة في موكب “تجمع المهنيين” السودانيين، وتسليم مذكرة لرئاسة الجمهورية تؤكد على المطلب الرئيس للمحتجين؛ وهو تنحي رئيس الجمهورية عن السلطة، رغم تعهد الأخير بإجراء إصلاحات اقتصادية، إلا أنه في النهاية عجز عن إيجاد مخرج للأزمة، لا سيما بعد أن دخل “الجيش السوداني” أخيرًا على خط الاحتجاجات الشعبية مساندًا مطالب المحتجين والمتظاهرين.
عزل “عمر البشير” وإعلان المجلس العسكري الإنتقالي..
اعتصام المتظاهرين لأربع ليالٍ متتالية أمام مقر “الجيش السوداني” عجل من دخول الأخير على خط المطالب الشعبية بشكل رسمي، لتعلن “اللجنة الأمنية العليا” عن نفسها، وقد تم تشكيلها عند بدء الاحتجاجات والاعتصامات، برئاسة وزير الدفاع وبتكليف من الرئيس السوداني، والتي كانت مهمتها إيجاد حلول ترضي طموحات المعتصمين، إلا أنها في النهاية اصطدمت بحقيقة “الرؤية الأمنية” التي لا يملك “نظام البشير” غيرها في معالجة الأمور وقد أدت إلى طريق مسدود؛ مما تطلب من “اللجنة العليا” حسم الوضع بإتخاذ قرار عزل الرئيس، “عمر البشير”، وإعلان وزير الدفاع السوداني، “عوض بن عوف”، يوم 11 نيسان/أبريل 2019، وتأديته القسم “رئيسًا للمجلس العسكري الإنتقالي”؛ الذي ضم الجيش وجهاز الأمن والمخابرات وجهاز الشرطة وقوات الدعم السريع، التي تراجعت عن المشاركة، في محاولة لتهدئة الشارع السوداني الذي يرى جزء منه أن مشاركة هذه القوات في إدارة المرحلة، يعزز الهواجس من أن ما يحصل ليس سوى “إعادة إنتاج نظام الإنقاذ”، لا سيما أن “قوات الدعم السريع”؛ قد سبق لـ”البشير” تشكيلها، قبل سنوات، من عناصر تنتمي إلى قبائل عربية لمواجهة الحركات المسلحة التي انتفضت عليه في “إقليم دارفور”، ومتهمة من قِبل “المحكمة الجنائية الدولية” بإرتكاب جرائم حرب في الإقليم، ولتخفيف الضغوط الدولية عمد “البشير”، في السنوات الأخيرة، إلى إلحاقها بتشكيلات القوات المسلحة.
ويرى مراقبون أن خطوة رئيس قوات الدعم السريع، “مدان دقلو”، المعروف، بـ (حميدتي)، بالانسحاب من المجلس؛ محاولة لتبديد هواجس الشارع وإظهار أن ما حصل ليس “انقلابًا” بل هو استجابة لمطالب الشارع المنتفض على حكم “البشير”.. في المقابل يرى آخرون أن هذا الإعتذار قد يكون نتيجة انقسام داخل “المجلس العسكري الإنتقالي” ذاته !
وقال “دقلو”، في بيان له عبر مواقع التواصل: “إن قوات الدعم السريع ترفض أي حلول لا ترضي الشعب السوداني”، وطلب من قادة الانتفاضة، (قيادة تجمع المهنيين، ورؤساء الأحزاب، والشباب)، فتح باب الحوار والتفاوض للوصول إلى حلول ترضي الشعب السوداني وتجنيب البلاد من الإنزلاق إلى الفوضى.
بيان المجلس العسكري الانتقالي..
أصدر “المجلس العسكري الانتقالي”، فور تسلمه قيادة إدارة البلاد، بيانًا من 22 نقطة متضمنًا ثلاثة محاور.. جاء المحور الأول منها معالجًا الشأن الداخلي شاملًا :
1 – تشكيل مجلس عسكري انتقالي يتولى إدارة حكم البلاد لفترة انتقالية مدتها عامان.
2 – تعطيل العمل بدستور “جمهورية السودان” الانتقالي، لسنة 2005.
3 – إعلان حالة الطواريء، لمدة ثلاثة أشهر، وحظر التجوال، لمدة شهر من الساعة العاشرة مساءً إلى الرابعة صباحًا.
4 – إغلاق الأجواء لمدة 24 ساعة؛ والمداخل والمعابر في كل أنحاء “السودان” لحين إشعار آخر.
5 – حل مؤسسة الرئاسة، من نواب ومساعدين، وحل مجلس الوزراء القومي على أن يُكلف وكلاء الوزارات بتسيير العمل.
6 – حل المجلس الوطني ومجلس الولايات.
7 – حل حكومات الولايات ومجالسها التشريعية، وتكليف الولاة ولجان الأمن بأداء مهامهم.
8 – استمرار العمل طبيعيًا بالسلطة القضائية ومكوناتها، وكذلك “المحكمة الدستورية” والنيابة العامة.
9 – دعوة حاملي السلاح والحركات المسلحة “للإنضمام إلى حضن الوطن والمساهمة في بنائه”.
10 – المحافظة على الحياة العامة للمواطنين دون إقصاء أو إعتداء أو انتقام، أو إعتداء على الممتلكات الرسمية والشخصية وصيانة العرض والشرف.
11 – الفرض الصارم للنظام العام، ومنع التفلت ومحاربة الجريمة بكل أنواعها.
12 – إعلان وقف إطلاق النار الشامل في كل أرجاء “السودان”.
13 – إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين فورًا.
14 – تهيئة المناخ للانتقال السلمي للسلطة؛ وبناء الأحزاب السياسية؛ وإجراء انتخابات حرة نزيهة بنهاية الفترة الانتقالية؛ ووضع دستور دائم للبلاد.
أما المحور الثاني؛ فقد أهتم بالعلاقات الخارجية وأشار إلى :
1 – الإلتزام بكل المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات بكل مسمياتها المحلية والإقليمية والدولية.
2 – استمرار عمل السفارات والبعثات والهيئات الدبلوماسية والمنظمات الدولية.
3 – صون وكرامة حقوق الإنسان.
4 – الإلتزام بعلاقات حسن الجوار.
5 – الحرص على علاقات دولية متوازنة، تراعي مصالح “السودان” العليا وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.
المحور الثالث والأخير؛ تضمن نقاط إجرائية :
1 – تأمين الوحدات والمناطق الحيوية والجسور وأماكن العبادة.
2 – تأمين واستمرار العمل في المرافق والاتصالات والموانيء والحركة الجوية.
3 – تأمين الخدمات بكل أنواعها.
المعارضة ترفض حكم العسكر..
عبّرت قوى المعارضة السودانية عن رفضها للحكم العسكري، وطالبت بتسليم السلطة لحكومة انتقالية مدنية، مهددة في الوقت نفسه بمواصلة التظاهرات إلى حين تحقيق مطالب الحراك الشعبي، وأعلن المتحدث الرسمي باسم قوى الإجماع الوطني، “ساطع الحاج”، أنهم يرفضون أي عملية استبدال للسلطة العسكرية بسلطة عسكرية أخرى، وأن مطلب الثورة كان الإطاحة بـ”نظام عمر البشير”؛ مع استبدال السلطة نهائيًا بحكومة مدنية.
ورغم إعلان حظر التجوال الليلي، من قِبل “المجلس العسكري الانتقالي”، إلا أن آلاف المتظاهرين واصلوا اعتصامهم، مساء 11 نيسان/أبريل 2019، لليلة السّادسة أمام مقرّ “القيادة العامّة للجيش” في “الخرطوم”، وهذا تطلب من “قوات الدعم السريع”، إصدار بيان، عبر مواقع التواصل، موجه لقادة الانتفاضة، (قيادة تجمع المهنيين ورؤساء الأحزاب وقادة الشباب)؛ لفتح باب الحوار والتفاوض للوصول إلى حلول ترضي الشعب السوداني وتجنيب البلاد الفوضى، إلا أن استمرار الاعتصامات والاحتجاجات الشعبية أجبرت رئيس “المجلس العسكري الانتقالي” على تقديم استقالته، بعد يوم واحد فقط من تسنمه المنصب، موضحًا في خطاب بثه التليفزيون الرسمي؛ إن استقالته جاءت “حرصًا على تماسك المنظومة الأمنية والقوات المسلحة، من الشروخ والفتن”.
وفي أول قرار له، أمر رئيس المجلس الانتقالي الجديد بإطلاق سراح جميع الضباط الذين حموا المتظاهرين، داعيًا قوى المعارضة للاجتماع، وأﻋﻠﻦ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻤﻜﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ، ﺍﻟﻔﺮﻳﻖ ﺃﻭﻝ “ﻋﻤﺮ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ”، ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻫﻢ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ، مشترطًا ﺗﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻮﺯﺍﺭﺗﻲ “ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ” ﻭ”ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ”، ﻣﺆﻛﺪًﺍ على ﻋﺪﻡ إﻗﺼﺎﺋﻬﻢ ﻷﻱ ﺣﺰﺏ ﺃﻭ ﺟﻬﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ أﻭ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺴﻠﺤﺔ، وبدأ حوار مع المحتجين المعتصمين بمقر القيادة العامة للجيش السوداني وسط العاصمة، “الخرطوم”، مؤكدين لهم وقوف الجيش مع مطالبهم في انتقال السلطة إلى حكومة مدنية.
مواقف دولية وعربية..
تباينت المواقف الدولية والإقليمية والأممية تجاه التغييرات التي حصلت في “السودان”، وتراوحت بين مؤيد ومعارض وحذر، لا سيما بعد مناشدة رئيس حركة تحرير السودان، “الهادي إدريس يحيى”، المجتمع الدولي والإقليمي، بعدم الإعتراف بسلطة الانقلابيين الجدد وإجبارهم على إرجاع الشرعية إلى الشعب السوداني.
فقد طالب الأمين العام للأمم المتحدة، “أنطونيو غوتيريس”، كافة الأطراف في “السودان”؛ إلى الهدوء والتحلي بأقصى درجات ضبط النفس، مبديًا استعداد الهيئة الأممية لتقديم الدعم للشعب السوداني في مسيرته المستقبلية، أما “وزارة الخارجية الأميركية” فقد أصدرت بيانًا أكدت من خلاله أن الاحتجاجات عكست بوضوح إرادة الشعب السوداني لإنهاء حكم “البشير”، وضرورة تسليم السلطة لحكومة مدنية في أسرع وقت ممكن.
منسقة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، “فيديريكا موغيريني”، أشارت من جانبها إلى رغبة الشعب السوداني في التغيير، وأن العملية السياسية الموثوقٌ بها هي من تتمكن من خلالها أن تلبّي تطلّعات الشعب السوداني وتؤدي إلى الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي تحتاج إليها البلاد.
أما المتحدث باسم الرئاسة الروسية، “دميتري بيسكوف”، فقد عبر عن إن ما يجري في السودان “شأن داخلي”، معربًا عن أمل “موسكو” في عودة الأوضاع إلى الأطر الدستورية في “السودان”، وقال “بيسكوف”، في تصريحات صحافية: “نراقب الوضع عن كثب في السودان، ونأمل ألا يكون هناك تصعيد في الوضع يمكن أن يؤدي إلى خسائر بشرية، وعودة الوضع في السودان في القريب العاجل إلى الإطار الدستوري”.
من جانبه؛ سارع النظام المصري إلى إعلان دعم انقلاب الجيش السوداني، وشددت “وزارة الخارجية المصرية”، عبر بيان رسمي، على دعم “مصر” الكامل لخيارات الشعب السوداني الشقيق، وإرادته الحرة في صياغة مستقبل بلاده. ودعت “مصر”، المجتمع الدولي، إلى دعم خيارات الشعب السوداني، وما سيتم التوافق عليه في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة، مناشدة الدول “الشقيقة” و”الصديقة” مساندة “السودان”، ومساعدته على تحقيق الانتقال السلمي نحو مستقبل أفضل.
الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، عبر؛ خلال مؤتمر صحافي، إن بلاده لديها علاقات متجذرة مع “السودان”، وتريد مواصلتها، مؤكدًا على ضرورة خروج “السودان” من هذا الوضع بأجواء أخوية، وتفعيل المرحلة الديمقراطية بأسرع ما يمكن.
هذا وطالبت “المحكمة الجنائية الدولية”، السلطات السودانية، بتسليم “عمر البشير” تنفيذًا لقرار صادر عن “مجلس الأمن الدولي”، وهو لا يزال ساريَ المفعول. كما سارعت كل من “أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وبلجيكا وبولندا” إلى دعوة “مجلس الأمن الدولي”، يوم 12 نيسان/أبريل 2019، لعقد جلسة خاصة لبحث أحدث تطورات الشأن السوداني.
الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، “آنييس فان دور مول”، قالت في بيان رسمي: “فرنسا تتابع عن كثب تطور الوضع متمنية أن يتم الاستماع لصوت الشعب، وأن تحدث التطورات الجارية من دون عنف”.
كما قال وزير الخارجية البريطانية، “غيريمي هانت”، إن وجود مجلس عسكري في “السودان”، لعامين، ليس حلًا، “وضرورة التحرك نحو قيادة مدنية ممثلة للشعب سريعًا”.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، “بهرام قاسمي”، أن التطورات الأخيرة في “السودان” شأن داخلي، معربًا عن أمله في أن تلتزم جميع الأطراف السودانية بضبط النفس.
أما رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، “موسى فقيه محمد”، إن المفوضية تتابع تطورات الوضع، معربًا عن قلق “الاتحاد الإفريقي”، وإقتناعه بأن إطاحة الجيش بـ”البشير”، ليس الرد الأمثل على التحديات التي تواجه “السودان”، وأدان “الاتحاد الإفريقي”، في بيان على موقعه الإلكتروني، أي تغيير غير دستوري للحكومة؛ وألزم الدول الأعضاء باحترام سيادة القانون والمباديء الديمقراطية وحقوق الإنسان.
انقلاب أم ثورة ؟
تعيش المنطقة العربية بأسرها على قنبلة موقوتة، تتسم بضعف المنظومة الأمنية والسياسية والاقتصادية؛ فالدول العربية تعاني من عجز تجاري وعجز في المدفوعات، والبعض يعاني من ندرة السلع الغذائية والبضائع، لذا يبدو الاستقرار السياسي في الدول العربية هشًا للغاية.
لقد أبلت الأنظمة العسكرية بلاءً حسنًا في استعادة الأمن والنظام، لا سيما في “مصر”، إلا أن إمكانية خفض معدل التضخم السكاني في هذه الدول، سيكون معجزة بالنسبة لنظام عسكري.. لم يستوعب النظام العسكري في “السودان”، طيلة السنوات الماضية، أن لا حالة الطواريء، ولا منع التجول، ولا اتهامات الخيانة، قد حالت دون استمرار الحراك الشعبي بالمطالبة بحكم مدني، ومن ثم عزل “البشير”، لتكون النتيجة مجلس عسكري وعامين إضافيين للحكم، لذا لغاية الآن لا يمكن الجزم بأن 11 نيسان/أبريل، سيمثل بداية الإنتقال إلى الديمقراطية في “السودان” أم الإنتقال من دكتاتورية إلى أخرى ؟.. لا سيما أن المتظاهرين تحدوا حظر التجوال بعد عزل “البشير”، والأخطر أن يحدث صدام مسلح بين قوات الأمن وبعض المجاميع المسلحة.
السؤال المطروح الآن: هل يعيش “السودان” حاليًا انقلابًا رابعًا؛ يضاف إلى رصيده من الانقلابات العسكرية التي شهدها، منذ 1956، أم ثورة شعبية ؟
إن استبدال العسكر، الذين تولوا زمام الأمور فور إسقاط “البشير”؛ بالمدنيين المستقلين والمتخصصين في الشأن السياسي، وإدارة الدولة، يحظون بقبول جماهيري ودولي وعربي؛ سيسهم في تغيير إيجابي، ويكون الحل الأمثل لعقدة الحكم العسكري، وتقويض التحديات الكبيرة التي يواجهها “السودان” بالإرتكاز على الديمقراطية والتحول الديمقراطي لبناء دولة مدنية سليمة، مع الأخذ بنظر الاعتبار التجارب السابقة التي حصلت في البلدان العربية التي شهدت تحولات ديمقراطية باءت بالفشل.