خاص : ترجمة – آية حسين علي :
إنتشلت مدينة “الرقة” السورية من قبضة تنظيم (داعش) الإرهابي قبل عام ونصف العام، ولا زال يمثل خطرًا وتهديدًا على حياة سكانها، بسبب حجم الدمار الذي خلفه، وكمية الألغام الأرضية التي زرعها قبل هزيمته.
وعلى مد البصر تطل مباني متهدمة تنتشر أطلالها في الطرق، بينما يتجول عمال إعادة الإعمار في كل مكان في محاولة إلى ترميم ما يمكن ترميمه من مباني وجسور وغيرها، وتجميع رفات الدمار ونقله إلى أماكن أخرى لإخلاء الشوارع أمام المارة وإعادة الحياة، ومد خطوط المياه والصرف الصحي.
ورغم مرور فترة ليست بقصيرة على تحرير المدينة التي إتخذها التنظيم معقلًا له؛ إلا أن عمليات إعادة التعمير المرتبطة بالبنى التحتية لم تنتهِ بعد، نظرًا للدمار شبه الكلي الذي لحق بها خلال أعوام من سيطرة الدواعش، إذ تدمرت شبكة الصرف الصحي والمياه والكهرباء بشكل كامل، وكان على “لجنة إعادة الإعمار” أن تعيد مد الخطوط لإيصال المياه والكهرباء إلى كل منزل في المدينة التي كان يطلق عليها قديمًا “عروس الفرات”.
الألغام الأرضية خطر حقيقي..
لم توصد صفحة خطر (داعش) من حياة أهالي “الرقة”، بمجرد هزيمته العسكرية بعد أشهر من المعارك بين عناصره من جانب و”قوات سوريا الديموقراطية” الكُردية، المدعومة من “الولايات المتحدة”، من الجانب الآخر، إذ لا يزال يمثل تهديدًا حقيقيًا على حياتهم، بسبب آلاف الألغام الأرضية التي زرعها التنظيم في كل مكان بالمدينة بهدف منع المدنيين من الفرار.
يدرك المسؤولون ذلك، وصرح رئيس لجنة الإعمار، “إبراهيم الحسن”، بأن اللجنة وفرق إزالة الألغام تمكنا من تطهير المدينة بشكل شبه كلى وإزالة الألغام منها، لكنه لم يستبعد وجود ألغام أرضية أخرى لم تنفجر بعد.
الأطفال أول الضحايا..
يُعد الأطفال هم أول ضحايا ألغام (داعش) ومن بينهم، طفل يدعى، “عمر”، (10 أعوام)، إذ انفجر لغم فيه، بينما كان يلعب مع أصدقاءه بين أطلال المباني المتهدمة، ومر على أحد الألغام فبتر ساقاه، وقال الطفل، لصحيفة (إل كلارين) الأرجنتينية: “لقد انفجر اللغم؛ بينما كُنت ألعب مع أصدقائي، هذه الألغام وضعها (داعش)”، ووقع الحادث، الذي أفقد الطفل ساقيه، بعد تحرير مدينة “الرقة” بفترة وجيزة.
لحسن الحظ قدم “مركز الأطراف الصناعية”، التابع لمؤسسة “صناع الأمل”، والوحيد في المدينة، لـ”عمر” ساقين صناعيين، بعدما رأوا حالته على موقع التواصل الاجتماعي، (فيس بوك)، وقال الطفل للصحيفة الأرجنتينية: “حُرمت من المشي، وكُنت أرى الأطفال يلعبون بدرجاتهم دون أن أستطيع اللعب معهم”.
وبعد تركيب الأطراف الصناعية بات في مقدوره الذهاب إلى مدرسة أنشأتها منظمة إنسانية أخرى، “صناع المستقبل”، لضحايا الحرب من الأطفال، وأضاف، بينما يجلس بالقرب من جدران المدرسة وقد أرتسمت إبتسامة على وجهه: “أشعر بالسعادة هنا، يدرسوا لنا رياضيات وأمور كثيرة، أطمح أن أصبح صحافيًا في المستقبل”.
وأعرب، وهو جالس في مقعده بالمدرسة، عن أمله أن يتمكن كل أطفال “سوريا”، الذين حرموا من القدرة على المشي أو العيش حياة طبيعية، من الحصول على أطراف صناعية.
وتُعد الفتاة، “خولة”، (9 أعوام)، ضحية جديدة من ضحايا (داعش) بعد هزيمته، إذ انفجر لغم أرضي حرمها من ساقها اليسرى، بينما كانت تتجول بين أطلال المنازل التي خلفتها الحرب بالقرب من منزل والدها، وفقدت الفتاة الساق اليسرى بأكملها بداية من عظمة الحوض، لكنها حصلت على طرف صناعي يعوض ما أخذته منها الحرب.
وقالت “خولة”، للصحيفة: “الآن بات بإمكاني الذهاب إلى المدرسة، قبل ذلك لم أكن قادرة على اللعب مع الأطفال”.