خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
يقول الكاتب الإسرائيلي المتخصص في الشأن الفلسطيني، “شلومي إلدار”، إنه حتى كتابة مقاله هذا، ليس معروفًا إن كان حزب “اليمين الجديد”؛ بزعامة “نفتالي بينيت” و”أيليت شاكيد”، قد تخطى نسبة الحسم في الانتخابات الأخيرة أم لا.
وعندما علم “بينيت” – الذي كان قد نصب نفسه وزيرًا للدفاع في الحكومة القادمة – مدى فشله في الانتخابات زعم أن الجنود سيدعمون حزبه مثلما يقوم هو بدعمهم.
الأحزاب اليمينية ترى ضرورة ضم الأراضي الفلسطينية..
يضيف “إلدار”؛ أنه حتى لو أنقذته أصوات الجنود من طي النسيان وتخطى حزبه نسبة الحسم بأربعة مقاعد فقط في “الكنيست”؛ فلن يكون لـ”بينيت” و”شاكيد” تأثير كبير في الحكومة اليمينية المتطرفة التي سوف يشكلها “بنيامين نتانياهو”.
ومع ذلك؛ فإن البذور التي زرعها “بينيت”، في فترة حكومة “نتانياهو” الرابعة، سوف تنبت الآن، في حكومة “نتانياهو” الخامسة.
وقد بدأ “بينيت” يدعو إلى ضم الأراضي الفلسطينية، منذ عام 2012، وخلال المعركة الانتخابية الحالية سارت على خطاه جميع الأحزاب اليمينية؛ بما في ذلك “نتانياهو” نفسه، وأصبح شعار: (ضم الأراضي) مألوفًا ومشروعًا في الخطاب العام الإسرائيلي.
وبعدما قضى اليمين الإسرائيلي على شخصية رئيس السلطة الفلسطينية، “محمود عباس”، واعتبره عقبة أمام تحقيق السلام، وعندما بات معظم الإسرائيليين لا يؤمنون بإمكانية تحقيق السلام مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين لشعبين, لم تعد مسألة ضم الأراضي الفلسطينية تبدو وهمية؛ بل باتت خطوة ضرورية في نظر أنصار الأحزاب اليمينية.
محاولات سابقة أسقطها “نتانياهو” !
خلال فترات حكوماته السابقة؛ كان “نتانياهو” يُسقط أي محاولة يمينية لضم الأراضي، ففي شباط/فبراير 2018، أسقط مشروع القرار الذي تقدم به عضوا الكنيست، “يوآف كيش”، من “حزب الليكود”، و”بتسلئيل سموتريتش”، (وكان وقتها من “حزب البيت اليهودي”، وهو الآن رقم 2 في اتحاد أحزاب اليمين)، لفرض السيادة الإسرائيلية على الكتل الإستيطانية.
وزعم “نتانياهو” أن دعم مشروع القانون، قبل عرض خطة السلام التي يتبناها “ترامب”، من شأنه أن يمنع ضم الأراضي مستقبلًا. وهكذا أيضًا تم إحباط الاقتراح بفرض السيادة الإسرائيلية على مستوطنة “معليه أدوميم”.
“نتانياهو” سيسعى لبسط النفوذ الإسرائيلي..
أما الآن فقد بات الوضع مختلفًا، ولن يكون هناك خيار آخر أمام “نتانياهو”، فرغم ما حققه من إنجاز كبير وحصوله من جديد على ثقة الشعب الإسرائيلي الذي منحه فترة حكم خامسة؛ إلا أنه يمر بحالة من الضغوط والتوتر أكثر من أي وقت مضى.
فقبل ثلاثة أيام من إجراء الانتخابات الأخيرة، وتحديدًا في السادس من شهر نيسان/إبريل الحالي، قال “نتانياهو”، في لقاء للتليفزيون الإسرائيلي، إن هناك مباحثات حول فرض السيادة الإسرائيلية على مستوطنة “غوش عتصيون”.
ولتأكيد ذلك؛ فقد أردف قائلًا: “أنا الذي سعيت لإصدار إعلان الرئيس، ترامب، للإعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، وأنا الذي أقنعته بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وأنا لن أقبل بتقسيم القدس ولن أُخلي أيه مستوطنة إسرائيلية؛ وسأسعى لبسط الهيمنة الإسرائيلية على كل المناطق الواقعة غرب نهر الأردن”.
وحتى يؤكد “نتانياهو” مدي جدية نواياه، فقد أوضح: “سننتقل إلى المرحلة القادمة لفرض السيادة الإسرائيلية تدريجيًا على أراضي الضفة الغربية. وأنا أيضًا لا أفرق بين الكتل الإستيطانية وبؤر الإستيطان المنعزلة، فكل بؤرة من هؤلاء هي في نظري أرض إسرائيلية، ولن أعيدها للفلسطينيين”.
بعد أن اختصر مدة زيارته الأخيرة لـ”الولايات المتحدة”، بسبب التصعيد على حدود “قطاع غزة”، وأثناء العودة لـ”إسرائيل”؛ قال مسؤول سياسي للصحافيين، إن إعتراف “الولايات المتحدة” بسيادة “إسرائيل” على “مرتفعات الجولان” يُرسي مبدأ جديدًا، يمكن من خلالة بسط السيطرة على باقي المناطق التي تم احتلالها خلال الحرب الدفاعية.
موضحًا : “وبعدما كان الجميع يقول بعدم جواز الإبقاء على أية منطقة محتلة؛ فقد أصبح الأمر ممكنًا الآن. وأية منطقة تم احتلالها في حرب دفاعية فهي لنا”.
يعتقد “نتانياهو” أنه سيمكنه الحصول على دعم الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، فيما يخص ضم مناطق معينة، ولا سيما الكتل الإستيطانية الكبرى؛ مثل “معليه أدوميم” و”أريئيل”.
لكن المشكلة؛ هي أن لوائح الاتهام التي تنتظر “نتانياهو” تجعله أكثر توترًا، وهي أيضًا تزيد من شهية وأطماع الأحزاب اليمينية المشاركة له في الائتلاف الحكومي.
“قانون الحصانة” مقابل ضم الأراضي !
خلال الحملة الانتخابية المكثفة؛ أدلى “نتانياهو” بتصريحات لا حصر لها لوسائل الإعلام الإسرائيلية، لكنه لم يتعهد بدعم أي مشروع قانون يحول دون إحالته للمحاكمة.
والآن فإن عضو الكنيست، “سموتريتش”، الذي من المنتظر أن يتولى منصبًا وزاريًا في الحكومة المقبلة، يسعى من الآن لسن قانون كهذا.
فبمجرد الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات، أعلن “سموتريتش” صراحة ودون مواربة: “لقد فازت كتلة اليمين، وستكون هناك حكومة يمينية في إسرائيل خلال السنوات الأربع المقبلة. وأهم شيء هو إعادة قانون الحصانة لما كان عليه في عام 2015”.
وبحسب “قانون الحصانة”، لا يجوز أحالة أعضاء “الكنيست” للمحاكمة. وأكمل “سموتريتش” قائلًا: “قبل يومين وعد نتانياهو بفرض السيادة الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية؛ وهذا الوعد ينبغي الوفاء به”.
معنى ذلك؛ أن ائتلاف الأحزاب اليمينية سيمنح “نتانياهو”، قانون الحصانة، الذي سيخلصه من لوائح الاتهام، وفي المقابل فإن “نتانياهو” سيفي بوعده وسيفرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.